انخفاض سعر البيض إلى النصف لم يترك أثراً إيجابياً على سكان العاصمة، فما هو السبب؟


بعد أن كانت تسعيرة طبق البيض في مطلع العام الحالي تتجاوز 2000 ليرة؛ سجل سعر الطبق الواحد، مؤخراً، 950 ليرة سورية، ما يثير العديد من التساؤلات حول أسباب الارتفاع السابق ومدى استفادة المشتري من هذا الانخفاض المفاجئ، في ظل الظروف الحالية التي يعيشها سكان العاصمة.

لجوء الكثير من المناطق السورية المُعارضة لإبرام اتفاقات هُدن ووقف إطلاق النار أدى إلى رجوع عدد كبير من منتجي مادة البيض إلى الحلقة التجارية التي كانت مفقودة ما أدى لعملية دفع هبوط الأسعار نتيجة وُفرة المُنتج في السوق.

عوامل عديدة تُسببت في تلقي المستهلك انخفاض سعر مادة البيض، بشكل فاتر. لاسيما إذا علمنا أن مصير الفائض من مادة البيض إلى حاويات القمامة، فلا كهرباء مُستقرة تُساعد في تشغيل الثلاجات الحافظة للمواد الغذائية، ولا مال مُتبقٍ في جيب المُستهلك، فكل ما يشتريه مُرتفع الثمن.

(م، م) أحد سكان دمشق القديمة، قال لـ"اقتصاد": "في مطلع العام الحالي كان سعر طبق البيض مرتفعاً للغاية، ومع ذلك كان المستهلك يشتريه بكثرة نتيجة برودة الطقس المُشجعة على حفظه، أمّا اليوم فشراء طبق من هذه المادة يُعد مغامرة خاسرة، المُستهلك في غنى عنها".

أما السيدة (و، س) من سُكان حي التجارة بدمشق، فأكدت لـ "اقتصاد" أنها لا ترغب في استنزاف ما تبقى لديها من مال في عمليات شراء سريعة.

وأردفت بالقول: " رُبما أستثمر نقودي في الأيام القادمة حين تشهد كافة مُستلزمات الحياة اليومية انخفاضاً مُماثلاً". وتابعت: "الحرب الدائرة كانت مدرسةً مُهمةً في اكتساب فنون الاقتصاد وخبرات الصبر بالنسبة للأسرة السورية".

خسارة حتمية

غياب الخطة الاقتصادية والرؤية المستقبلية ومُعاينة وتقييم الواقع الاقتصادي في دمشق لدى دوائر النظام، أدى إلى خسارة مادية حتمية لتجار مادة البيض، لا سيما المُربّون منهم.

السيد (ق، م)، أحد تجار مادة البيض في مدينة الكسوة، يعتمد على العاصمة دمشق في تسويق مُنتجه. وفي معرض الحديث عن السبب قال لـ "اقتصاد": "لو كان لدى الدوائر الحكومية الرسمية في دمشق أدنى سوية من الخطط الوقائية الاقتصادية، لما خسر التجار هذه المبالغ المالية الطائلة والتي تفوق التحمل". وتساءل بالقول: "على من تقع مسؤولية تأمين أسواق خارجية بديلة بشكل إسعافي لتسويق الفوائض من الإنتاج؟".

أما منتج البيض (ع، د) من بلدة الهامة، فقدم عبر "اقتصاد" اقتراحاً لدوائر دمشق الاقتصادية، يتمثل في إنشاء مصانع لإنتاج مُنتجات بيض المائدة، كمادة أولية، مثل الصناعات الكيميائية، إضافة لمصانع لإنتاج البيض السائل المُبستر والمجمد أو المُجفف على هيئة "بودرة" المُطابقة لعمليات إنتاج الحليب المُجفف وهي مُنتشرة في كل أنحاء العام.

وأكد درويش بالقول: "لو طُبق هذا الاقتراح لما خسر المُنتج مادياً، ولاستطاع تسويق مُنتجه في غاية السهولة".

ليست المرة الأولى التي تتبخر فيها مُنتجات غذائية استهلاكية وتصبح في مهب الريح، فما أن تنتهي مشكلة تسويق الحمضيات حتى تطفو على السطح مشكلة اللحوم، وما أن تخمد الأخيرة، حتى ترى مشكلات عديدة مُتجددة يُعاني منها التاجر والمستهلك نتيجة ارتفاع حجم المعروض الذي لا يوازي القوّة الشرائية.

وبين شماتة المُستهلك بالتاجر، وحسرة التاجر على أرباحه المفقودة وخسائره المادية الحتمية، مرةً أُخرى، تُثبت المؤسسات الاقتصادية للنظام، عجزها التام عن إدارة أية أزمة اقتصادية طارئة.

ترك تعليق

التعليق