في أنطاكية، وبلا مقابل.. مسحراتي سوري يثير شجون أبناء بلده، وإعجاب الأتراك


"يانايم وحد الدايم".. أبو خالد، رجل سوري من ريف اللاذقية المحتل، يجوب شوارع أنطاكية منذ بداية رمضان، ينادي على السوريين.. "السحور بركة".
 
تهش الوجوه عند سماع صوته، حتى الأتراك أعجبهم طريقته في إيقاظ الناس، وطلبوا من المسحرين الأتراك تقليده.

روحانية سورية

يجوب أبو خالد، الذي طلب من موقع "اقتصاد" عدم نشر صورته، شوارع أنطاكية في هاتاي التركية، حيث تسكن بعض شوارعها غالبية سورية. ينقر على دفه نقرات خفيفة، ينادي بصوت عذب.. "يانايم وحد الدايم. فيقوا على سحوركن الله يبارك بصيامك. حي على الصلاة حي على الفلاح. اقترب نصر ثورتنا ولاح. يانايم وحد الدايم".

يعرف أبو خالد أغلب بيوت السوريين في حواري المزرلك وشارع الجمهوريات، وينادي على أصحاب البيوت بأسمائهم بصوت جميل ولطيف، وفي كل منطقة حسب اللهجة التي تغلب على سكانها، "الحلبية، الشامية، اللادئانية، الحمصية".

يخرج أصحاب البيوت من السوريين لتحيته، وحتى الأتراك أصبحوا ينتظرون مروره ليسلموا عليه ويتكلمون معه بكل لطف وأدب.

رفض أبو خالد أن يأخذ أي شيء مقابل إيقاظه للناس. وبرر ذلك بقوله لـ "اقتصاد": "أنا قررت الخروج ليلاً وقت السحر لإيقاظ الناس هذا العام، لأن الشبان الأتراك يقرعون بالطبل بطريقة مزعجة بعيدة عن الروحانية، وأنغامهم تشبه موسيقا الدبكة القوية وهي مزعجة".
 
تابع: "أنا أرغب أن أعلمهم من خلال التجربة والتكرار طريقة لطيفة محببة إلى القلوب، تشعر الناس من أتراك وسوريين بروحانية هذه الأيام الفضيلة".

المسحر السوري يعلم الأتراك

وأضاف: "لقيت محبة وتقبلاً لهذا الأسلوب من الأتراك لم أكن أتوقعها، ولكنني تعرضت لمضايقات من بعض الشبان (المسحراتية) في اليوم الأول والثاني، ومن ثم اصطحبت ابن أخي الذي يجيد التركية وأفهمهم بأني لا أريد أن أحل مكانهم، وأنا لا أتقاضى أي مقابل مادي عن عملي وطلب منهم مرافقتي للتعلم مني".

تابع: "أؤكد لكم بأنني لقيت تجاوباً منهم وتفهماً، وأصبحوا يقلدونني ولكن باللغة التركية، وكذلك فقد طلب مجموعة من السكان الأتراك من شبابهم (المسحراتية)، استبدال الطبل الكبير بالطبلة الصغيرة والنقر عليها بطريقة موسيقية تتناسب مع ما يقولون والابتعاد عن الصوت القوي كما أفعل أنا".

"علي كنت" التركي، قال لـ "اقتصاد" بلغته العربية المكسرة: "أبو خالد سحور كيس، تركي سحور ما بيعرف، لازم يتعلم من أبو خالد تمام"، (ويقصد أن أبو خالد جيد في أسلوبه أما المسحراتي التركي فهو غير جيد ويجب أن يتعلم من أبو خالد).

أعادنا المسحر إلى سوريا

وروى أبو محمد لـ "اقتصاد" ماحدث معه بسماعه لصوت المسحر السوري لأول مرة. "سمعت مسحراتياً ينادي باللهجة اللادئانيية (يانايييم وحد الداييييم، بشاااار دنب الكلييب موداييييم، يا أبو محماااد أوووم وحد القيووووم".

تذكرت الشاب مأمون ابن قريتي الذي استشهد العام الماضي، كان يتولى إيقاظ القرية بمثل هذه الألفاظ، خرجت مسرعاً إلى الشارع ورأيت أبو خالد، وبادرني بالسؤال، "(زكرتك بمأمون يا أبو محمد)، ومضى بعد أن دمعت عيناه".

"ومنذ أول يوم برمضان وأنا أنتظر أبو خالد أمام منزلي وقت السحور مجهزاً له كأساً من السوس، وإن تأخر أتصل عليه وأقول له ناطرك يا مأمون".

حاول الكثير من الأتراك الذين يمر أبو خالد بشوارعهم إكرامه حسب العادة في تركيا التي تتشابه مع العادات السورية، ولكن أبو خالد رفض ذلك بل يرفض تناول حتى الأطعمة التي يحاولون تقديمها له.

ترك تعليق

التعليق