ثلاثة عوامل تضيّق على تربية الدواجن في القلمون الشرقي


تكبد عددٌ من مربي الدواجن في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق، خسائر مادية كبيرة، وذلك نتيجةً لموجات الحر المتتالية التي أصابت المنطقة على مدار الأسابيع القليلة الماضية.

وقال "أسعد أبو علي"، أحد مربي الدواجن في مدينة "الرحيبة"، في تصريح خاص لـموقع "اقتصاد"، "لقد نفق لدي في يومٍ واحد نحو 400 فروج، من أصل 3500 فروج، تتراوح أعمارها بين 35- 40 يوماً، ومعظمها كانت على وشك التسويق"، مضيفاً أن الدواجن الكبيرة والناضجة كانت أكثر تأثراً من غيرها بموجة الحر التي حلّت أواخر شهر تموز/ يوليو، وبداية شهر آب/ أغسطس الجاري.

وأوضح "أبو علي" أن موجة الحر فاقمت كثيراً من خسائره المالية لهذا العام، إذ سبق له أن تعرض لأضرارٍ مماثلة جراء انخفاض درجات الحرارة خلال الشتاء الفائت، تلاها انخفاضات أخرى متواصلة بأسعار الفروج، وهو ما يدفعه جدياً إلى ترك هذه المهنة ولو بشكلٍ مؤقت.

وأشار "أبو علي" كذلك، إلى أن ضعف الإمكانات المادية وقلة الخبرة لديه، كانت عاملاً إضافياً في خسائره المتواصلة، ولاسيما أنه اتبع طرقاً بدائية وغير حديثة في إنشاء المدجنة، ما عرضها لمخاطر الحرارة والبرودة على حدٍ سواء.

من جانبٍ آخر، تمر منطقة القلمون الشرقي بالعديد من الصعوبات التي أدّت إلى عزوف المربين عن هذه المهنة، والبحث عن بدائل تؤمن لهم أرباحاً أفضل، بسبب الحصار الذي تشهده المنطقة منذ ما يزيد عن أربع سنوات، وتحكم حواجز النظام بدخول كافة مستلزمات الإنتاج الخاصة بهذا القطاع إلى المنطقة.

وقال "حازم بكر"، أحد مربي الدواجن في مدينة "جيرود" المجاورة، إن هناك مصاعب عديدة تواجه المربين، أثناء فترة التسمين، حيث يتم الحصول على الصيصان بعمر (يوم واحد) من "حمص" و"حماة"، بسعر يتراوح بين(200) و (300) ليرة سورية، للصوص الواحد.

وأضاف أن بعض التجار من خارج منطقة القلمون، يستغلون الوضع الأمني لمدن وبلدات القلمون الشرقي الخاضعة لسيطرة المعارضة، حيث يقومون بأخذ رسومٍ إضافية بمعدل 25 ليرة سورية، عن كل صوص يدخل إلى المنطقة.

وبيّن في حديثه مع "اقتصاد" أن عملية إدخال الصيصان ولوازم تربيتها تتعرض على الدوام إلى مضايقات أو مصادرات من الحواجز العسكرية التي تحاصر المنطقة، ما يضطر بالمربين إلى دفع "أتاوات" مالية إلى بعض المتنفذين المتعاونين مع النظام.

ولفت أيضاً إلى أن قوات النظام التابعة "للفرقة الثالثة" تقوم بين الحين والآخر، باحتجاز بعض السيارات التي تُورد الصيصان إلى المنطقة، وتماطل في إخراجها، ولا تسمح لها بالعبور إلى داخل المنطقة، إلا في حال تدخل أشخاص محسوبين عليها للتوسط في إخراجها، ما يؤدي إما إلى زيادةٍ في تكاليف الإنتاج على المربين، أو نفوق الصيصان أثناء الحجز كما حدث قبل أيام مع أحد المربين الذي خسر 1000 صوص دفعة واحدة في الحجز.

وعن تكاليف مراحل نمو الصيصان لتصبح جاهزةً لطرحها في الأسواق، أشار "بكر" إلى أن الصوص يحتاج إلى حوالي أربعة كيلو غرامات من العلف ليبلغ العمر المناسب للبيع، كما أن سعر كيلو العلف حوالي (225) ليرة سورية، بينما تتراوح دورة النمو للصوص ليصبح جاهزاً للبيع بدءاً من (40) يوماً وحتى (45)يوماً، ويضاف على كل صوص مبلغ وقدره 200 ليرة سورية، كمصاريف تربية (دواء، يد عاملة، مواد تعقيم، نشارة خشب) وغيرها.

في المقابل يرى "أبو علي" أن الصيصان لا يمكن لها أن تأكل جيداً خلال فترة ارتفاع درجات الحرارة، وقدّر أن تكلفة الكيلو الواحد للفروج تتجاوز 700 ليرة سورية، وهذا يعني خسارة للمربين، لأنهالا تتناسب مع سعر كيلو الفروج الحالي في السوق، والذي يتراوح بين (600) ل.س، و(650) ل.س.

على الرغم من تقلب مناخ منطقة القلمون الشرقي الحار صيفاً والبارد شتاءً، إلا أنها تمتلك شروطاً جيدة -نوعاً ما- لتربية الدواجن، وذلك لما تتمتع به من أراضٍ واسعة بعيدة عن المناطق السكنية، بالإضافة إلى توّفر اليد العاملة ووجود خبرات فنية من أطباء بيطريين.

وتعدّ تربية الدواجن الخيار الأنسب لأهالي منطقة القلمون الشرقي الخارجة عن سيطرة النظام، في ظل ما تعيشه المنطقة من ظروف أمنية متقلبة، وتهديدٍ دائم لأهاليها بإغلاق الحواجز وإطباق الحصار، كما أنها ذات مرود اقتصادي جيد، لا يتطلب الكثير من الزمن، بالمقارنة مع غيرها من المهن، ممّا يدفع بقسمٍ من الأهالي إلى الإقبال على الاستثمار في هذا القطاع.

ترك تعليق

التعليق