مقالع "الخرنوبة".. نعمة أم نقمة على أهالي مدينة الرحيبة؟


ما يزال العمل متوقفاً حتى اللحظة في مقالع الرخام في المنطقة المعروفة محلياً باسم "الخرنوبة" والواقعة إلى الشرق من مدينة الرحيبة، نتيجة الخلاف الأخير الحاصل بين مختلف فعاليات المدينة العسكرية والمدنية على حدٍ سواء، الأمر الذي انعكس سلباً على مئات العمال الذين مضى على توقفهم عن العمل قرابة الشهرين.

يعود سبب الخلاف وفق ما أكدّه مصدر مطلع من "الهيئة الشرعية" في مدينة الرحيبة-فضل عدم الكشف عن نفسه- إلى أن الإذن والتصريح قد مُنح في البداية إلى "لواء الصناديد" للعمل في مقالع "الخرنوبة" في الجزء المسمى بمقالع "الدولة" الذي كان النظام يستثمره في وقتٍ سابق.

وأضاف المصدر في تصريح خاص لـ"اقتصاد" أن "لواء الصناديد" تعهد في تلك الفترة بتقديم جزء من العوائد المالية الناجمة عن إعادة استثماره للمقالع إلى "الهيئة الشرعية"، وذلك من أجل تغطية نفقات صندوق الشهداء والمعتقلين في "المجلس الثوري المحلي" لمدينة الرحيبة.


وأشار كذلك إلى أن عدد الشهداء في مدينة الرحيبة يصل إلى نحو250 شهيداً، بينما يُقدر عدد المعتقلين بحوالي 40 معتقلاً، وقد شكل هذا العدد الكبير مع مرور الوقت عائقاً أمام قدرة "المجلس المحلي" على تغطية نفقات أسر الشهداء والمعتقلين وكفالة أبنائهم، حيث أنه كان يعتمد على ما يحوله قسمٌ من مغتربي المدينة ميسوري الحال في الخارج من أموال لكفالة الأيتام ورعايتهم.

ووفقًا للمصدر فإن "لواء الصناديد" لم يقم بإعطاء "الهيئة الشرعية" سوى مبلغ 200 ألف ليرة سورية فقط، منذ بداية عمله في مقالع "الخرنوبة".

 وعند سؤال "أبو حذيفة عماد" المسؤول الأول في اللواء، عن العوائد المالية التي من المفترض تقديمها لصندوق الشهداء في المجلس، نفى علمه بهذا الأمر وادّعى أن الاتفاق مع "الهيئة الشرعية" نصّ على تكفل "لواء الصناديد" بشهدائه البالغ عددهم حوالي 30 شهيداً.


المصدر عاد وأكدّ عدم تلقي بعض أسر شهداء "لواء الصناديد" أنفسهم، أي مبالغ مادية، وتفضيل أسر على حساب أخرى أثناء توزيعهم للرواتب، ما اضطر "المجلس المحلي" لتعويض الأسر التي لم تتلقى أي رواتب من صالح صندوقه المنهك أصلًا في ظل تراجع الدعم المقدم له، وارتفاع تكاليف المعيشة.

وبحسب توقعات المصدر فإن العوائد التي جمعها "لواء الصناديد" خلال الفترة الماضية، من وراء استثماره لمقالع الخرنوبة، تزيد عن 120 ألف دولار أمريكي، وهو ما لم يفصح عنه اللواء حتى الآن، كما أن اللواء يستفيد من خبرة "أبو حذيفة عماد" الطويلة في مجال استثمار المقالع والمكاسر في منطقة "الخرنوبة".

ونوّه المصدر، إلى أن "لواء الصناديد" يتقاضى مبلغاً وقدره 10 آلاف دولار أمريكي، شهرياً، من "قوات الشهيد أحمد العبدو"، وذلك بموجب اتفاق قديم جرى التوصل إليه قبل سنوات بين قادة الجانبين، إضافةً إلى عوائد أخرى من تشغيل شاحنات خاصة لنقل البحص والرمل من مكاسر "الخرنوبة" و"البترا" إلى مدن وبلدات المنطقة، وهو ما يغطي جميع النفقات الشهرية للتشكيل العسكري وشهدائه معاً، دون الحاجة للعمل في مكاسر "الخرنوبة".


بدوره يرى "أبو أحمد"، رجل في 40 من عمره، أن لا حاجة لـ"لواء الصناديد" بالعمل في مكاسر "الخرنوبة" ومزاحمة الناس في أرزاقهم، وأرجع السبب في ذلك إلى أن اللواء انخرط في العمل العسكري، ومن المفترض أن شبابه خرجوا لرفع الظلم عن الشعب، واليوم نفاجئ أن أبرز مهام عناصره تنحصر في حمل السلاح والوقوف لحراسة المكاسر التي احتلوها بقوة السلاح.

وقال في تصريحه لـ "اقتصاد"، "الأَولى أن تعود ملكية الأراضي التي تضم مقالع "الخرنوبة" لأصحابها، ولا سيما أن كثيراً منهم ما يزالون يحتفظون بسندات نظامية تثبت ملكيتهم لها قبل مصادرتها من قبل النظام، أو أن تُسلم إلى إدارة مدنية تتولى تعويض أصحاب الأراضي من ناحية، وتغطي نفقات صندوق الشهداء وغيره من الأمور الخدمية في مدينة الرحيبة من جهةٍ أخرى".

وكذبّ "أبو أحمد"، الذي يمتلك معرفة وافية عن عمل المقالع، الأنباء التي يحاول "لواء الصناديد" ترويجها حول عدم الجدوى الاقتصادية الكبيرة من استثمارهم لمقالع "الخرنوبة"، وأوضح: "إذا ما نظرنا إلى عناصر الصف الأول من "لواء الصناديد" لوجدنا أنهم أصبحوا في حالٍ معيشية أفضل بكثير من بقية أقرانهم في اللواء، فمنهم من تحسنت أحواله المعيشية بشكلٍ كبير، ومنهم من دخل في الاستثمار بالمواشي"، مشيراً أيضاً إلى أن هؤلاء يحصلون على جزء من العوائد المالية لاعتبارهم الدائرة الضيقة التي تحيط بـ"أبو حذيفة عماد" المسير الفعلي لشؤون اللواء، ولأنهم يعدون بمثابة المشرفين على تسيير أعمال ونشاطات اللواء المختلفة.

يتبع "لواء الصناديد" إلى "فيلق الرحمن"، ويعتبر أحد أبرز الألوية العاملة في القلمون الشرقي، وشارك مقاتلوه الذين يبلغ عددهم حالياً 70 شخصاً، في العديد من المعارك التي شهدتها المنطقة، وحسب أهالي المنطقة فإن اللواء بدأ يأخذ مساراً مختلفاً منذ رحيل قائده الفعلي "أحمد الطرشة" في أواخر شهر آذار/ مارس من العام 2015.

وحتى اللحظة لم تفلح الجهود التي تمارسها فصائل المنطقة للتوصل إلى حلٍ ينهي ملف الأزمة التي كان لها وقع سلبي على 300 عائلة من أبناء المنطقة، كانت تُحَصِّل قوت يومها من العمل في تلك المقالع، نظراً لصعوبة قبول "لواء الصناديد" بكافة الطروح التي قدمت له من مختلف الفعاليات المدنية والعسكرية في المنطقة.

ترك تعليق

التعليق