تفجير المنازل بعد سرقتها، في جبلي الأكراد والتركمان


لجأ نظام الأسد إلى تفجير المنازل في جبلي الأكراد والتركمان من ريف اللاذقية بعد احتلالهما في بداية عام 2016. وتقدر تكلفة إعمارها بملايين الدولارات. وتظهر الصور الجوية قرى مدمرة بالكامل، بالإضافة إلى سرقة محتوياتها وبيعها في أسواق "السنّة" في مدينتي اللاذقية وطرطوس.


أكبر نزوح في تاريخ المنطقة

ترك المدنيون منازلهم في جبلي الأكراد والتركمان بعد تقدم قوات الأسد تحت الغطاء الجوي الكثيف، ونزحوا إلى المخيمات القريبة من الحدود التركية في ريف إدلب الغربي، ومنهم من لجأ إلى تركيا، في أكبر عملية نزوح قسرية شهدتها المنطقة عبر تاريخها المعلوم.

بقيت المنازل في الجبلين سليمة بنسبة 90% على الأقل، وعلى الخصوص في القرى التي لم يكن باستطاعة قوات الأسد إصابتها مباشرة من مراصدها في تلال "النبي يونس ونباتة وبارودا وبرج الـ "45" والزوبار ومشقيتا".

هجر السكان منازلهم دون أن يخرجوا منها شيئاً، وبقي أساسهم المنزلي على حاله.


"أبو محمد"، مقاتل في الفرقة الأولى الساحلية، تحدث لـ "اقتصاد" بقوله: "ترك السكان المنازل ونزحوا عند تقدم قوات النظام بكامل تجهيزاتها. شاهدنا عبر المناظير وبالعين المجردة خروج سيارات كثيرة محملة بالأساس المنزلي من كافة القرى المحتلة، وتوجهها على الطريق الدولي باتجاه اللاذقية، وبعد أن انتهوا من تفريغ المنازل من الأشياء المفيدة دمروا الكثير منها بالجرافات أو بالتفجير".

وأظهرت الصور الجوية على "غوغل" تدميراً شاملاً في الجبلين المحتلين لمنازل وقرى كانت قائمة قبل احتلالها.


التعفيش أولاً ثم التدمير

عمد النظام إلى سرقة كل ما يمكن بيعه من محتويات المنازل "حتى الأبواب والشبابيك والأباجورات".

ومن الجدير بالذكر أن نظام الأسد لم يسمح لأصحاب المنازل والبساتين الذين يسكنون في اللاذقية من العودة إلى قراهم، بل لم يسمح لهم حتى بزيارتها.

التقى الناشط "محمد الساحلي" بأحد أبناء قرية "طعوما" في مدينة اللاذقية وهو يسكن بالقرب من سوق الجمعة، ونتحفظ على ذكر اسمه، وقال للساحلي: "ذهبت إلى سوق الجمعة بعد أسبوع من احتلال قريتي طعوما، وبدأت أبحث بين الأساس المستعمل، وجدت عدة أشياء مسروقة من منزلي ومنها البراد، وعرفته من الصور التي مازالت موجودة على بابه والتي ألصقتها ابنتي الصغيرة".

وأضاف: "وجدت أيضاً مدفأة الحطب، وهي ماكنت أبحث عنه، وهي فريدة من نوعها، وقد اشتراها المرحوم والدي منذ أكثر من نصف قرن، وهي من صناعة اسكتلندية، وعمرها أكثر من مائتي عام، وهي غالية الثمن جداً، واشتريتها بمبلغ 4000 ليرة، ويعادل ثمنها في الوقت الحالي أكثر من نصف مليون ليرة ولكنهم لا يعلمون قيمتها".


تحتاج إلى إعادة بناء من جديد

لم تعد المنطقة صالحة للسكن، وأصبحت بحاجة إلى إعادة إعمار وتأهيل من جديد.

تحدث المهندس المدني "ياسين أبو علي" عن حاجة المنطقة وتكلفة الإعمار لما تهدم وما تم تدميره عمداً في جبلي الأكراد والتركمان لـ "اقتصاد": "كل المنازل الموجودة في الجبلين ما أصبح منها تحت الاحتلال أو مازال محرراً، بحاجة إلى إعادة بناء من جديد، وكلها أصبحت غير قابلة للسكن أو الإصلاح، وهي مهددة بالسقوط نتيجة القنابل الفراغية التي تم استخدامها في المنطقة، أو ما دمره النظام عمداً، فعدد المنازل المدمرة يزيد عن خمسين ألف منزل، ولا تقل تكلفة بناء أقل منزل عن عشرة آلاف دولار، وتحتاج المنطقة لإنشاء بنية تحتية كاملة، للمياه والكهرباء والصرف الصحي والهواتف والطرقات والجسور. وبما تبلغ تكلفة إصلاح وتأهيل المنطقة أكثر من نصف مليار دولار لتعود صالحة للسكن والعيش الدائم فيها".

ترك تعليق

التعليق