مازوت "الدولة" يتضاعف.. ونشاط درعا الاقتصادي يتضاءل


على الرغم من الهدوء النسبي الذي تشهده محافظة درعا مع استمرار الهدنة الأخيرة "وخفض التوتر" في المنطقة الجنوبية، تشهد المناطق  المحررة ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الكثير من المواد الاستهلاكية، ولا سيما تلك المواد التي تصل عبر طرق التهريب المارة من مناطق السويداء وريف درعا الشرقي.

وأشار الناشط عبد العزيز عزام، إلى أن "ارتفاع أسعار المواد في المحافظة، سببه الرئيس ارتفاع سعر المازوت، الذي ارتفع بنسبة مئة بالمئة، من 250 ليرة سورية إلى نحو 500 ليرة سورية، وذلك نتيجة المعارك الدائرة في بادية الشام، التي تشكل ممر التهريب الوحيد للمشتقات النفطية القادمة من مناطق سيطرة تنظيم الدولة، نحو السويداء وريف درعا المحرر".

ولفت إلى أن "المازوت القادم من تلك المناطق رغم عدم جودته، وأضراره الصحية والبيئية لعدم خضوعه لعمليات التكرير الضرورية، مازال هو المستخدم على نطاق واسع في كل المناطق المحررة من ريف درعا، سواء في الوقود، أو في تشغيل المحركات ووسائل النقل المختلفة".

وأضاف أن "كميات كبيرة من مازوت تنظيم الدولة الإسلامية /الأنباري/ الأسود، و/الملكي/ الكرزي، تصل عبر طرق تهريب تشرف عليها ميليشيات النظام والشبيحة، وكلها تمر عبر الريف الشرقي لمحافظة السويداء، وتصل إلى مناطق درعا المحررة"، مؤكداً أن المازوت الحكومي قلما يصل إلى المناطق المحررة بسبب الحصار المفروض عليها من قبل قوات النظام، وبسبب ارتفاع أسعاره، وقلة أرباحه، بالمقارنة مع أسعار المازوت المهرب.

 وقال إن "أسعار البنزين شهدت ارتفاعاً طفيفاً مقارنة مع سعر المازوت، نظراً لقلة استخداماته على نطاق واسع مقارنة بالمازوت، حيث ارتفع سعر ليتر البنزين  من 450 إلى 500 ليرة سورية فقط، فيما ارتفع سعر اسطوانة الغاز من 8500 ليرة سورية إلى 9 آلاف ليرة سورية".

ولم يكن الواقع أفضل حالاً بالنسبة للمواطنين والسائقين العاملين على سيارات نقل الركاب، بين مناطق سيطرة النظام والمناطق المحررة، حيث يخضع السائقون والركاب على حواجز النظام، إلى عمليات تشليح وابتزاز.

ويشير عدي العبدالله، 43 عاماً، وهو سائق سرفيس بين مدينة درعا والقرى المحررة، إلى أن "أجور نقل الركاب ارتفعت بمعدل 200 ليرة سورية على الراكب، على تلك الخطوط، حيث أصبحت أجرة نقل الراكب من درعا إلى أي منطقة محررة نحو 1500 ليرة سورية، وبين قرية وقرية أخرى نحو 500 ليرة سورية، بغض النظر عن طول المسافة أو قصرها".

 ولفت  إلى أن "ارتفاع الأجور هو نتيجة طبيعية لارتفاع أسعار المحروقات وقيام الشبيحة وحواجز النظام بفرض أتاوات مالية أو عينية على وسائط النقل، التي تمر عبرها، للسماح لها بالمرور".

