من مصدر إزعاج إلى مصدر رزق.. قصة شجيرة "القبّار"


يقدّر إنتاج سوريا السنوي من ثمار "القّبار" أو ما يعرف بـ (الشفلّح)، بحوالي 4 آلاف طن، نصفها تنتجه قرى وبلدات بريف حمص الشرقي، ما يوفر سنوياً، مئات فرص العمل للأهالي، ليكون مصدر دخل أساسي لمعظم السكان المقيمين بالأرياف الشرقية لمحافظات حمص وحماة وإدلب، والذين يقّدر عددهم بحوالي 200 ألف نسمة.


من مصدر إزعاج لمصدر رزق

"القّبار" أو نبات (الشفلّح)، هو عبارة عن شجيرة حراجية، تنمو في الأراضي قليلة التربة والخصوبة، يلائمها الجفاف، ارتفاعها لا يتجاوز 90سم، ولها فوائد عديدة في الشفاء من أمراض كثيرة، كما يدخل ثمارها، التي تشبه حبات الزيتون، في صناعة العديد من الأدوية في الدول المتقدمة، وفي صناعة المقبلات والمخللات. وتعد الشجيرة مصدر غذائي أساسي للنحل في المناطق الصحراوية.


يقول المزارع "أبو يعقوب"، من ريف حمص الشرقي لـ "اقتصاد": "شجيرة القّبار، موجودة في الأراضي الزراعية منذ مئات السنين، وكانت في الماضي مصدر إزعاج كبير للمزارعين، حيث كانوا يقتلعونها من أراضيهم الزراعية ومن بين كروم العنب واللوزيات، لأنها تأخذ مساحات كبيرة، وبلا فائدة".

وأضاف يقول: "مع قدوم تجار اللوزيات إلى ريف حمص الشرقي في نهاية القرن الماضي، لاحظوا وجود هذه الشجيرة الحراجية بكثرة بالقرى التابعة لمنطقة (المخرم الفوقاني)، بريف حمص الشرقي، فطلبوا من الأهالي قطاف ثمار القّبار، قبل أن تصبح زهرة بيضاء، وشراءها منهم بأسعار معقولة".


أسعاره (1 - 2 دولار)

ورداً على سؤال لـ "اقتصاد" عن أسعاره وطرق قطافه، قال "عبدالحميد أبو عمر"، صاحب بقالية، وأحد مراكز تجميع ثمار القّبار بريف حمص الشرقي: "السعر العالمي لثمار القّبار ثابت ويتراوح ما بين (1 - 2) دولار أمريكي للكيلوغرام"، مشيراً إلى أن سعره قبل قيام الثورة السورية كان يتراوح ما بين 100 ليرة سورية في بداية الموسم، و 75 ليرة في ذروة الموسم، أما الآن فيباع الكيلو الواحد بـ 500 ليرة سورية بريف حمص الشرقي، بينما يصل سعره إلى 1000 ليرة في ريف المعرة بمحافظة إدلب.


وعن طرق قطافه، وحفظه قال "عبدالحميد": "عملية القطاف سهلة، وتتم في الصباح الباكر، وقبل غروب الشمس، ويقوم بها كافة أفراد الأسرة، حيث يتم قطاف ثمار النبات وهي بحجم حبة الحمّص، أو أكبر بقليل، ويستطيع الطفل بعمر 10 سنوات تجميع (2 - 3) كيلو غرامات يومياً، يتراوح سعرهم ما بين (1000 - 1500 ليرة)، وتستطيع الأسرة بموسم جني القّبار، جمع مبلغ يتراوح ما بين مليون إلى مليوني ليرة سورية، إذا كان أفرادها نشيطون".


 وأشار "عبدالحميد" إلى مخاطر عديدة يتعرض لها العمال أثناء قطاف ثمار القّبار، أهمها، ضربات الشمس في هذه الأجواء الحارة جداً، ولدغات الأفاعي، حيث تعتبر شجيرة القّبار مكاناً مناسباً لاختباء الأفاعي تحتها.


وأكد عبدالحميد، الذي يشتري ثمار القّبار من الأهالي، ويضعها في براميل زرقاء كبيرة مع الماء والملح لعدة أيام لحين قدوم التجار من مناطق أخرى، أن ريف حمص الشرقي، يحتل المركز الأول بإنتاج القّبار (الشفلّح)،على مستوى سوريا، حيث يتراوح إنتاجه ما بين (1500 -2000 طن) سنوياً، أي ما يعادل 50% من إنتاج سوريا، كما يمتاز ثمار ريف حمص من (الشفلّح) بجودة وقساوة المنتج وبمذاقه اللذيد، وتمتد فترة قطافه ما بين حزيران/يونيو وحتى نهاية آب/أغسطس من كل عام.

ترك تعليق

التعليق