كيف يهرّب رجال نظام الأسد أموالهم؟


تكثر شركات تحويل العملة من دول الجوار والدول الغربية إلى سوريا. ويتم التحويل عبر أفراد وشركات غير نظامية، تعمل على تهريب أموال رجال السلطة من الداخل السوري إلى الخارج، وتوضع في حسابات وهمية أو تسلم لأشخاص لهم ارتباطات خاصة.

تلاقي المصالح

يمكن لأي شخص موجود خارج سوريا أن يتوجه إلى إحدى شركات تحويل الأموال، أو يتعامل مع أحد الأفراد المتخصصين بهذا العمل، ويحول ما يريد إلى الداخل السوري بأمان، مقابل رسم معين حسب المبلغ المحول، ودون أن يتعرض متلقي الأموال في سوريا لأية مضايقة، ويشترط أن يتم هذا الأمر بسرية.

لا مصلحة لمرسل الأموال أو متلقيها أن يتكلم بالأمر حرصاً على أمان المرسل إليه في سوريا، ولذلك يلتزم المرسل والمتلقي والمحول من الخارج والشركة أو الشخص الذي يدفع له في الداخل، بالكتمان، حرصاً على وصول المبلغ إلى صاحبه، الأمر الذي يحقق مصلحة الجميع.

وتوصل "اقتصاد" بعد دراسة قام بها لمعرفة كيفية التحويل ومن هم القائمون عليه، وكيف يتم الأمر دون معرفة مخابرات النظام السوري، وملاحقة المتلقي في الداخل.

أصحاب المصلحة

تبين لـ "اقتصاد" وجود نوعين من التحويل حسب المبلغ والأشخاص.

المبالغ البسيطة: يتم تحويلها من قبل أفراد لهم علاقات مالية بسيطة في الداخل كدفع ديون، أو إرسال مساعدات مالية إلى أهلهم تعينهم على مواجهة صعوبات الحياة في الداخل، وهذه المبالغ أقل من 200 ألف ليرة سورية عادةً.

أبو محمد الحلبي يرسل مبلغ 100 دولار إلى أخوته في سوريا، كما وضح لـ اقتصاد"، يسلمها لشخص في مدينة غازي عنتاب ويبقى برفقته حتى يستلم قيمتها أحد أخوته في حلب، ويكون قد أخبره سابقاً بأنه سوف يحول له مبلغاً بتوقيت معين، ويصل المبلغ خلال دقائق، ولا يوجد مكان محدد يُدفع فيه المبلغ ويمكن أن يتم ذلك في مكان عام.

وأضاف أبو محمد: "يوجد مكاتب غير مرخصة تقوم بنفس العمل ويمكنك أن تحتفظ بالمبلغ الذي تود إرساله حتى يستلمه المرسل إليه".

المبالغ الكبيرة: وهي خاصة بأعمال تجارية لها ارتباطاتها، وتكون العلاقة مع شركات وتجار بالداخل ورجال سلطة من أصحاب الأموال.

رجال السلطة والشركات يهربون أموالهم

كشف مدير إحدى الشركات التي تعمل في هذا المجال في مدينة غازي عنتاب التركية، طلب عدم نشر اسمه أو اسم شركته، في تصريح خاص لـ "اقتصاد"، أسلوب عمل شركته وبقية الشركات وحتى الأفراد بقوله: "بصراحة نحن لا نحول أية أموال إلى الداخل السوري، وإنما نتلقى الأموال في الخارج التي تقل عن مبلغ 200 ألف ليرة سورية، وفقاً لسعر الصرف في المناطق المحررة، ونخبر أحد المتعاملين معنا ممن يريدون تحويل أموالهم إلى الخارج، ولدينا قائمة كبيرة من المتعاملين، وهؤلاء يخبروننا بما يتوفر لديهم من أموال يريدون تحويلها إلى الدولار، ووضعها في المصارف التركية، تمهيداً لهروبهم من الداخل السوري، وهم يسلمون المبالغ المحولة بالليرة السورية من الموجود بحوزتهم إلى المرسل إليه بسرية كاملة، وبدورنا نتصرف بالمبالغ حسب رغبتهم، سواء بتسليمها إلى أحد الأشخاص أو بتحويلها إلى حساب خاص بهم بالبنك".

وهؤلاء الأشخاص غالباً ما يكونون من سارقي الأموال العامة أو رجال الأمن والدفاع الوطني والموظفين والمسؤولين، الذين جمعوا ثرواتهم بطرق غير مشروعة، حسب وصف المصدر.

والنوعية الثانية: هي من أصحاب الشركات والتجار والمسؤولين من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة، وهؤلاء يتعاملون مع شركات كبيرة أو لديهم شركات خاصة لتحويل الأموال "حمشوـ الوهيب"، يستخدمونها غطاء لتهريب أموالهم من الداخل إلى الخارج، ويتعاملون مع شركات في الخارج، تقوم بتبييض أموالهم عبر صفقات وهمية، وهؤلاء يتمتعون بالغطاء السياسي من قبل القصر الجمهوري ورجال الأمن، ويشاركونهم بنسبة من الأموال المحولة توضع في أرصدتهم بالخارج أيضاً.

الضعف مصدر المصداقية

رغم عدم مشروعية عمليات تحويل الأموال إلا أن الشركات والأفراد العاملين بها يتمتعون بالمصداقية، فالمصالح التي تربطهم ببعضهم تجعلهم يلتزمون بإيصال الأموال إلى الجهات المحولة إليها، وخصوصاً بالنسبة للأفراد، ويحافظون على الخصوصية والأمان، فهم يحتاجون لاستمرار العمل وتدفق أموالهم للخارج ووجودهم في موقف الضعف في الداخل خشية كشف ما يقومون به. وتحويل الأموال الكبيرة تحكمها علاقات تجارية تجعل كل الأطراف مضطرة للالتزام.

ترك تعليق

التعليق