أسعار البطاطا تهوي في درعا بنسبة 75%


شهدت أسعار البطاطا في محافظة درعا انخفاضاً واضحاً مقارنة مع المواسم السابقة، وذلك بالتزامن مع طرح إنتاج الموسم الحالي في الأسواق.

وقال "أبو عاصم"، وهو أحد تجار الخضار، إن أسعار البطاطا وصلت إلى أقل من 65 ليرة سورية بالجملة، وتصل إلى المستهلك بنحو 90 ليرة سورية، فيما وصل سعرها خلال الربع الأول من العام الحالي إلى  نحو 350 ليرة سورية للكغ الواحد،عازياً السبب في انخفاض الأسعار إلى الإنتاج الجيد من هذه المادة في هذا الموسم، وعودة المزارعين إلى زراعة البطاطا بمساحات مشجعة بعد التوقف والإحجام عن زراعتها في الكثير من مناطق درعا، لاسيما في مناطق الإنتاج التقليدية، مثل انخل وجاسم والحارة ونوى وطفس، وبعض مناطق درعا التي تشهد تراجعاً في حدة الأعمال العسكرية.

من جهته، أكد عماد عبد الرؤوف، 45 عاماً، وهو مزارع، أن كثيراً من المزارعين في درعا، عادوا لإنتاج البطاطا من جديد، بعد توقف لفترات  طويلة بسبب الأوضاع التي كانت تشهدها المناطق خلال المواسم السابقة، لافتاً إلى جملة من المصاعب مازالت تواجه منتجي البطاطا، وتتمثل بعدم  توفر مستلزمات الإنتاج والأدوية الزراعية وارتفاع أسعارها، إضافة إلى عدم توفر مصادر مائية ثابتة بسبب قلة الأمطار، وعدم وجود مخازين مائية في السدود، وانخفاض منسوب مياه الآبار الزراعية.

وأشار إلى أن "الانخفاض في أسعار البطاطا في درعا هذا الموسم يعود إلى دخول كميات كبيرة من إنتاج الموسم الحالي، وعدم قدرة المزارعين على تسويق الإنتاج في مناطق النظام، إضافة إلى تحكم بعض التجار بتسويق هذا المنتج، نتيجة علاقاتهم مع أجهزة النظام، ما يجعلهم يتحكمون بالأسعار"، مبيناً أن الاستهلاك المحلي من الإنتاج في المحافظة لا يتجاوز الـ 20 بالمائة من كمية الإنتاج الفعلي، والباقي يتم تسويقه عبر التجار إلى السويداء ودمشق، أو يقومون بتخزينه لطرحه في الأسواق وقت الحاجة بهدف تحقيق المزيد من الأرباح.

ويشير المهندس الزراعي نايف اليوسف، إلى أن "زراعة البطاطا في محافظة درعا، تعتبر من الزراعات الأساسية، وتأتي في المرتبة الثانية بعد زراعة البندورة"، لافتاً إلى أن الفلاح الحوراني اكتسب خبرة طويلة في هذه الزراعة، مستفيداً من الأجواء المناسبة، وملائمة التربة لهذا النوع من الزراعات.

وأشار إلى أن "بعض المزارعين التقليديين يزرعون مئات الدونمات بالبطاطا"، موضحاً أن المساحات التي كانت تزرع بالبطاطا في فترة ما قبل الثورة تتراوح ما بين 1500 و ألفي  هكتار في كل موسم، يصل إنتاجها إلى أكثر من 60 ألف طن.

وأضاف أن "العمل في هذا القطاع مدر للدخل، إن توفرت مستلزمات الإنتاج، وأرباحه تتوقف على العرض والطلب والقدرة على التسويق واختيار الأوقات المناسبة لطرح المنتج المخزن في الأسواق، كما أنه يحتاج إلى جهود كبيرة، وهو في الغالب رابح لفئة التجار، لأن البطاطا قابلة للتخزين بعكس المنتجات الزراعية الأخرى، فهي إذا ما حفظت في شروط  مناخية مناسبة، يمكن إطالة عمرها وبالتالي طرحها للبيع في أوقات محددة".

وتابع المهندس الزراعي: "بات المزارع يختار أنواع البطاطا الملائمة للسوق المحلية، فالأنواع الأكثر انتشاراً في درعاهي /الدراجا/,و/سبونتا/، إضافة إلى بعض الأنواع الأخرى التي تزرع على نطاق ضيق مثل /بورين/ و /لولو/ و/ايليت/، وكلها ذات إنتاجية عالية في وحدة المساحة"، لافتاً إلى أن المساحات المزروعة تقلصت بسبب الأحداث إلى أقل من 30 بالمئة، وأن الإنتاج المتوقع حالياً لا يتجاوز 25 ألف طن، لكنه يتوقع أن يزداد الإنتاج في المواسم اللاحقة، إذا توفرت الظروف الأمنية المناسبة، وتوقفت عمليات استهداف مناطق الإنتاج الزراعي في المحافظة.

وحول التكاليف، قال المزارع سيف الدين عبد القادر، 48 عاماً، إن "تكاليف إنتاج زراعة الدونم من البطاطا ارتفعت بشكل كبير بسبب ندرة الحصول  على البذار في المناطق المحررة، وارتفاع أسعار المحروقات والأسمدة والأدوية الزراعية"، مبيناً أن تكلفة زراعة الدونم الواحد تضاعفت نحو عشر مرات مقارنة بما قبل الثورة، حيث تجاوزت كلفة الدونم الواحد أكثر من 600 ألف ليرة سورية، مابين بذار وأسمدة وحراثة وجني، وهو مبلغ كبير نسبياً.

ولفت إلى أن متوسط إنتاج الدونم يتراوح ما بين 2 و 3 طناً ويعود ذلك إلى مدى العناية والاهتمام، وملائمة الأرض ومدى خصوبتها.

يشار إلى أن البطاطا تعد من أبرز أنواع الأغذية المتداولة لدى غالبية الأسر، وهي تعتبر لحوم الفقراء نظراً لقيمتها الغذائية، وسهولة تخزينها لأيام طويلة، ولاسيما في ظل  الظروف الحالية التي تترافق مع  شح كبير بالموارد والمداخيل، حيث تعتبر الطعام الرئيسي للكثير من الأسر طيلة موسم نضوجها وتواجدها بالأسواق.

لكن هذه المادة تخضع في الغالب إلى احتكار التجار الذين يقومون بجمعها من الأسواق لتخزينها في البرادات والمستودعات وطرحها في الأسواق بأوقات محددة وبأسعار مضاعفة، مستغلين حالة الفوضى وغياب الرقابة على ممارساتهم، سواء في المناطق المحررة أو تلك الخاضعة لسلطة النظام، ليبقى التاجر هو الأكثر ربحاً في سلسلة الجهات التي تتداول هذه المادة.

ترك تعليق

التعليق