أزمة سكن تطال مُهجّري داريا في إدلب


بعد فتح المعابر الحدودية مع تركيا أمام الزائرين؛ اجتمع الأحباء بعد طول غياب ولُمّ شمل كثير من العائلات؛ وعندما تزامن فتح المعابر مع قرار وقف التصعيد والهدوء الذي شهده الشمال السوري في الآاونة الأخيرة؛ قرر الكثيرون من أهالي مدينة إدلب عدم الرجوع إلى تركيا.

وتسبب هذا القرار المفاجأة، بأزمة سكن حقيقية للأهالي الذين قدموا من مناطق ريف دمشق في رحلة التهجير القسري.

فراس، 26 عاماً، من أبناء مدينة داريا، ويقيم في تفتناز؛ تلقى اتصالاً من صاحب البيت الذي يسكنه؛ طلب منه أن يخلي البيت خلال أسبوع فلقد قرر العودة من تركيا بعد غياب لثلاث سنوات.

يقول فراس: "حصلت على البيت من أقرباء الرجل، وكان البيت بحاجة لإصلاحات كثيرة قمت بها؛ وعندما سألتهم كم يمكنني المكوث فيه، قالوا إلى أن يشاء الله".

هذه الكلمات دفعت "فراس" لتجهيز البيت بشكل جيد فلن يفكر صاحب البيت بالعودة مع وطأة القصف الذي كانت تشهده مدن وبلدات إدلب. هكذا فكر فراس حينها.

مضيفاً لـ "اقتصاد": "لم يمر على زواجي سوى أشهر قليلة؛ وزوجتي حامل، ولا أدري أين سأذهب؛ حاولت البحث عن بيت وإلى الآن لم أجد والمهلة ستنتهي".

بينما استطاع "غسان" التمسك بالبيت الذي سكنه بالمجان منذ وصوله إلى إدلب؛ ولكنه أصبح مجبراً على دفع الأجرة.

قال لـ "اقتصاد": "أتاني صاحب البيت؛ وبدأ يبدي اعتذارت ويقدم ويؤخر.. يريد البيت بحجة أنه سيزوج ابنه القادم من تركيا؛ لم أتردد لحظة، عرضت عليه الإيجار، فوافق".

ويقيم "غسان" في إحدى القرى القريبة من مدينة إدلب مع زوجته وأطفاله؛ ووجد عملاً يجني منه دخلاً مقبولاً يساعده في تأمين 8000 ليرة شهرياً أجرة المنزل، "ولكني صرت أجد صعوبة في إدارة راتبي؛ وأخشى أن لا أستطيع الاستمرار في دفع الأجار ومغادرة البيت"، أوضح "غسان".

بينما باءت محاولات "ثائر" المتكررة والبحث المتواصل لإيجاد بيت للأجار في القرية التي يسكنها غرب المحافظة بالفشل. يقول سعيد: "بعدما اعتدنا على جو القرية؛ وشعرنا بالراحة بعض الشيء، طلب أصحاب البيت منزلهم بعد قدوم عائلتهم من تركيا، وصرت مضطراً على المغادرة".

وبدا "ثائر" مستاءً جداً وساخطاً وقال: "إذا كانوا يريدون البيت بعد فترة، لماذا أخبرونا أن نجلس بالبيت لسنة على الأقل؛ ليتني سكنت منذ قدومي بالإيجار ولم أتعرض لهذه المهانة".

مستدركاً: "كان البيت كالخرابة؛ ولا أحد يقبل أن يجلس فيه؛ عملت على تنظيفه وتأهليه طلية هذه الفترة؛ وعندما تحسن قليلاً، نضطر للمغادرة!".

وتحدث "اقتصاد" لكثير من العوائل التي هجرت من داريا وبدوا مستغريبن من هذه التصرفات والتغيرات التي تطرأ عليهم؛ فبحسب الأهالي، أغلب العوائل التي قدمت من ريف الشام تعرضت لأزمة السكن؛ فغادر العشرات البيوت التي قُدمت لهم عند وصولهم؛ وترتب على آخرين أجرة شهرية؛ بينما أُجبر البعض على زيادة الأجرة التي كانوا يدفعونها.

ويتحمل الأهالي العناء منتظرين القرية السكنية التي تم الحديث عنها من قبل منظمات كبيرة وعدت أهالي داريا في الشمال أن تقوم ببناء قرية تستوعبهم فيها. كان ذلك في المؤتمر الأول الذي عقد في إدلب في آذار 2017. ولكن أياً من هذه الوعود لم يطبق على الأرض، وبحسب أحد أعضاء لجنة داريا في الشمال، فإن المشروع إلى الآن لم يوضع له حجر الأساس، ولم تتكفله أي منظمة، موضحاً أن المشروع مدروس؛ والأرض جاهزة، ولكن التكلفة باهظة ولم يتبرع أحد؛ "ولكننا نسعى جاهدين لإنجاحه".

مردفاً: "ولكن لا أعتقد أنه سينجز في وقت قريب؛ فالمنظمات تهتم بوجبة الطعام فقط؛ دون النظر لجوانب أخرى مهمة".

وبحسب مصادر محلية فإن 750 عائلة قادمة من داريا تقيم في قرى وبلدات متفرقة في إدلب؛ وتتركز الغالبية العظمى في مدينتي جرجناز وسرمين.

ترك تعليق

التعليق