حداد سوري يحوّل البراميل التالفة إلى مقاعد أنيقة في تركيا


في حين تحولت البراميل في سوريا إلى رمز للموت والفناء، آثر الحداد السوري "إبراهيم حاج طه"، المقيم في تركيا، تحويلها إلى رمز للحياة والبهجة ورغبة البقاء. ففي منتصف شارع 323 جانب كراج "يدي أمين" بمدينة الريحانية التركية، تصافح عينا الزائر العديد من الأرائك والمقاعد المطلية بألوان زاهية مصفوفة أمام محل حدادة، وداخل المحل بدا الحرفي حاج طه منشغلاً بقص برميل تالف تحضيراً لتحويله إلى أريكة، وهو العمل الذي دأب على ممارسته منذ فترة ليست ببعيدة، ونالت منتجاته إعجاب الكثير من أبناء منطقته الأتراك، ودفعتهم لشرائها واستخدامها كأماكن للجلوس في الصالونات والمحال والحدائق المنزلية.


عمل الحاج طه، 38 عاماً، حداداً مع والده في محله بمنطقة الراموسة في حلب، وعلى يديه تعلم أصول المهنة قبل عقدين من الزمن، ودأب-كما يقول- لـ"اقتصاد" على تصنيع الأبواب والشبابيك بطريقة فنية وجمالية. وبسبب ظروف الحرب ومعاناته مع انقطاع الكهرباء والافتقار إلى مادة المازوت لتشغيل مولدات بديلة في محله، اضطر إلى ترك بلاده واللجوء إلى تركيا قبل أربع سنوات، ليستقر به المقام في مدينة الريحانية المعروفة بولاية هاتاي (جنوب البلاد)، وهناك افتتح محلاً للحدادة بدأ فيه بتصنيع الأبواب والشبابيك والشماسي، بمساعدة خمسة من العمال اللاجئين مثله.


 واختار طه فيما بعد تطبيق فكرة وجدها على الأنترنت وهي تصميم أطقم الكنبات والمقاعد والطاولات من البراميل التالفة والمتاحة بكثرة في تركيا، وكان هدفه من هذه الفكرة-كما يقول– استغلال فترة البقاء بلا عمل أثناء فصل الشتاء، وخصوصاً أن عماله بحاجة لمصدر عيش في ظروف اللجوء الصعبة.


 وكشف طه أن أحد أصحاب المطاعم الأتراك أمدّه بالتمويل وبدأ بتصنيع منتجاته للمطاعم والكافتريات والفلل والمزارع.


وشرح الحداد السوري طريقة عمله المتمثلة في قص البراميل بشكل طولاني أو عرضاني أو وصل بعض البراميل ببعض لتنفيذ تصميمات أخرى، مشيراً إلى أنه يقوم بعد ذلك بقص البرميل المراد تصميمه وتشبيك مكان الجلوس بعوارض طولية وعرضية ودهنه باللون المطلوب، ثم يضع فوقه ألواحاً من الخشب للتخفيف من قساوة الحديد ومن ثم يقوم بتأثيثه بالإسفنج ليكون جاهزاً للإستخدام.


 وتتضمن المقاعد والأرائك التي يصممها خزاناً (عنبر) لحفظ الأشياء غير الضرورية، ويحتوي بعضها دروجاً وخزائن صغيرة لذات الغرض.


 ولفت محدثنا إلى أن البراميل التي يستخدمها غالباً ما تكون من النوع "المكتوف" أي التالف وغير الصالح للتخزين.


 وتابع الحداد الحلبي أن هناك إقبالاً شديداً على منتجاته من الأرائك والمقاعد المصنوعة من البراميل، وبخاصة من قبل أصحاب المقاهي والكافتريهات، نظراً لأنها فكرة جديدة وغير مسبوقة في تركيا، ولكنه مقل في صنعها لأن الزبائن لا يعطوه الأسعار التي تستحقها وبخاصة أن هذا العمل-كما يؤكد- يستغرق وقتاً وجهداً.


 وكشف محدثنا أن الكثير من المستثمرين عرضوا عليه تمويل مشروعه ولكنه رفض لقناعته بضرورة الاستقلالية في العمل والاقتصار على ما يطلبه زبائنه كي لا يضطر لتكديس منتجاته وعدم تصريفها، وهي القناعة التي نشأ عليها واستلهمها من والده في حلب.


ولقي الحداد السوري تشجيعاً من الوسط المحيط، الشعبي والرسمي، للمضي في فكرته الفريدة والمميزة-كما يقول- مشيراً إلى أن بلدية الريحانية عرضت عليه كنوع من التشجيع تخصيص حيز لوضع إعلاناته مجاناً في دوّاريْ "السيراميك" و"البركة" داخل مدينة الريحانية، ولذلك يفكر جدياً بالتفرغ لهذا العمل ومن ثم إقامة معرض لأعماله في عدد من المدن التركية.





ترك تعليق

التعليق