"سماسرة" حماة وتسعيراتهم.. تفاصيل اطلع عليها "اقتصاد"
- بواسطة محمد الأمين - خاص - اقتصاد --
- 26 حزيران 2017 --
- 0 تعليقات
ساهمت الفوضى الأمنية في مناطق سيطرة النظام، إلى جانب ضعف الرقابة في مؤسساته الحكومية، وتقلُّد "الشبيحة" زمام الأمور في الكثير من مفاصل الحياة، في ظهور "تجار" أزمات مهمتهم الوحيدة مقاسمة المواطن قوت يومه، والارتزاق والتسلط على الأهالي، كان منها ظاهرة "السمسرة" على أبواب مؤسسات النظام وفقاً لما رصد "اقتصاد" في مدينة حماة، تقوم أساساً على استغلال حاجة الأهالي أو الموظف في تسيير معاملة ما أو تأمين راتب شهري معرقل أو ما شابه ذلك من ممارسات المواطن العادي في مؤسسات بلده.
وأشار مصدر من مدينة حماة (فضّل عدم الكشف عن اسمه) لدواعٍ أمنية في حديث لـ"اقتصاد"، أن الفكرة بدأت على مستوى ضيق ومحدود، لتتطور بعد سنوات لتكون مصدر رزق لكثير من الأشخاص وعمل يجني منه الأموال الطائلة، مستغلاً في ذلك علاقته مع مجموعة من الشبيحة للتغطية الأمنية وكبار الموظفين في المؤسسة المرجوة، التي عمدت بدورها إلى عرقلة القضايا الشائكة أمام المواطن ليسهل تصيده، كما تقوم على شبكة واسعة يسودها التناغم والتنسيق في سبيل الحصول على مال أكثر، وهي بمجملها نتاج لجملة من الفساد يتفشّى في مؤسسات النظام.
"محمد الريّس" معلم مدرسة مقيم في حماة، اضطر خوفاً من مساءلات أمنية، إلى توكيل أحدهم ويدعى "جابر الحمد" في استلام الراتب الشهري، يقول: "بعد أن علم بحساسية وضعي الأمني، ومدى الخطورة التي تهددني والحاجة الملحة بذات الوقت، تفاجأت بطلبه أكثر من 50% من الراتب، اضطررت إلى الإذعان لذلك".
التقرب الكبير من الموظفين، والثقة المتبادلة بينهم، فضلاً عن السخاء في البذل المادي، أبرز ما يميّز تلك العيّنات، ويوضح "خالد الخطيب" أحد سكان المدينة، من خلال تجربة شخصية مع العديد من هذه النماذج، أن السباق والمنافسة كبيران في ميدان عمل السماسرة. تقوم هذه المنافسة في تأمين المهمة بمدّة أقل، وهي أكثر ما يراوغ بها السمسار كوسيلة ضغط على صاحب الحاجة بعد نفاد صبره، لدفع مبلغ أكبر في سبيل الخلاص منها، وإلى جانب المدة الجودة (بلغة السمسار) وهي الكفالة من عدم التزوير وهي ما وقع في فخها الكثير من الأهالي والموظفين، كانت السيدة خديجة (اسم مستعار) واحدة منهم، حيث أوكلت أحدهم بالتنسيق مع قريب لها لإصدار دفتر عائلة لها، لتكتشف أنه مزوّر ولدى مراجعتها له، كان الرد بتهديدها في تلفيق تهمة أمنية بحال عاودت مراجعته أو أشاعت الموضوع، مدعوماً بحسب ما أوضحت بمجموعة شبيحة نافذين في حماة.
ورصد "اقتصاد" التسعيرة الرائجة في سوق السمسرة، بناءً على شهادات من أهالي وموظفين، كانت: تسجيل زواج بدون حضور الزوجين 42 ألف ليرة سورية، تسجيل زواج مع حضور 20 ألف ليرة، إصدار دفتر عائلة بدون حضور 100 ألف ليرة، أما بحضور الزوجين 42 ألف ليرة، إخراج بيان عائلة من النفوس 20 ألف ليرة، بينما تصديق شهادة تعليم أساسي أو ثانوي تتراوح من 20 إلى 25 ألف ليرة.
ولا يقف نشاط هؤلاء "السماسرة" على أبناء مدينة حماة، فبعد أن أصبحت المدينة قبلةً لأهالي وموظفي محافظة إدلب، لقبض الراتب أو إخراج وثائق وغيرها بعد تحرير مدينة إدلب، أصبح أبناء المحافظة لقمة سائغة في أفواه السماسرة، وفقاً لما عبّر "أبو محمد" من ريف إدلب، وهو موظف متقاعد نزل إلى حماة لمتابعة بطاقته المصرفية وتجديدها وإتمام شؤون راتبه، يقول: "بعد العديد من المحاولات الفاشلة في إتمام الوثائق اللازمة، اضطررت لتكليف أحد السماسرة بعد أن أشار أولادي عليّ بذلك، فالتردد على حماة بشكل دوري مكلف ومتعب لرجل مثلي وصل عمره لـ 70 سنة".
ويتابع محدّثنا: "كلفناه بمتابعة الإجراءات في الشهر الأول من السنة الجارية، ليتمكن من إنهاء المعاملة من إصدار بطاقة بريدية وتحويلها إلى مصرفية في بداية شهر نيسان ليتقاضى على ذلك 110 ألف ليرة سورية بعد (المراعاة) على حدّ قوله".
ووفقاً لما اطلع عليه "اقتصاد"، كانت مراحل الإجراءات مع التسعيرة، كما يلي: 50 ألف ليرة سورية إجراءات استلام بطاقة الراتب من المصرف، 40 ألف ليرة إجراءات تحويل بطاقة الراتب من البطاقة البريدية إلى البطاقة المصرفية، 30 ألف ليرة إصدار البطاقة أو تجديدها.
التعليق