وأشار إلى أن "الحواجز تستوفي من الباصات ووسائل النقل كميات من المازوت، وحسب مزاج المسؤول عن الحاجز، حيث يتوجب على صاحب كل سرفيس أو وسيلة نقل، تمر عبر الحاجز، تفريغ من 5 إلى 10 لترات مازوت من خزان وقود السيارة، كأتاوة  للحاجز"، موضحاً أن مجموع ما يجمعه الحاجز من المازوت يصل يومياً إلى نحو خمسة براميل، يقوم المسؤول عن الحاجز ببيعها إلى جهات متعاقد معها، ويتقاسم المبلغ مع عناصره".

من جهته، أكد أبو طارق، 50 عاماً، وهو مستثمر مولدات كهربائية وبائع امبيرات، أن "ارتفاع أسعار المازوت تسبب بتوقف الكثير من المشاريع الاستثمارية الصغيرة، وخاصة تجارة توليد الطاقة الكهربائية وبيع الامبيرات للمواطنين"، لافتاً إلى أنه أوقف مشروعه لعدم قدرة الناس على دفع ثمن الكهرباء المستجرة، بسبب الزيادة في سعر الأمبير، نتيجة ارتفاع سعر المازوت، وهو ما عطل مشروعه، الذي كلفه ملايين الليرات السورية.

فيما أكد عدد من أصحاب برادات النقل، التي كانت تنتج الثلج منذ شهر رمضان، توقفها عن إنتاج هذه المادة، بسبب ارتفاع أسعار المازوت وقلة الأرباح، رغم حاجة الناس لها في هذا الطقس الحار.

وأشار أبو هادي، 37 عاماً، وهو صاحب أحد البرادات، إلى أن "تكلفة إنتاج قطع الثلج، تضاعفت بنسبة مئة بالمئة، نتيجة ارتفاع سعر المازوت، ما يعني ارتفاع أسعار المادة المنتجة بالنسبة للمواطن". 

ولفت  إلى أن "المواطن الذي كان يشتري ثلاث قطع بـ 300 مئة ليرة سورية، أصبح يشتريها بنحو 600 ليرة سورية، الأمر الذي تسبب بتراجع الإقبال على هذه المادة رغم ضرورتها، وبالتالي تراجع إنتاجه اليومي".

من جهته، قال هيثم العايد، وهو بائع مياه شرب بواسطة صهريج زراعي، إن "ارتفاع سعر المازوت رفع ثمن مبيع برميل المياه، من 100 ليرة سورية إلى 150 ليرة سورية"، لافتاً إلى أن أكثر الناس تأثراً بارتفاع أسعار المازوت، هو المواطن العادي، الذي غالباً ما يدفع هذا الفارق بسبب حاجته الماسة للماء، كما للسلع الأخرى.

فيما توقف عدد من الأفران الخاصة عن الإنتاج لنفس السبب. وقال أبو سعيد، 58 عاماً، وهو صاحب فرن خاص، "لم يعد بالإمكان إنتاج رغيف خبز أصغر من الحالي، كما أن الأسعار لم تعد تناسب المواطنين الذين عاد قسم منهم إلى إنتاج الخبز المنزلي"، لافتاً إلى أن الأسرة التي تدفع ثمن ربطتي خبز نحو 750 ليرة سورية، لم يعد مناسباً لها دفع نحو 1000 ليرة لنفس الكمية يومياً".

وأكد أن "كل المواد الأولية الداخلة في صناعة الرغيف من دقيق وخميرة ومشتقات نفطية، يتم شرائها من السوق الحرة، وبأسعار عالية، ما جعل ربطة الخبز والحصول عليها، هماً جديداً، يضاف إلى جملة هموم المواطن المتراكمة في المناطق المحررة".

فيما أكد سامر عارف، 37 عاماً، وهو تاجر مواد غذائية، أن "ارتفاع سعر المازوت انعكس سلباً على معظم المواد، بسبب ارتفاع أجور النقل"، مبيناً أن هذا الارتفاع شمل جميع  المواد الغذائية الواصلة إلى المناطق المحررة والخضار والفواكه  واللحوم والأجبان، وكذلك الخبز والثلج والبيض وغيرها من المواد.

ترك تعليق

التعليق