المجلس الإسلامي السوري يحرّم بيع الأراضي والعقارات للإيرانيين


أفتى المجلس الإسلامي السوري، التابع للمعارضة، الثلاثاء، بحرمة بيع الأراضي والعقارات السورية للشيعة الإيرانيين، واصفاً عمليات البيع هذه بأنها "باطلة".

جاء ذلك، في فتوى أصدرها المجلس الإسلامي السوري، ووصل لـ"اقتصاد" صورة عنها، إثر ما اعتبره المجلس "نشاطاً في بيع العقارات في دمشق وحمص وحلب، لجهات متعاملة مع الإيرانيين، مقابل أسعار مغرية".

واعتبر المجلس الذي يتخذ من مدينة اسطنبول التركية مقراً له، شراء وكلاء إيران للعقارات والأراضي، في سياق "الأطماع الإيرانية التوسعية، الهادفة إلى تصدير مشروعها الفارسي".

وأوضح المجلس في الفتوى، أن إيران تعمل على إحداث تغيير ديمغرافي في سوريا، من خلال القتل الجماعي لأهل "السنة"، وكذلك من خلال جلب "الشيعة" من افغانستان وباكستان وإيران، وتجنيسهم من ثم إحلالهم في سوريا.

كما جاء في الفتوى، أن "هذا البيع وإن توفر في صورته شروط وأركان البيع الصحيحة، إلا أنه يؤدي إلى مفاسد عظيمة".

وبيّن المجلس، أن تحريم البيع يشمل كل الحالات حتى لو كان البائع محتاجاً للمال، كما يشمل مساعدة الإيرانيين القانونية، أي السمسرة والفراغة والتعاملات القانونية الأخرى، محتماً على أصحاب المكاتب العقارية "التحقق من هوية الشخص المشتري للعقار، قبل بدء الوساطة العقارية".

من جانب آخر، حث المجلس الأغنياء والميسورين على أن يبذلوا قصارى جهدهم لتثبيت أهل السنة في مدنهم ومناطقهم، وأن يساعدوهم بجزء من أموالهم، لإفشال مخطط أعدائهم، من الذين ساندوا النظام السوري، على حد تعبير الفتوى.

واختتم المجلس الفتوى الصادرة عنه، بدعوة الإعلاميين والحقوقيين، إلى فضح مثل هذه الممارسات أمام الجهات العالمية المعنية.

(أحمد حوى)

وفي تعليقه على توقيت الفتوى، قال عضو مجلس الإفتاء المنبثق عن المجلس الإسلامي السوري، الدكتور أحمد حوى، "بات واضحاً أن هناك مخطط دولي لإفشال الثورة، ما يعني أن فرص التغيير تختفي، ولربما لم يتضح بهذا الشكل حجم وخطورة التغيير الديمغرافي، إلا في السنوات الأخيرة، وبالتالي جاءت هذه الفتوى التي قد يعتبرها البعض متأخرة".

وأشار حوى في لقائه مع "اقتصاد"، إلى أن المناطق المستهدفة بالتغيير الديمغرافي، هي ذات الثقل الطائفي الشيعي أو العلوي، والمناطق التي يدّعي الشيعة أنها تضم عتبات مقدسة.

وسُئل حوى عما إذا كان تحريم بيع العقارات يخص شيعة إيران دون غيرهم من السوريين أو اللبنانيين، فأجاب "للأسف إن القضية باتت متداخلة، ولم يعد ممكناً التفريق بين شيعة سوريا أو غيرهم، وبالمناسبة لم ولن يكن صراعنا طائفياً، لكن عندما انتهى الأمر إلى أن ترضى بعض هذه الطوائف بأن تكون أداة لهذا النظام، فالتحريم يشمل الجميع".

وحول مخاطبة الفتوى لكل السوريين أم للمسلمين السنة منهم تحديداً، أوضح حوى أن الدعوة لكل أبناء الوطن، لكنه أشار بالمقابل إلى أن من يستجيب للفتوى بشكل طبيعي هم أبناء السنة.

ودعا حوى، أصحاب العقارات إلى البحث الدقيق عن الجهة التي ترغب بشراء العقار، قبل اتخاذ قرار البيع.

وعن دعوة المجلس الأغنياء والميسورين للمساهمة في مساعدة السوريين وتثبيتهم في مناطقهم، قال "لقد تجاوب أصحاب رؤوس الأموال وكانوا على قدر المسؤولية، خلال الفترة الأولى من عمر الثورة، ولكن وبكل أسف لقد بدر تقصير من هؤلاء مع طول عمر الثورة السورية"، متمنياً عليهم "إعادة النظر في ذلك".

(مطيع البطين)

من جانبه أشار عضو أمناء المجلس الإسلامي السوري، مطيع البطين، إلى أن الفتوى جاءت بعد تأكد المجلس من وجود صفقات عقارية كبيرة تتورط بها جهات تابعة لإيران، ما أدى إلى قناعة لدى المجلس، بأن ما يجري ليس أمراً اعتباطياً وإنما ضمن مخطط ممنهج، بغية تثبيت دور إيراني فاعل في مستقبل البلاد.

واتهم البطين، إيران بممارسة سياسة تغيّر هوية سوريا بالمجمل، مشيراً إلى تركز عمليات البيع في دمشق وحمص وفي أجزاء من مدينة حلب، بتواطؤ من النظام ومن رأس النظام، بشار الأسد، تحديداً.

وعلى النقيض من حوى، ميّز البطين، في حديثه لـ"اقتصاد"، بين شيعة سوريا، وبين شيعة إيران، موضحاً أن الفتوى، لا تشمل الشيعة السوريين، لأنهم من ضمن النسيج المجتمعي السوري، كما قال.

واستطرد، "إننا نسعى إلى حفظ حق أجيالنا، والفتوى للتاريخ، وليعلم كل سوري بخطورة المخططات الإيرانية التي يتم العمل عليها بدهاء ومكر وخبث"، على حد تعبيره.

وتتهم مصادر في المعارضة، النظام السوري، بالتغطية على جزء كبير من صفقات بيع العقارات لجهات متعاملة مع إيران، كما تشير ذات المصادر إلى احتمال منح النظام الجنسية السورية، لعدد كبير من المقاتلين الذين كان لهم دور في مساندة قواته في المعارك التي خاضتها منذ العام 2011.

ولم يتسن لـ"اقتصاد" الوقوف على مصادر مطلعة في هذا الشأن، نظراً للسرية الكاملة التي تحيط بهذا الملف.

يذكر أنه تم الإعلان عن تأسيس المجلس الإسلامي السوري، الذي يضم علماء دين إسلاميين من المعارضة، في نيسان/أبريل 2014، في مدينة اسطنبول، بغية تكوين مرجعية سنية في سوريا.

ترك تعليق

التعليق