جنوب دمشق.. تجارة الثلج تنتعش وسط مخاوف من المياه الملوثة


مع ارتفاع درجات الحرارة وساعات الصيام الطويلة في شهر رمضان غدت قوالب الثلج والتي يتم إدخالها من العاصمة دمشق،  الخيار الوحيد أمام أهالي جنوب العاصمة لتخفيف وطأة الحر، حيث تشهد أسواق المنطقة إقبالاً كثيفاً على شراء قطع الثلج خاصة مع عدم قدرة الأهالي على تبريد المياه في منازلهم نتيجة قلة عدد ساعات الكهرباء النظامية التي تغذي المنطقة بموجب اتفاق الهدنة مع نظام الأسد، والتي لا تتعدى ساعة واحدة يومياً، كما لا يمكن الاعتماد على كهرباء المولدات لتشغيل البرادات، لأن حصة كل عائلة لا تتعدى نصف أمبير فقط.

عبر المنفذ الوحيد إلى جنوب دمشق، حاجز "ببيلا - سيدي مقداد"، يدخل يومياً أكثر من 2000 قالب ثلج من العاصمة دمشق حيث تدخل السيارات المحملة بالثلج قبيل الظهر ليتم توزيعها على أصحاب البسطات في أسواق يلدا وببيلا وبيت سحم، ليتم بيعها على شكل قطع صغيرة تباع الواحدة منها بـ 100 ليرة سورية، فيما يبلغ سعر القالب 500 ليرة سورية.


 مؤيد، بائع ثلج، يروي لـ "اقتصاد" تفاصيل إدخال الثلج لجنوب العاصمة، "سعر قالب الثلج في دمشق أو في مصنعه يبلغ 300 ليرة ويباع في المنطقة بسعر 500 ليرة سورية أي بزيادة 200 ليرة حيث تضاف هذه الزيادة لتكاليف نقل سواء للسيارات أو أجور العمال كما هناك النسبة التي يفرضها الحاجز والتي تبلغ قرابة 5% من قيمة الحمولة، وتشهد الأسواق إقبالاً كبيراً على شراء قطع الثلج والتي يضعها الأهالي في ترامس المياه لتحافظ على برودة الماء لوقت السحور. طبعاً، الكمية التي يتم إدخالها من قوالب الثلج تغطي احتياجات البلدات الثلاث إضافة لأحياء مخيم اليرموك والحجر الأسود، حيث ينقل أصحاب البسطات في سوق العروبة قوالب الثلج على دراجات نارية أو هوائية لبيعها هناك بعد إضافة مبلغ 25 ليرة على القطعة الواحدة".
 
ويتابع مؤيد: "قوالب الثلج التي يتم إدخالها إلى المنطقة مصنعة بمياه الآبار، فالقوالب المصنعة بمياه الفيجة سعرها أعلى، ويبلغ سعر القالب الواحد 500 ليرة سورية، ولا يتم صناعة الثلج محلياً نتيجة ارتفاع تكاليف إنتاجه والتي تتطلب مولدات ديزل كبيرة تعمل على مدار اليوم وتستهلك كميات كبيرة من الوقود، فقد شهدت التجارب السابقة التي قام بها عدد من أبناء المنطقة لصناعة الثلج فشلاً كبيراً، حيث بلغ سعر القالب الواحد قرابة 1000 ليرة، وعلى الرغم من استخدام المياه النقية في صناعته إلا أنها لم تلق رواجاً بين الأهالي نتيجة ارتفاع سعرها".
 

وللاطلاع على الآثار الصحية المترتبة على استخدام الأهالي قوالب الثلج المصنعة بمياه الآبار، زار "اقتصاد" الهيئة الطبية العامة لجنوب العاصمة دمشق، حيث يقول محمد إدريس الشامي، أحد أعضاء الهيئة، "نتيجة نقص المعدات والأجهزة اللازمة لإجراء التحاليل لم نتمكن من إجراء تحاليل على عينات من قوالب الثلج لاستبيان صلاحيتها للاستهلاك البشري، لكن لوحظ لدينا ارتفاع وتيرة الإصابة بعدة أمراض مع بدء موسم ارتفاع درجات الحرارة واستخدام الأهالي لقوالب الثلج لتبريد مياه الشرب وهذه الأمراض هي التهابات المعدة والأمعاء والحمى التيفية إضافة لأمراض الكلى، وفي الغالب هذه الأمراض تكون نتيجة استخدام مياه ملوثة غير صالحة للشرب والتي نرجح أن قوالب الثلج والتي تستخدم في صناعتها مياه مجهولة المصدر كونها لا تصنع محلياً، ويتم جلبها من دمشق، هي أحد العوامل المسببة لانتشار هذه الأمراض والتي سجلت في جنوب دمشق خلال الأعوام السابقة أعداداً كبيرة في نسبة الإصابة".

ووجهت الهيئة الطبية العامة لجنوب العاصمة عبر "اقتصاد" نصيحة للأهالي بأن يقوموا بتغليف قطع الثلج بأكياس نايلون وإحكام إغلاقها قبيل وضعها في حافظات المياه. كما دعت الهيئة الأهالي للتأكد من مصادر مياه الشرب التي يستخدمونها لأنها السبب الرئيسي لانتشار الأمراض مع بدء موسم الحر، في حال كانت مياهاً ملوثة.

ترك تعليق

التعليق