لماذا تراجع إقبال أهالي القلمون الشرقي على تموين الملوخية والبامية؟


تحرص معظم العائلات في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق، في كل عام، على تأمين مستلزمات مطبخها المختلفة من المونة بغرض إدخارها لبقية أشهر السنة، شأنها في ذلك شأن بقية السوريين الذين يواظبون على تخزين كمياتٍ كبيرة من المواد الغذائية تحسبًا للشتاء، وصعوبة وصول الأغذية في حالات الحصار.

في هذا الشأن، قال "كفاح الزين"، أحد بائعي الخضار في منطقة القلمون الشرقي، في تصريح خاص لموقع "اقتصاد": "لقد اعتاد أهالي المنطقة في كل عام على تأمين ما يحتاجونه من الملوخية والبامية في وقتٍ مبكر، إلا أن الموسم الحالي شهد تراجعاً ملحوظاً في شراء الملوخية بغرض تموينها، بسبب ارتفاع أسعارها وضعف القدرة الشرائية لمعظم العائلات في المنطقة"، مشيراً أيضاً إلى أن كميات الخضار التي يسمح النظام بمرورها إلى مدن المنطقة، تعتبر قليلة بالمقارنة مع عدد السكان.

وأضاف: "لا شك أن الحصار والنزوح حرما الكثير من أبناء المنطقة ونازحيها على حدٍ سواء، من تموين الملوخية وغيرها من الأصناف المنزلية الأخرى بكميات جيدة. وفي الوقت الراهن لا تستطيع سوى العائلات الميسورة تأمين جميع احتياجاتها من المونة بسبب غلاء الأسعار".

وأردف: "تلجأ الأسر الفقيرة ومتوسطة الدخل، إلى البحث عن الأصناف الرخيصة أو الانتظار إلى قرب نهاية الموسم، لأن ارتفاع الأسعار يُشكل عبئاً مادياً ثقيلاً عليها، وربما تضطر الأسرة لدفع نصف دخلها الشهري في شهر واحد مقابل شراء احتياجاتها من الملوخية والبامية، في وقتٍ يتوجب عليها فيه إدخار المال لتموين المكدوس وتجهيز أبنائها للمدارس في شهر أيلول/ سبتمبر القادم".

وعن أسعار الملوخية في منطقة القلمون الشرقي، أوضح "الزين" بالقول: "سعر كيلو الملوخية الخضراء كان بداية الموسم بـ 1200 ليرة سورية، ويتراوح حالياً بين450 إلى650 ليرة سورية، وذلك تبعاً لنوعيتها وجودتها، وقد ارتفع سعرها عن العام الماضي بحوالي 200 ليرة. فيما يبلغ سعر كيلو البامية البلدية 900 ليرة سورية، أي أن سعرها تضاعف عن العام الفائت بمقدار الضعف تقريباً، بعد أن كان سعرها العام الماضي 500 ليرة، الأمر الذي من شأنه أن يضاعف من ميزانية الأسر المخصصة لمونة الملوخية والبامية لهذا العام، وبالتالي سيدفعها إلى التقليل من الكميات الممونة، كلٌ حسب إمكانياته المادية".


ونوّه "الزين" إلى أنهم كباعة قد لا يتمكنون من إنفاق كامل بضائعهم في اليوم ذاته، ما يضطرهم إلى القيام بتيبيس الملوخية والبامية، وحفظها في مكان مناسب، تمهيداً لبيعها مجدداً في فصل الشتاء القادم للأسر التي لم تستطع تموينها خلال موسم المونة، لكن بأسعار مضاعفة عن أسعار الصيف.

من جهتها، أكدت السيدة "أم فاضل" أن الظروف المعيشية القاسية التي تعيشها المنطقة، دفعت بمعظم العوائل إلى تغيير أولوياتها واللجوء إلى تموين كمياتٍ قليلة من المحاصيل الصيفية ذات الأسعار المرتفعة، واقتصرت المونة بمجملها لهذا الموسم على تجفيف بعض أنواع الخضار والحبوب ذات الأسعار الرخيصة نسبياً.

وقالت في تصريح خاص لها مع موقع "اقتصاد"، إنها اعتادت في كل عام على تأمين جزءٍ من احتياجاتها من الخضار مثل (الفول، البازلاء، البصل، الثوم) عن طريق زراعتها في أرضٍ زراعية تمتلكها العائلة في محيط بلدة "الرحيبة" التي تسكن فيها، إلا أن ندرة المياه وارتفاع أسعارها حال دون ذلك هذا العام.

وأوضحت "أم فاضل" أنها عملت على مدار الأشهر الماضية، على توفير قسمٍ من مصروف العائلة من أجل شراء المونة، ومن بينها الملوخية والبامية، حيث اشترت ما تحتاجه من الملوخية الخضراء من السوق، ثمّ قامت بتعريضها إلى الهواء حتى تصبح يابسة، بعدها قامت بوضعها في أكياسٍ قماشية في مكان جاف، لتقوم لاحقاً بطبخها لعائلتها في أشهر الشتاء، أما البامية فقد قامت بنشرها على سطح المنزل بعد تقميعها، لتجف تحت لأشعة الشمس، وبذلك تصبح صالحة للتخزين والأكل دون الحاجة إلى وضعها في البرادات، حسب وصفها.

ترى "أم فاضل" أنه وعلى الرغم من ارتفاع تكاليف المونة وتراجع قيمة الدخل الشهري لعوائل المنطقة، إلا أن المونة تبقى الخيار الأمثل للأهالي في ظل الظروف الراهنة، كما أنها تعتبر الوسيلة الأكثر فعالية لهم لإعانتهم على مواجهة آثار الحصار المفروض عليهم منذ ما يقارب الأربع سنوات.

ووفقاً لتقديرات "أم فاضل" فإن الأسرة الواحدة المكونة من 5 أشخاص، تحتاج وسطياً إلى 13 كيلو من الملوخية كمونة لفصل الشتاء، بتكلفة مالية تصل إلى 8450 ليرة سورية، أما البامية فإن الأسرة تحتاج إلى 8 كيلو منها، أي ما يعادل 7200 ليرة سورية. ما يعني أن تكلفة مونة الأسرة وفق التقديرات السابقة من الملوخية والبامية بالجودة الممتازة تُقدّر بـ15650 ليرة سورية.

ونوهّت كذلك إلى أن كل 7 كيلو غرام من الملوخية الخضراء، تعطي 1 كيلو غرام ملوخية يابسة، بينما تعطي كل 5 كيلو غرام بامية خضراء 1 كيلو غرام من البامية اليابسة.

تعتمد عملية تموين الملوخية والبامية المتبعة لدى جميع عائلات القلمون الشرقي على طريقتين: إما بواسطة حفظها في الثلاجة أو تجفيفها، وتعدّ الثانية الطريقة الأنسب والأوسع انتشاراً لدى ربات البيوت في المنطقة، خشيةً من تعرض المونة للتلف والفساد بسبب انقطاع الكهرباء لأوقات طويلة عن المنطقة.


ترك تعليق

التعليق