نجاح نسبي لموسم البندورة في ريف درعا الغربي.. لماذا؟


بدأ مزارعو ريف درعا الغربي بتسويق محصول البندورة لهذا العام، وذلك على الرغم من التراجع الملحوظ الذي سجلته هذه الزراعة  خلال المواسم الزراعية السابقة، وقلة المساحات المزروعة بهذه المادة خلال الموسم الزراعي الحالي. 

وأشار المهندس صلاح الدين المحمود إلى أن "أسواق الخضار في مدن درعا الآمنة نسبياً، تشهد كل يوم عبور عشرات السيارات المحملة بكميات كبيرة من البندورة القادمة من مناطق الإنتاج في طفس وانخل ونوى وتسيل وبلدات حوض اليرموك"، لافتاً إلى أن الكثير من المزارعين التقليديين عادوا إلى الاهتمام بزراعة البندورة، بعد توقف وإحجام عنها دام عدة مواسم، نتيجة الظروف الأمنية التي تشهدها البلاد.

وعزا المحمود عودة المزارعين إلى الاهتمام بهذه الزراعة التقليدية وإن كانت على مساحات محدودة نسبياً، إلى التحسن الأمني الذي شهدته بعض المناطق، واعتماد الناس بشكل كلي على القطاع الزراعي كمدر أساسي للدخل لا بديل عنه، إضافة إلى توفر بعض مستلزمات الإنتاج، وإمكانية الوصول إلى أسواق التصريف في دمشق وبعض المحافظات السورية، وعودة بعض معامل الكونسروة إلى الإنتاج، وإمكانية تصدير هذه المادة إلى بعض الدول العربية التي مازالت تحافظ على علاقات تجارية مع مؤسسات النظام. 

وأشار المحمود إلى أن "الفلاح الحوراني رغم الصعوبات التي يعاني منها والظروف الأمنية السائدة، يصر على زراعة أرضه بمختلف المحاصيل الزراعية، حيث تشكل الزراعة بالنسبة له مصدر العيش الوحيد في ظل انحسار الخيارات الأخرى، فلذلك تجده يغامر بزراعة الأرض، مع يقينه أحياناً بأن الظروف ممكن أن تخذله، وأن تكون سبباً في إلحاق الخسائر به، كما حصل مرات عديدة خلال فترات الحصار في المواسم السابقة، لكن إيمانه بأن (الرزاق الله) يجعله يتوقف عن التفكير بأية  حسابات أخرى".

ويقول المزارع أبو مراد، 55 عاماً، إنه يزرع البندورة كل موسم متكلاً على الله. "ومرة تصيب و مرة تخيب"، لافتاً إلى أنه زرع الموسم الماضي نحو 10 دونمات بالبندورة، وأن خسائره بلغت أكثر من مليون ليرة سورية بسبب الأعمال العسكرية وقطع الطرق، إلا أن الله عوضه عما خسره في البندورة بمحصول البطيخ الذي حقق منه أرباحاً جيدة، كما قال. 

وأضاف قائلاً: "لقد زرعت هذا العام نفس المساحة بالبندورة، واستطعت أن أسوق كميات كبيرة من المحصول، بعتها بأسعار مختلفة تراوحت ما بين 50 إلى 150 ليرة سورية للكغ"، مشيراً إلى أنه استرد حتى الآن رأسماله كاملاً مع بعض الأرباح وأن لديه كميات كبيرة من الإنتاج في حقله حتى لو باع الكغ منها بأقل من 25 ليرة سورية ستحقق له أرباحاً تتجاوز المليون ليرة سورية.

ولفت إلى أن من أهم الصعوبات التي واجهته هذا العام عدم توفر كميات كافية من المياه، الأمر الذي اضطره إلى تأمين احتياجات حقله من الماء عبر نقل المياه بالصهاريج، وهو ما زاد تكاليف الإنتاج.

من جهته أكد المزارع أبو عمار، 58 عاماً، أن زراعة البندورة بالنسبة لأسرته زراعة متوارثة منذ عشرات السنين، وأنه لم يتوقف عنها إلا لعامين فقط، عندما لجأ إلى الأردن، مبيناً أنه عاد إلى بلده في ريف درعا الغربي في العام 2015 وبدأ بزراعة مساحات صغيرة بالبندورة وبعض الخضار الصيفية الأخرى.

وقال: "لا أتخيل حياة أسرتي بدون الزراعة، وزراعة البندورة على وجه الخصوص هي الزراعة الأساسية لدينا"، موضحاً أن أسرته كانت تزرع عشرات الدونمات في مناطق مختلفة من المحافظة عن طريق /الضمانة/، وأن لدى أسرته كل مقومات إنجاح الإنتاج الزراعي والخبرة الكبيرة في هذا المجال.

وأضاف: "رغم المهن المختلفة التي كان يمارسها أفراد الأسرة سابقاً، أصبح اعتمادنا الكلي في هذه الظروف على الأرض فقط، حيث باتت الأرض والزراعة ملجأ الكثير من الناس، بما فيهم أصحاب المهن، الذين تحول بعض منهم إلى العمل الزراعي".

وأضاف أن الظروف المناخية السيئة التي ترافقت مع انخفاض الهطل المطري خلال الشتاء وعدم كفاية المياه المتجمعة في السدود، دفعت الكثير من المزارعين إلى شراء المياه من أصحاب الآبار، لري الحقول، مما ضاعف من نفقات الإنتاج بشكل كبير، موضحاً أن سعر صهريج مياه الري الزراعي تجاوز 2500 ليرة سورية.

من جهته، أكد المزارع علي الأحمد،  وهو من حوض اليرموك، أن وضع زراعة البندورة هذا الموسم مقبول جداً، سواء من حيث الإنتاج (ما بين 7 و 10 طن للدونم الواحد) أو من  حيث التصريف في الأسواق"، لافتاً إلى أن المزارعين من المنطقة يقومون بتسويق إنتاجهم من مادة البندورة دون صعوبات، ويصلون إلى أسواق المدن الأخرى  بكل يسر وسهولة.

وأضاف أن ما ساعد في تحسن الوضع العام لبعض الزراعات، هو تحسن الوضع الأمني مقارنة مع العام الماضي، رغم بعض الاشتباكات المحدودة هنا وهناك.

وأشار إلى أن "توفر المشتقات النفطية وانخفاض أسعارها مقارنة مع الموسمين السابقين، واستقرار سعر ليتر المازوت عند حدود 200 ليرة سورية منذ بداية الموسم الحالي، أسهم في تخفيض نفقات ري المزروعات والحراثة والنقل كما وأسهم في زيادة أرباح المزارعين وتشجيعهم تدريجياً على العودة إلى العمل الزراعي".

وقال: "صحيح أن كميات الإنتاج قليلة هذا الموسم، لكنها كفيلة بتغطية احتياجات السوق المحلية، وحاجة المحافظات المجاورة"، لافتاً إلى أن سعر الكغ من البندورة يباع بأقل من 100 ليرة سورية في أسواق المحافظة، في حين وصل في الموسم السابق إلى أكثر من  450  ليرة سورية.

ترك تعليق

التعليق