قصة "أم محمود" التي تقطن محلاً تجارياً في دمشق.. بين مرارة النزوح والحرمان من الزوج


جو الغرفة (المتجر) كان معتماً بسبب انقطاع التيار الكهربائي خلال ساعات التقنين في العاصمة. كانت السيدة "أم محمود" تطبخ لأولادها الصغار في زاوية جهزتها لتكون شبيهة بغرفة المطبخ. صنبور ماء برز من الجدار الإسمنتي تحته طشت لجلي الأواني وعلى مقربة منه غاز أرضي لطهي الطعام.

قبل سنوات كانت حياة "أم محمود" أشبه بالعيش في الجنة إذا ما قارنتها بالظروف القاسية التي تمر بها.

"غادرت مدينتي التي اندلعت فيها المعارك نحو بلدة صحنايا القريبة من دمشق. كان ذلك قبل خمس سنوات ويا ليتني لم أغادر"، تتحدث أم محمود لـ "اقتصاد" بينما نزلت دمعات حارة على خديها المتجعدين.

لعل أبرز حادثة - عدا عن النزوح - مرت بأم محمود، هي اعتقال زوجها عشية مكوثهم في صحنايا، دون سبب واضح.

تحيرت حينها في الطريقة التي ستؤمن من خلالها لقمة عيش بناتها الأربع اللواتي لا يتجاوز سن أكبرهن 12 سنة.

"عشنا شهرين أو ثلاثة على المال الذي تركه لنا زوجي. بعد ذلك نفذ ما معنا من نقود".

تسارعت المصائب على رأس أم محمود بعد فقدها لزوجها وصرفها لما كان معها من مال. طردها صاحب المنزل لأنها لم تدفع الإيجار. بحثت عن منزل بإيجار خفيف لكن الأسعار كانت باهظة للغاية.

تمكنت السيدة الخمسينية أخيراً من العثور على محل تجاري فارغ استأجرته بـ 10 آلاف ليرة شهرياً، محولة إياه إلى منزل.

"منذ أكثر من ثلاث سنوات وأنا أعيش هنا. كما بدأت من ذلك الحين في العمل كشغالة في بيوت الموسرين أنظف بيوتهم لقاء أجر مادي يومي".

قالت أم محمود إنها تتقاضى عن عملها اليومي بين 1500 و 2000 ليرة لقاء عمل شاق طوال النهار.

تنظر أم محمود بعين الحزن إلى بناتها اللواتي بدأن يكبرن على مرارة النزوح والحرمان من الأب والفقر الشديد، وتقول: "أريد أن أعلّم بناتي. أن أربيهن تربية جيدة وأقدم لهن الحنان الذي افتقدوه منذ سنوات".

لا يتوفر لدى أم محمود أي معلومة عن زوجها المعتقل في سجون النظام. لكنها لم تفقد الأمل في عودته بعد هذه السنوات الطويلة.

قالت لـ "اقتصاد": "ما يصبرني على هذه الحياة هو الأمل بعودة أبو العيال ليشيل عني كتفاً من مصاعبها التي لا تنتهي".

ترك تعليق

التعليق