موجة الحر.. أربع نتائج اقتصادية في ريف حمص الشمالي


تأثرت سوريا خلال الأسبوع الحالي بمرتفع جوي أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير، ووصلت الحرارة في وقت الذروة إلى عتبة الـ 47 درجة مئوية في ريف حمص الشمالي، فألقى ذلك بظلاله على الاقتصاد اليومي للسكان المحليين.

انخفاض سعر البطاطا

أجبرت درجات الحرارة المرتفعة مزارعي البطاطا في ريف حمص الشمالي على حصاد محصولهم خلال يومين وإدخاله إلى الأسواق دفعة واحدة، مما زاد العرض بشكل كبير في السوق المحلية المُغلقة، وأدى الى انخفاض أسعار البطاطا إلى 75 ليرة للكيلو الواحد.

أبو إبراهيم، مزارع في مدينة الرستن تحدث لـ"اقتصاد": "بسبب درجات الحرارة المرتفعة جداً اضطررنا إلى جني المحصول بشكل مستعجل، ففي درجات الحرارة الطبيعة (35 – 40) من الممكن سقاية المحصول لمدة ساعتين بالمرشحات أو التنقيط لتبريد البطاطا تحت التربة. لكن مع درجات الحرارة المرتفعة لا يمكن القيام بهذه العملية، فإما الحصاد أو التلف".

أما أصحاب البرادات فامتنعوا عن شراء هذه البطاطا رغم انخفاض سعرها. "ناصر أبو ممدوح"، تاجر من مدينة تلبيسة، تحدث لـ"اقتصاد": "نعم. سعر البطاطا منخفض جداً، لكن ارتفاع درجات الحرارة وجفاف التربة بشكل كبير سمح للفراشة (حشرة ضارة تضع بيوضها داخل الثمار) بالوصول إلى حبات البطاطا ووضع بيوضها فيها مما يجعلها غير قابلة للتخزين بأي شكل من الأشكال".

أزمة الثلج

وفي ظل ارتفاع أسعار الأمبيرات وارتفاع ساعات التقنين، بسبب ارتفاع حرارة المحولات الكهربائية في معمل الاسمنت الذي يغذي 60% من ريف حمص الشمالي بالكهرباء، لم يجد سكان الريف الشمالي وسيلة لتبريد مياه الشرب، سوى قوالب الثلج التي تقوم بتصنيعها ثلاثة معامل في الريف الشمالي.

 وعلى الرغم من إدخال بعض التجار الثلج من مدينة حمص، إلا أن أزمة الثلج ظهرت وبقوة.

وقبل موجة الحر كان بإمكان السكان شراء 20 سم من القالب بـ100 ليرة سورية. أما خلال الموجة أصبح سعر 20 سم بـ250 ليرة، هذا إن وجد.

 "أبو عرب"، بائع ثلج في مدينة الرستن، تحدث لـ"اقتصاد": "كنت أبيع قبل موجة الحر ما يقارب الـ 15 قالب يومياً، أما مع موجة الحر أصبحت أبيع أكثر من 47 قالباً يومياً، وتأمين هذه الكمية من الثلج أمر بغاية الصعوبة بسبب الازدحام الشديد على عتبة معامل الثلج وعدم قدرة المعامل الموجودة على تغطية حاجة الريف رغم دخول الثلج من مناطق النظام".

توقف مخدمات الانترنت

بعد خروج المنطقة عن سيطرة النظام وقيامه بقطع كافة خدمات الاتصالات، ظهرت خدمة الانترنت الضوئي من منبعه التركي. لكن بسبب درجات الحرارة العالية وعدم إمكانية تبريد أو تغطية الأجهزة، توقفت عن العمل خلال ساعات الذروة، مما انعكس سلباً على مردود هذه الشبكات.

"علاء - أبو محمد"، صاحب إحدى المخدمات، قال لـ"اقتصاد": "توقفت الأجهزة لمدة 3 أيام تقريباً، ونحن ندفع للمخدمات الرئيسية في إدلب مبالغ مقبل بوابات ذات سرعة محددة، وتوقف المخدمات عن العمل أدى إلى خسارة حتمية هذا الشهر، إذا استمرت موجة الحر أكثر من ذلك، ناهيك عن احتمال كبير للأعطال غير القابلة للإصلاح، بسبب الحرارة المرتفعة، فالأجهزة تحت الشمس الحارقة، وإن قمت بفك الأجهزة خلال موجة الحر، فإنني سوف أخسر زبائني حتمياً".

خروج الطاقة الشمسية عن الخدمة

لحل مشكلة انقطاع التيار الكهربائي لجأ الكثير من السكان وأصحاب المصالح والمزارعين إلى الطاقة الشمسية، لكن خروجها عن العمل في درجات الحرارة، كبد أصحاب المصالح خسائر كبيرة، فمحلات بيع المنتجات التي تحتاج إلى تبريد بشكل دائم، كالأجبان والألبان والمثلجات والقصابين، اضطروا إلى بيع سلعهم بأسعار مخفضة، مخافة تلفها، بسبب توقف ألواح الطاقة عن العمل.

"جابر أبو حيان"، مهندس كهربائي وبائع لألواح الطاقة الشمسية ومستلزماتها، تحدث لـ"اقتصاد": "عند ارتفاع درجة الحرار فوق 42 تقريباً، تتوقف الألواح عن العمل بشكل كامل، فهي أحد عيوبها. وفي الأجواء العادية من الممكن تبريدها، أما في موجة حر كهذه من الصعب جداً تبريدها لأن درجة الحرارة مرتفعة للغاية وعلى مدار اليوم".

أما المزارعون الذين يعتمدون على الطاقة الشمسية فاضطروا للعودة إلى محركات الديزل لسقاية محاصيلهم التي تطلب مياه أكثر خلال موجة الحر، وإلا فإن التلف والخسائر الفادحة أمر محتوم.

هكذا تمر موجة الحر في ريف حمص الشمالي، فقد جلبت الأرباح لمعامل الثلج والخسائر للبقية، لكن ما يبعث على التفاؤل، زيادة تبخر الماء الذي ينعكس إيجاباً في معدل الأمطار خلال الشتاء القادم.

ترك تعليق

التعليق