بالصور: شاب سوري ينقل الحلويات الشامية إلى مدينة الجسور المعلقة في الجزائر


نقل اللاجىء الشاب "محمد عدنان الشامي" الأجواء الشامية إلى محل الحلويات الذي يديره في شارع سيساوي وسط ولاية قسنطينة (شمال شرق الجزائر)، بدءاً من نوعية الحلويات التي يقدمها لزبائنه مروراً بالزي الذي يرتديه مع عماله، وطريقة تقديم الحلويات لزبائنه وليس انتهاءاً بالصور واللوحات التي تزين واجهة وجدران المحل.


تعلم الشامي، 27 عاماً، صناعة الحلويات على يد جده لأمه، الذي كان يمتلك محلاً شهيراً في حي الميدان الدمشقي، وذلك منذ صغره وبخاصة في شهر رمضان، قبل أن تضطره ظروف الحرب إلى المغادرة نحو الجزائر مع عائلته عام 2012، ولم يكن يملك رأسمال يمكّنه من افتتاح محل خاص فاضطر للعمل في مصنع لأواني الألمنيوم المنزلية، وبعد تسعة أشهر من وجوده في العاصمة الجزائرية انتقل الشاب الشامي إلى ولاية "برج بوعرريج"، ونظراً لعدم وجود عمل يزاوله قرر أن يصنع الحلويات في منزله ويبيعها على بسطة في شوارع المدينة.

 وبالفعل بدأ العمل –كما يقول لـ"اقتصاد"- بأدوات بسيطة مثل الفرن المنزلي، وكان يقوم بعجن العجين بيديه، وبدأ بتصنيع الأنواع التي اعتاد على تصنيعها في دمشق مثل "زنود الست" و"الشعيبيات" والبقلاوة بأنواعها و"كول وشكور" ولكن بكميات قليلة خوفاً من كسادها بمساعدة والده الفنان "فهد الشامي".

وكان -كما يروي- يضع منتجاته على طاولة في المنزل ويقوم أفراد عائلته بترويجها من خلال عرضها على الجيران وأبناء المنطقة.


 وبعد أن جمع مبلغاً كافياً، قرر الشاب القادم من دمشق استئجار محل صغير والعمل مؤقتاً بنفس أدواته المنزلية. وبعد أسبوع واحد بدأ الناس يتوافدون على المحل لتذوق الحلويات الشامية وأعجبوا بمنتجاته، وخلال ستة أشهر من عمله اكتسب المحل -كما يقول صاحبه- شهرة في كل أنحاء المدينة.

 ويردف محدثنا أنه نقل محله فيما بعد إلى مدينة الجسور المعلقة وعاصمة الشرق الجزائري "قسنطينة"، بهدف التوسع في تجارته وتحقيق المزيد من النجاح، وكان الأمر بمثابة تحدٍ بالنسبة له وخصوصاً أن هذه المدينة اشتهرت بصناعة الحلويات التقليدية الجزائرية.

 وأردف الشامي أنه بدأ أيضاً بصناعة الحلويات التقليدية الجزائرية بعد أن اكتشف بخبرته في الحلويات أن هناك سوءاً في جودتها ومقاديرها وطريقة صنعها، واتجه -كما يقول- لدعم نساء المدينة واللاجئات السوريات من خلال دورات لتعليم صناعة الحلويات الجزائرية والشامية في مطبخه المنفصل عن المحل لمدة شهر وبشكل مجاني.

 ولفت محدثنا إلى أنه أدخل الكثير من الحلويات الشامية الشهيرة إلى موائد الجزائريين كالبقلاوات والمحلاية وحلاوة الجبن والهريسة و"الكنافة النابلسية" والمعمول بأنواعه والكثير من الحلويات ذات التسميات الطريفة كـ"رموش الغزال" و"هريسة الباشا" و"بقجة العروس" و"تاج الملك" و"عين العروس". وباتت الحلويات التي يصنعها–كما يؤكد- تحظى بإقبال من الجزائريين الذين اعتادوا تقديمها في مناسباتهم كافة كالخطبة أو حفلات النجاح أو العودة من الحج والتباهي أمام الآخرين بأنها حلويات شامية.


واعتاد الشامي على توزيع منتجاته بواسطة سيارة مغلقة على باقي المحافظات الجزائرية لتعرض بأحجام مختلفة على رفوف مصنوعة من الكرتون داخل مراكز التسوق الكبرى والمحال التجارية، مضيفاً إليها مواداً خاصة لحفظ جودتها وطعمها في ظل الجو الحار الذي تشتهر به الجزائر.


وحول الصعوبات والتحديات التي تواجهه كمهني سوري في الجزائر، أشار الشامي إلى أن من أولى هذه الصعوبات تأمين المواد الأولية مثل الطحين والسمن وحتى المكسرات المرتفعة الثمن في الجزائر.

 وتابع المهني الشاب أنه يضطر لإجراء بعض التعديلات على الطحين المتوفر في الأسواق الجزائرية ليصبح قريباً من جودة الطحين الخاص بالحلويات، كما أضاف بعض المواد الغذائية إليهـا.
 

وكشف محدثنا أن الجزائريين لا يرغبون بشراء الحلويات المحشية بالفستق الحلبي الذي يميز الحلويات الشامية، رغم أن سعر الكيلو منه حوالي الـ50 دولاراً، ولذلك يضطر لحشو الحلوى بفستق العبيد أو الجوز واللوز. كما لا يحب الجزائريون السمن العربي أو الحيواني ولذلك قرر استبداله بالسمن النباتي لإرضاء أذواقهم.

وحول حرصه على نقل الأجواء الشامية إلى محله، أوضح الشامي أن الكثير من الجزائريين يحلمون بزيارة دمشق ودخول بيوتها وحواريها لانبهارهم بأجواء مسلسل "باب الحارة"، ولذلك أحب–كما يقول- نقل جوانب من هذه الأجواء وجعل محله يبدو جميلاً وحضارياً في الوقت ذاته، وكان حريصاً أن يكون زي عماله تقليدياً وكذلك طريقة تقديمهم للمنتجات والتعامل مع الزبائن.





 وكشف محدثنا أنه دأب على تقديم أكثر من 2000 قطعة "كول وشكور" لسائقي السيارات والمارة في كل خميس من شهر رمضان إكراماً لأرواح شهداء الثورة السورية، وهي عادة اشتهر بها أصحاب محلات الحلويات في حي الميدان للترويج لمحالهم.

ترك تعليق

التعليق