بعدما حظرت تركيا تصدير مواد البناء عبر باب الهوى.. ماذا حدث في إدلب؟


في الأسابيع الماضية، أصدر الأتراك قراراً بحظر دخول مواد البناء باتجاه الداخل السوري عبر معبر باب الهوى، الذي يربط بين تركيا ومحافظة إدلب، حيث اكتفى الجانب التركي بإدخال المواد الغذائية والطبية والألبسة والخضراوات، ما أدى إلى شلل تام في حركة العمران التي استعادت عافيتها عشية استقرار المنطقة، كما يؤكد مسؤولون في غرفة تجارة إدلب.

سبب الحظر لا يزال مجهولاً، لكن البعض يربط بينه وبين سيطرة هيئة تحرير الشام على عموم الشمال السوري، في حين تشير مصادر مطلعة إلى احتجاج الحكومة التركية بوصول مواد البناء إلى الإدارة الكردية التي تظاهرها العداء. لكن، أياً كان السبب، فمن المؤكد أن الشمال السوري يعيش أزمة خانقة جراء هذا القرار.

وقال السيد "طاهر أحمد قاسم"، رئيس غرفة تجارة وصناعة سوريا الحرة، لـ "اقتصاد"، إن منع دخول الحديد والإسمنت والمواد الأخرى غير الغذائية، أدى إلى حدوث شلل كامل في الشمال السوري.

وتابع قاسم: "هناك توقف في الحركة العمرانية والبناء في المناطق المحررة. كما تراجع الاقتصاد بشكل عام في إدلب وريفها. توقفت حركة البناء والعمران على كامل المقاييس سواء كان كانت تجارية أو سكنية أو صناعية".

لهيب الأسعار

عشية الإعلان عن اتفاق تخفيف التوتر الذي اقترحته موسكو كحل للأزمة المستعصية في سوريا، شهدت محافظة إدلب حركة ملحوظة أدت لنشوء مشاريع عمرانية جديدة وإلى نشاط ملحوظ في إعادة تأهيل منازل ومحال تضررت من القصف والمعارك.

لكن سرعان ما أخذت الحركة العمرانية بالتراجع بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء لنقص المادة بالأسواق ومنع استيرادها من معبر باب الهوى الحدودي.

وارتفعت الأسعار بنسبة 50% لأغلب المواد، فأصبح كيس الإسمنت الواحد بـ 3500 ليرة بدلاً من 1700 ليرة.

كما توقفت العديد من المعامل المحلية المعتمدة على مواد البناء كمعامل البلوك والبلاط، عن العمل، أو خفضت من إنتاجها.

وارتفع سعر بلوكة التعمير من 95 إلى 125 ليرة. ومتر البلاط من 1750 إلى 2350 ليرة. بينما صعد سعر بلوك (السقف) هودري من 110 إلى 140 ليرة سورية.

"أبو سمير"، صاحب أحد هذه المعامل على طريق إدلب - سراقب قال لـ "اقتصاد": "كان معملي ينتج آلاف القطع من البلوك والبلاط يومياً وكان البيع والسوق جيداً جداً".

وأردف: "أصبحت أعد الإنتاج بالقطعة؛ وأعمل على طلب الزبون، وذلك بعد ارتفاع الأسعار ونفاذ المواد".

وأوضح أبو سمير أنه قام بزيادة أسعار البلوك والبلاط لكنها بقيت غير مستقرة مؤكداً خوفه الدائم من الخسارة في حال انخفضت الأسعار بشكل مفاجئ.

عفرين هي السبب

كحل بديل بعد حظرها من معبر باب الهوى، عمل تجار إدلب على استيراد مواد البناء من معبر باب السلامة الواقع في ريف حلب الشمالي (منطقة درع الفرات) المفصولة عن محافظة إدلب بكانتون كردي يضم عفرين وتل رفعت وعدداً من القرى.

وتأتي المواد من الريف الشمالي مروراً بـ اعزاز، ثم عفرين، وانتهاء بدارة عزة، التي تعتبر الميناء البري للشمال المحرر.

وأوضح "قاسم" مدير غرفة تجارة وصناعة سوريا الحرة، خلال تصريحه، أن البضائع تصل الشمال السوري عن طريق الإدارة الذاتية لعفرين، بأسعار عالية جداً، قد تصل إلى ثلاثة أضعاف عما كانت عليه في السابق.

وقال تاجر إسمنت من محافظة إدلب ويدعى "عبد الرحمن" ﻟـ "اقتصاد"، إن الوحدات الكردية تفرض 40 ﺩﻭﻻﺭ أمريكي على الطن الواحد من مواد البناء، وتشترط نقلها ﺩﺍﺧﻞ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ عبر ﺳﻴﺎﺭﺍﺕ ﻣﺤﻠﻴﺔ.

