جحيم مخيمات أطمة.. لا يُطاق


في الأيام القليلة الماضية عاش السوريون ساعات صعبة بسبب الحر الشديد لكن معاناتهم لا تقارن مع المأساة الرهيبة التي يحياها سكان المخيمات المنتشرة على الحددود السورية - التركية شمالي البلاد.

"وصلنا إلى المخيم قرابة العاشرة صباحاً، كانت درجة الحرارة قد تجاوزت الـ 45 خارج الخيم، لكنها داخله، ارتفعت لتحطم الخمسين درجة"، يتحدث الناشط الصحفي "عبد الوهاب أحمد"، الذي زار مخيمات أطمة يوم الإثنين الماضي.

أحمد الذي بدا متوجعاً بشدة جراء المشاهد المؤلمة التي رآها في أطمة قال لـ "اقتصاد": "مستحيل لأي إنسان أن يمتلك القدرة على تحمل الجلوس داخل الخيمة.. خلال دقائق قليلة دخلت فيها إحدى الخيمات، أحسست أنني على وشك الاختناق".

وعلّق أحمد بالقول: "شيء لا يطاق، الله يكون بعون العباد، (كيف عايشين بهيك جو؟، من يومين العالم بهي المخيمات ما نامو).. وفي هذه المخيمات، الصرف الصحي مكشوف بداخلها.. تخيل درجات الحرارة العالية ورائحة الصرف الصحي.. هناك مياه بالخزانات لكن درجة حرارتها 50 درجة!!".


تفيد الإحصائيات أن عدداً يتراوح بين 80 إلى 100 ألف نسمة يعيشون في مخيمات متفرقة على سفوح منطقة أطمة بريف محافظة إدلب.

بعض المخيمات يتوفر فيها شي من الخدمات المقبولة ما يسهل على قاطنيها مسألة التأقلم مع خشونة الحياة في المنطقة، لكن البعض الآخر لا يحصل حتى على لوح الثلج ليسقي أطفاله المسربلين بالعرق ماء بارداً.


السيد "حسين الون"، أحد قاطني مخيم "عطاء"، المكون من بيوت إسمنتية موزعة على نسق واحد في صفوف عديدة، قال لـ "اقتصاد"، إن وضع المخيم قياساً على المخيمات الأخرى في أطمة لا يقارن أبداً.

وقال حسين إن "أفضل نقطة موجودة في مخيم عطاء هي إمكانية الحصول على المياه بشكل دائم، لكن في المخيمات التي حولنا هناك معاناة شديدة في الحصول على المياه التي تنقل عن طريق الصهاريج".

وتابع: "نعاني من الكهرباء التي لا تصلنا سوى 4 ساعات ليلاً، نحاول الاستفادة منها في شحن المدخرات لمن يملكها حيث يشغل عليها مروحة أرضية استطاعة 12 فولط".

وأردف قائلاً: "هذه البطاريات والمراوح غير متوفرة لدى الكثيرين من سكان مخيمات أطمة ما يزيد من حجم الأزمة التي يعيشونها".

الفترة التي تبدأ من العصر إلى منتصف الليل تشكل قمة المعاناة بالنسبة لـ "حسين" وساكني مخيم "عطاء" الإسمنتي.

"يصبح البيت الذي نعيش فيه أشبه بالحمام، نحاول الهروب من شدة الحر بالتجول بين الحقول المتواجدة في أطمة".


"خلال الأيام السابقة وجراء ارتفاع درجة الحرارة أصيب العديد من أهالي المخيمات بضربة الشمس لأن الحرارة ارتفعت إلى درجة لا تطاق".

معاناة أخرى يعيشها سكان المخيمات تتجلى في مياه الشرب الساخنة نتيجة عدم وجود برادات لدى معظمهم إضافة لصعوبة الحصول على ألواح الثلج بسبب ندرتها من جهة وعدم توفر السيولة المالية لدى الكثيرين لشرائها من جهة أخرى.


يباع لوح البوظ بـ 600 ليرة. وقال "عبد الوهاب أحمد"، إن سعره يعتبر مرتفعاً مقارنة بالمدخول المادي لسكان المخيمات لذلك يمتنع معظمهم عن شرائه، وفي حال اشترى أحدهم لوح بوظ فإنه يتقاسمه مع جيرانه.


موضوع الصرف الصحي بين الخيم شكل أيضاً معاناة لا توصف.

يقول "حسين الون" إن المخيمات غير مجهزة بشبكات للصرف الصحي لذلك غالباً ما تشاهد المجاري تسير بين الخيم مطلقة روائح كريهة ما يؤدي إلى انتشار الذباب والبعوض والحشرات الضارة والأمراض بين أطفال المخيمات.


الجو هنا في أطمة جاف بشكل لا يحتمل، والغبار يملأ المنطقة نتيجة مرور السيارات على الشوارع غير المعبدة بالإسفلت.. ما يضيف مزيداً من المتاعب لدى الأهالي.


ترك تعليق

التعليق