بقعة خارج جغرافيا العيد.. سوريون في مخيمات عشوائية بشمال الأردن


العيد لم يتغير، لكن تغيرت الأزمنة والأمكنة فكثيرون صار عيدهم في خيمة وحيدين منسين، هذا ما حصل تماماً مع كثير من اللاجئين السوريين، ومنهم سكان المخيمات العشوائية المتناثرة في ريف مدينة المفرق الأردنية، الذين لم يعد عيدهم يقبِل بالفرحة والسرور، وحتى بالنسبة للأطفال لم يعد يأتي لهم بالثياب الجديدة ويرسم على وجههم الضحكات.

حول هذا الموضوع حاور "اقتصاد"، الناشط خالد خليفة النبيطي، الذي أكد أنه يعيش في مخيم عشوائي وعلى اطلاع كامل على أوضاع الناس الاقتصادية والمعيشية، فهذه المخيمات أصلاً نشأت حول مزارع الفاكهة والتجمعات السكنية لتأمين العمل، من أجل 7 دولارات يومياً للفرد الواحد، فلذلك يضطر الأب لتشغيل أولاده حتى الصغار منهم لكسب قوت اليوم.

يضيف النبيطي أنه بسبب الظروف الاقتصادية لسكان المخيمات لا يبدو للعيد بهجة إطلاقاً، والثياب الجديدة تعتبر قطعاً نادراً وحتى ما قامت بتوزيعه بعض الجمعيات الخيرية هو عبارة عن ثياب مستعملة (بالة) على 500 عائلة من المخيمات العشوائية. وقلما يتم توزيع ثياب جديدة لهؤلاء الأطفال. والأهالي بالطبع لا يستطيعون شراء الثياب الجديدة في معظمهم بسبب ظروفهم الاقتصادية السيئة.

وقد أوضح النبيطي أنه تجول في أكثر من مخيم عشوائي لكن لم ير مظاهراً للعيد مطلقاً، فالناس بالكاد تستطيع تأمين طعامها وشرابها، حتى الأطفال كلٌ في بيته، وكأن العيد لم يزرهم أبداً، ناهيك عن اختفاء مظاهر ضيافة العيد التي تعتبر مكلفة بالنسبة لهم، لذلك يكتفون بفنجان قهوة مرة كمرارة العيش.

أما "أبو محمد"، اللاجئ السوري في المخيم العشوائي، فقد أوضح لـ "اقتصاد"، أنه رب لأسرة تتألف من 9 أشخاص يعمل طوال اليوم في مهنة البناء لتأمين قوتهم حتى في أيام العطل، والعيد بالنسبة له عطلة، وهذا يعني أنه لن يكسب النقود، إضافة إلى أنه إن أراد شراء ملابس لعائلته فيحتاج دخل شهر كامل لذلك، وهذا من غير الممكن، فالعيد عندهم أصبح أياماً تنقضي دون فرحة مع غصة البعد عن الوطن.

يضيف أبو محمد أن أطفاله حصلوا على ثياب مستعملة من الجمعية الخيرية لكنها ليست جديدة وهذا ما يفرح الأطفال. حتى العيدية نسيها أولاده منذ مغادرة سوريا، وهو ينساها أو يتناساها لضيق ذات اليد، وهو الآن ينتظر العيد لينتهي ويعود إلى عمله مع أولاده الأربعة الكبار الذي تركوا المدرسة من أجل العمل.

أما "أم خالد" التي فقدت زوجها في سوريا فقد أكدت أنها تعمل في قطف الثمار من المزارع المجاورة هي وأطفالها الثلاثة، لتكسب قوتها، فقد نسيت طعم الفرح ولم يعنِ لها العيد سوى استرجاع للأوجاع والمفقودين والشهداء والجرحى، إضافة إلى مسؤوليات اقتصادية هي لا تستطيع تأمينها، لذلك جاهدت هذا العيد لإحضار ملابس جديدة لأولادها إلا أن محاولاتها باءت بالفشل، وكالعادة أخبرت أطفالها أنه في العيد القادم ستجلب لهم ما يتمنون وهي نفسها غير مقتنعة بكلامها.

ويبقى السؤال الأكبر متى سنعود للوطن لنجد العيد من جديد؟!

ترك تعليق

التعليق