وتمكن "اقتصاد" من الحصول على وثائق من سائقي الشاحنات التي تقل البضائع توضح حجم المبالغ الطائلة التي تتقاضاها عفرين لقاء دخول البضائع إلى إدلب.

أحد إيصالات القبض سجل فيه مبلغ 400 دولار أمريكي كرسم لإدخال قاطرة ومقطورة تحوي أسلاك كهربائية واكسسوارات.

بينما سجل إيصال آخر مبلغ 650 دولار. وضم إيصال ثالث مبلغ 250 دولار لقاء دخول شاحنتين مجهولتي الوزن ( الوزن غير مذكور في الإيصالين) إلى إدلب.



رسوم باب السلامة

حصل "اقتصاد" على قائمة مفصلة برسوم إدخال مواد البناء من معبر باب السلامة، فكانت على الشكل التالي محسوباً بالطن الواحد لكل مادة وبسعر الدولار:

بالطن:

جبصين 10 دولار
ألواح جبصين 15 دولار
بيلون 10 دولار.
كلس خام 10 دولار.
رمل بحري + نحاتة 5 دولار.
طينة فخارية 8 دولار.
أحجار كبريتية 15 دولار.
فحم حجري 10 دولار.
مسامير وبراغي 17 دولار.
سيراميك 10 دولار.
مغاسل سيراميك 15 دولار.
سلوفان 32 دولار.
جنط كروم 30 دولار.
حجر مرمر غير مشغول 10 دولار.
الواح مرمر – الواح غرانيت 20 دولار.
زيوت معدنية 20 دولار.
بواري من أسمنت 10 دولار.
غربال من تيل 20 دولار.
ألواح من الخشب 18 دولار.
ابواب من الخشب 30 دولار.
مصنوعات خشبية 30 دولار.
خشب باتون 18 دولار.
أعمدة خشبية 18 دولار.
اسمنت أبيض 7 دولار.
اسمنت أسود 5 دولار.
حجر حراري 10 دولار.
حجر أرصفة 10 دولار.
قرميد 5 دولار.
خردوات 30 دولار.
المنيوم ومصنوعاته 30 دولار.
نحاس ومصنوعاته 35 دولار.
حديد باتون 8 دولار.
حديد صناعي 15 دولار.
جنازير من حديد 15 دولار.
تنك فارغ 20 دولار.
تيل باتون 12 دولار.
تيل غسيل 12 دولار.
كبل معدني 20 دولار.
اكسسوارات صحية من معدن 30 دولار.
انابيب معدنية 25 دولار.
شريط لحام 22 دولار.
ريش مقصات 25 دولار.
بودرة لحام 15 دولار.
أحجار لجلي البلاط ( صاروخ ) 22 دولار.
كروم وخاماته 22 دولار.
أدوات منزلية من الكروم 35 دولار.

توقف العمران الأهلي

عقب ارتفاع أسعار مواد البناء توقف معظم الأهالي الذين انهمكوا لأسابيع عديدة في بناء بيوت جديدة عن هذا النشاط، منتظرين رفع الحظر بشأن مواد البناء من معبر باب الهوى.

اكتمل المبنى الواسع المكون من طابقين الذي شيده السيد "أبو عبدو" في إحدى بلدات ريف إدلب، إلا أن الطابق الثاني من المبنى بقي بدون سقف جراء توقف العمل بعد حظر مواد الإسمنت.

وقال أبو عبدو لـ "اقتصاد" إنه لن يعود مجدداً لإكمال بيته حتى تهبط الأسعار التي "ارتفعت بسرعة كالنار في الهشيم".

ارتفاع الأسعار أوقف أيضاً السيد "أبو حسن" عن إكمال وضع أساسات بيته الجديد الذي لم يرتفع بعد. ينتظر أبو حسن كالمئات من أهالي إدلب انخفاض الأسعار دون معرفة المصير المجهول لمشاريعهم الجديدة.

في المقابل نفى "فؤاد السيد عيسى"، مدير منظمة "بنفسج" العاملة في الشمال المحرر، أن تكون منظمته وباقي المؤسسات الإنسانية قد تضررت بقانون حظر مواد البناء على الرغم من ارتفاع الأسعار بشكل جنوني.

وقال عيسى لـ "اقتصاد": "حتى اللحظة لم يتأثر عمل المنظمات الرامي لتأهيل المرافق العامة وتجميل مدن المحافظة"، عازياً هذا الأمر إلى وجود مواد البناء في الأسواق جراء تخزينها لدى التجار.

وأردف عيسى بالقول: "نعم، ارتفاع السعر أثر سلباً علينا لكنه لم يوقف العمل".



ترك تعليق

التعليق