إغراء "تعويضات الجولان" لم يُجدِ نفعاً مع أبنائه في جنوب العاصمة المحاصر


عَقد أبناء الجولان المُحتل في جنوب دمشق المحاصر، مؤتمرهم الأول، مساء أمس، لمناقشة ما أُطلق عليها "مبادرة سلام الجولان"، المُقدمة من عصام زيتون، المُقيم في ألمانيا منذ عقود.

وتسببت المُبادرة بسجال عميق وحاد بين رافضٍ ومؤيد ومُدينٍ ومُباركٍ، كان آخرها في اليومين الماضيين، حيث تطورت الخلافات بين عصام زيتون، والشيخ مُعاذ الخطيب، لتتعدى الاتهامات بالتخوين والعمالة.

واستحوذت المُبادرة على حوارٍ واسع بين أبناء الجولان المُحاصرين في جنوب دمشق منذ سبعة أعوام، لتفضي النقاشات إلى إصدار بيانٍ رسمي وقّعت عليه المجالس المحلية السبعة، وتجمع أبناء الجولان، وتجمع تركمان الجولان، وقادات مجموعات مُسلحة في المقاومة السورية ينحدرون من الجولان المُحتل، أكدّوا فيه أنّ الجولان قضية كل السوريين، ويُبحث أمره بعد الانتهاء من المخاض العسير التي تتعرض له كافة المناطق السورية.

وكان أكثر ما أزعج أبناء الجولان في جنوب العاصمة، البند السادس من "المُبادرة المزعومة"، الذي يتحدث عن "دفع تعويضات لسكان الجولان المتضررين منذ حزيران عام 1967م"، إذ اعتبروه ابتزازاً واضحاً وصريحاً وقفزاً فوق مُعاناتهم المعيشية اليومية ومُتاجرةً بتضحياتهم لتحصيل مكاسب سياسية تُرضي الاحتلال الصهيوني.


نور الدين عليان، عضو المكتب السياسي لتجمع تركمان الجولان، قال لـ "اقتصاد": "نزحنا من الجولان بعد أن باعها وباعنا (حافظ الأسد) عام 1967م، وتركنا خلفنا كُل أملاكنا، ونجحنا في إكمال حياتنا وبنينا منازلنا الجديدة في الريف الجنوبي للعاصمة، وفي ذات الوقت بقينا حالة استثنائية في المجتمع السوري لعقود، لكن بعد عام 2011م عدنا إلى نقطة الصفر من جديد، حيث دمرت الآلة العسكرية للنظام وأعوانه أكثر منازلنا، وأيضاً أصبح نصف الشعب السوري نازحاً ومُهجراً قسرياً مغلوباً على أمره، فكيف يُمكن أن نتطلع لمصالحنا الخاصة ونتخلى عن تضحيات السوريين في الثورة".

أمّا وليد المحمّد، مدير مكتب المشاريع في تجمع الجولان في جنوب دمشق، قال لـ "اقتصاد" أنّ ثلاثة آلاف عائلة من أبناء الجولان يسكنون في بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم الواقعة تحت سيطرة المقاومة السورية، منهم من هُجّر من بلدات "سبينة والذيابية وحجيرة والحسينية والسيدة زينب" في أواخر عام 2013م بسبب سيطرة عصابات النظام والميليشيات الشيعية الطائفية الموالية على مناطقهم، تاركين خلفهم منازلهم وأملاكهم عُرضة "لتعفيش" عناصر النظام، ومنهم من هُجّر من مدينة الحجر الأسود ومخيم اليرموك والتضامن بسبب سيطرة تنظيم الدولة وهيئة تحرير الشام عليها في مطلع عام 2016م تاركين ورائهم ذكريات النشوء وشظايا براميل الحقد التي اخترقت ما تبقى من منازلهم صامداً أمام صواريخ الطائرات وقذائف المدفعية لتبقى عُرضة للتفجير "بعبوات" الهيئة والتنظيم.

وحول المعيشة اليومية لأبناء الجولان قال المحمّد، إنهم يُعانون الأمرين، فلا إغاثة رسمية تكفلهم، ولا هيئات إغاثية تستطيع تلبية خُمس احتياجاتهم، ولا عمل يلجئون إليه لكسب رزقهم وتأمين قوت يومهم، منهم من يعتمد على مساعدة أهله الموجودين خارج البلاد، وغالبيتهم يضطرون للرباط مع فصائل المقاومة، فلا خيارات مطروحة أمامهم.

وأردف المحمد أنّه فوق آلام الحصار المُتزايدة يخرج على أبناء الجولان أناس لا يفكرون بمصلحة الثورة ومصلحة السوريين يرمون إلى دغدغة عواطف ومشاعر أبناء الجولان الذي عانوا ما عانوه من إقصاء وتهميش خلال حكم "الأسد المجرم" وخلال الثورة السورية.


ويزداد فقر أبناء الجولان في جنوب دمشق يوماً بعد الآخر، وتزداد المُعاناة والحاجة، ويفقدون كل مقومات الحياة، وتحتاج الأسرة الواحدة منهم لمبلغ 150 دولاراً شهرياً لتعيش في الخط الأدنى من المتوسط، إلّا أنّهم يرفضون بتاتاً زجهم في مستنقع الإنفراد بقضية الجولان، ويستنكرون عزف طارحين "مبادرة سلام الجولان" على أوتار الحاجة، مُلمّحين بتعويضات لخمسة عقود ضائعة.

يُشار إلى أنّ المجالس المحليّة لأبناء الجولان في جنوب دمشق المُحاصر، لم تستلم أي شكل من أشكال الدعم الرسمي منذ عامين بسبب تواجدها خارج مناطقها، ولا يُسمح لأبناء الجولان بالخروج إلى دمشق وممنوعون من استلام المُساعدات الغذائية الأممية والدولية بالرغم من ادخالها لبدات "يلدا وببيلا وبيت سحم" لستة مرات خلال عامين.

ويُذكر أنّ أبناء الجولان في جنوب دمشق كانوا قد بلغوا قبل عام 2011م، 450 ألف نسمة، وشهدت مناطقهم قبل الثورة مرحلة انتعاش اقتصادي كبير، نافس الأسواق في العاصمة دمشق.

ترك تعليق

التعليق