الزهورات واليانسون مُسكنات آلام في مناطق سيطرة نظام الأسد


48 صنفاً من المضادات الحيوية بشكل عام غير متوفرة في متناول الصيدليات الواقعة في مناطق سيطرة "نظام الأسد"، أهمها "البنسلينات والسيفالورينات وتحاميل السعال وشرابات الرشح والسعال والأوغمنتين حب وشراب والباراسيتامول الوريدي والإبر المضادة للتشنج وخافضات الحرارة  وأدوية الضغط والسكري ومجموعة كبيرة من الفيتامينات وأدوية الربو والصرع والسرطان" .

وزارة الصحة في "حكومة دمشق" في وادٍ، والواقع الصحي في وادٍ آخر، يتراءى ذلك عبر بياناتها الصحفية بين الفينة والأخرى، مُؤكدةً توفر كافة الزمر الدوائية الأساسية في الأسواق، ضاربةً عرض الحائط مُتطلبات الصيدليات ونقاباتها التي أنذرت بواقع صحي مُتردٍ في حال استمرار فقدان 90% من الزمر الدوائية دون تأمين البديل.

تبحث "وداد"، من سكان حي الصالحية بدمشق، بين عشرين صيدلية، على دواء والدتها المُصابة بمرض السكري، وغالباً لا تجده، فتضّطر لتأمينه من السوق السوداء عبر شرائها للدواء الأجنبي المُهرّب، وتدفع عشرة أضعاف مقارنة بسعر الدواء المحلي، حسب ما قالته لـ "اقتصاد".

وتُضيف وداد أنّه في الوقت الذي تعجز فيه المستشفيات عن تقديم الأدوية، فإنّ الصيدليات باتت أوكاراً تجارية فاقدةً لأبسط معاني الإنسانية، ولا تخدم سوى الأغنياء.

وفي الوقت الذي يغيب فيه الدواء المحلي عن الأسواق السورية، فإنه يزداد رواجاً في الدول المُحيطة، ليحل مكانه الأدوية المزورة والأجنبية المُهربة الواردة عبر الحدود بطرق غير شرعية.

ويُسجل الأنسولين الخاص بمرضى السكري رقماً قياسياً بدون منازع لأهم العقاقير المفقودة في الصيدليات، والإعلانات الكاذبة الصادرة عن الدوائر الصحية تضع الأطباء الصيادلة في مواجهة مُباشرة مع المواطن الذي يتهمها بالاحتكار لغاية الحصول على سعر أكبر، بحسب ما قاله لـ "اقتصاد" الطبيب الصيدلي (ف - ا).

ويُردف (ف)، "إن إغراق الصيدليات بالأدوية غير المطلوبة أدى إلى عجز صندوقها المالي، حيث يتم فرض فاتورة تُقدر بـ 200 ألف ليرة سورية من الأدوية غير المطلوبة مقابل الحصول على فاتورة بـ 40 ألف ليرة سورية لأدوية مطلوبة حين توفرها، والصيدليات تُنهك في تصريف ما لديها من أدوية غير مطلوبة بشكل بطيء".

بين 2011 و 2017، بقيت أعداد المعامل المُنتجة للأدوية 74 معملاً، بينما تناقص عدد الزمر الدوائية المُنتجة في كُل المعامل من 11718 زمرة في عام 2011 إلى 1473 زمرة في عام 2017.

كُل مُستلزمات إنتاج الأدوية من مواد أولية ومواد تغليف ومواد مُساعدة هي مستوردة، وتكلفة تنقية المياه المُعدّة لصناعة الأدوية بلغت خمسة أضعاف بسبب الانقطاع الدائم للكهرباء وتشغيل المعامل والمكيفات اللازمة بمولدات المازوت الضخمة بحسب كلام السيد (ر - م) صاحب معمل أدوية لـ "اقتصاد".

وبحسب المذكور فإنّ 50% من مصانع الأدوية توقفت نسبياً عن الإنتاج خلال السنوات السبع الماضية، ومن المتوقع توقف المزيد بشكل مقصود لزيادة الضغط على وزارة الصحة لرفع أسعار الأدوية حتى توازي سعر التصنيع.

في مُنتصف هذا العام أعلنت جمهورية كوبا استعدادها لتقديم الخبراء لإنشاء معمل أدوية خاص بنقابة الصيادلة في منطقة عدرا العُمالية، وقامت الأخيرة بطرق باب إيران لإعداد مؤتمر لأجل تطوير الصناعة الدوائية في سوريا، وبحسب النقابة فإن الغاية من المعمل تعويض نواقص الدواء والخروج من رحمة المعامل الخاصة، مُجددةً تساؤلها الشهير لوزارة الصحة، أين 89% من الأدوية المتوفرة بالأسواق؟

(م - ش)، صاحب مستودع أدوية في منطقة باب مصلى بدمشق، قال لـ "اقتصاد"، "رفع أسعار مُنتجات بعض معامل الأدوية دون أُخرى يفرض فوضى في سوق المُنتجات الدوائية، والكثير من المستودعات التي تضررت بشكل أو بآخر خلال السنوات الماضية تقوم بتخزين الأدوية المطلوبة لتصبح مفقودة وتعرضها في السوق أثناء ارتفاع سعر الدولار أو تذبذبه".

وبين عجز "دوائر الأسد" وذرائع أصحاب المعامل والمستودعات وتبرير الصيدليات، يحاول المواطن الفاقد لكافة مقومات الحياة تسكين آلامه بالزهورات واليانسون، خصوصاً بعد أن فَقد مؤخراً المُسكنات التي طالها ارتفاع جديد في حزيران الماضي ليبلغ سعر ظرف البنادول 500 ليرة، والبروفين شراب الأطفال 550 ليرة سورية.

ترك تعليق

التعليق