وجبات إفطار بطعم الذل
- بواسطة عبد السلام حاج بكري – خاص - اقتصاد --
- 22 حزيران 2017 --
- 0 تعليقات
"قسماً ما كنت لأقبلها لو كان لدي ما أطعم به أولادي".. هذ الجملة التي صغناها بتصرف قالتها أم وسيم، وهي زوجة شهيد من ريف اللاذقية تعليقاً على اشتراط الجمعية الخيرية التي وضعت وصف "الإسلامية" ضمن اسمها، تصويرها وأطفالها عند استلام وجبة إفطار رمضانية.
رمضان كريم، هكذا يصفه المسلمون في كل الدنيا. وفي هذا الشهر الفضيل، قالت زوجة الشهيد النازحة إلى أحد مخيمات ريف إدلب الغربي، بتصرف أيضاً، "إنه كريم حقاً، ولكن من يدّعون تجارة الخير والثواب، أبوا إلا أن يجعلوه شهراً للرياء والمفاخرة".
كيف كنّا؟
جمعيات خيرية عدة تقوم بتوزيع وجبات إفطار على النازحين القاطنين بمخيمات ريف إدلب قريباً من الحدود التركية، بعضها "توثق" ما توزعه بالصوت والصورة، الأمر الذي يدفع كثيرين لرفض وجباتها، رغم حاجتهم لها.
يعاني غالبية النازحين من ريف اللاذقية والمناطق الأخرى إلى ريف إدلب الغربي، من الفقر جراء مغادرتهم لأراضيهم الزراعية واستيلاء قوات النظام عليها، وعدم توفر فرص عمل تؤمن مصدر دخل. ويتزايد الفقر في صفوف الأسر التي فقدت معيلها في الحرب ضد النظام.
أم وسيم، زوجة الشهيد التي قبلت وجبة الإفطار لدرء الجوع عن أطفالها تحدثت عن الحالة المادية الجيدة التي كانت تعيشها أسرتها قبل استشهاد زوجها، وأشارت إلى أن مؤسسة خيرية تولت دفع راتب شهري لها، كان كفيلاً بتوفير احتياجات الأسرة قبل أن تتوقف عن الدفع، الأمر الذي اضطرها لقبول مساعدات قالت إنها مغمسة بذل التصوير والعرض.
ليست حالة فردية
جمعيات تصف نفسها بالخيرية والإسلامية وغيرها من الصفات الطنانة في ريف إدلب وغيرها من المناطق تشترط لتقديم المساعدات للمحتاجين توثيق ذلك بالصورة، حيث تطلب من المحتاجين رفع لافتة تحمل اسمها عند استلام المساعدة أياً كان نوعها وقيمتها.
عشرات الصور نشرتها وسائل إعلام لحالات مشابهة، وتفاخرت إحدى الفرق التطوعية بنشر فيديوهات قالت إنها صورتها سراً، يظهر فيها أطفال يستلمون مبلغاً مالياً، وهو أمر غريب عن المجتمع السوري.
إمام مسجد في أحد مخيمات ريف إدلب تحدث لـ "اقتصاد" عن ظاهرة التصوير مشيراً إلى أنها انتشرت بسبب عدم ثقة المانحين والمتبرعين بالجمعيات التي تتولى توزيع المساعدات، أو لرغبتها بالمزيد من الدعم من خلال تقديم هذه الصور والمشاهد للجمعيات الأم، وغالبيتها في الخليج.
وكانت جمعيات عدة أُغلقت بسبب فضائح مالية وسرقات نسبت إليها، ووصل الأمر إلى اتهام أشخاص بمثل ذلك، وألقت فصائل مقاتلة القبض على عدد منهم خلال السنوات الماضية، وهرب بعضهم عبر البحر إلى أوروبا بأموال سرقوها، وكانت مخصصة لدعم السوريين وإطعامهم.
يتساءل البعض، ما الحل المناسب الذي يسمح بوصول المساعدات إلى مستحقيها دون إذلال، ويضمن في الوقت نفسه عدم سرقتها من قبل الوسطاء الذين يقومون بإيصالها؟
يرى جمال، وهو معلم في مدرسة بأحد المخيمات، أن التصوير الثابت والفيديو لا يمكن أن يكون دليلاً قاطعاً للجهات المانحة على نزاهة الجمعيات الوسيطة، لأنه لا يمكن تصوير كل عمليات التوزيع، "لأن ذلك يحتاج وقتاً يوازي الوقت المستهلك في توزيعها، وهذا غير ممكن".
ودعا في حديث لـ "اقتصاد" الجمعيات التي تقدم المساعدات إلى تسليمها بإيصالات رسمية إلى المجالس المحلية المنتخبة أو لجان يشكلها سكان المخيمات ويتولون مراقبة عملها وتوزيعها بعدل على المستحقين.
تساءلت أم وسيم، "ألا يكفي ما تعرض له السوري من قهر على يد نظام الأسد من موت وإصابات وتهجير، هل ينقصه أن يضعه سوري آخر في موقف الإذلال مقابل وجبة أو مساعدة ما، هي مقدمة له أصلاً"، وشكت أمرها وأمر السوري إلى الله.
التعليق