قمح "درع الفرات" في خطر


يعد الموسم الزراعي لهذا العام 2017 من أفضل المواسم التي تشهدها المنطقة الممتدة بين اعزاز وجرابلس، أي "منطقة درع الفرات"، منذ سنوات، وذلك من حيث كمية الإنتاج وجودة الموسم، بسبب الهطولات المطرية الكبيرة التي حصلت في هذا العام بالإضافة إلى عودة مساحات واسعة من الأراضي الزراعية الخصبة إلى الخدمة بعد أن كانت في المواسم الثلاث الماضية مسرحاً للعمليات العسكرية بين الجيش الحر وتنظيم الدولة.

وتشتهر هذه المنطقة بزراعة القمح والشعير والبطاطا وحبة البركة والكمون، بالإضافة إلى أشجار الزيتون والكرز. وتعد الزراعة من أهم مصادر الدخل لسكان هذه المنطقة، خصوصاً سكان مارع واعزاز واخترين وصوران وجرا بلس والباب.

ويعتبر القمح من أهم المحاصيل الزراعية في هذه المنطقة من حيث مساحة الأرض المزروعة وكمية الإنتاج، بالإضافة إلى كونه محصولاً استراتيجياً يدخل في نظام الأمن الغذائي، مما زاد في أهميته هذا العام تحديداً بعد أن حوصرت هذه المنطقة من قبل قوات "سوريا الديمقراطية" والنظام، حيث باتت تعتمد في غذائها على الطحين الإغاثي الذي تقدمه المنظمات، لذلك يتوجب المحافظة على هذا المحصول، وإعطائه أهمية من قبل الجهات المسؤولة في المنطقة.


مزارعو القمح في منطقة درع الفرات أبدوا مخاوفهم وقلقهم من ضعف تسويق محصولهم، بالإضافة إلى تدني سعر القمح في الأسوق إلى 125 ل. س للكلغ أي ما يعادل 200 دولار للطن الواحد، وهذا السعر لا يغطي النفقات التي خسرها المزارعون حتى وصل المحصول إلى نهايته.

المهندس الزراعي عبد الوهاب طيفور، عضو المكتب الزراعي في المجلس المحلي في اعزاز، قال لـ "اقتصاد": "وردتنا العديد من الشكاوى من قبل المزارعين بخصوص انخفاض أسعار القمح وعدم وجود جهة تقوم بشرائه بشكل كامل".

وبيّن طيفور: "في هذا الموسم كانت التكاليف مرتفعة بالنسبة لمحصول القمح  بشكل خاص والزراعة بشكل عام، فقد حدث ارتفاع في أسعار البذار والأسمدة والفلاحة والحصاد والنقل، إذ يعتبر الإنتاج الزراعي بشكل عام جيداً، وخصوصاً إنتاج القمح، ولكن  ضعف التسويق سبب مخاوف كبيرة نتيجة عدم قيام الجهات المعنية بشراء القمح منهم بشكل كامل، حيث عللوا السبب بضعف الإمكانيات المادية لديهم".

 وحذّر طيفور: "في حال عدم شراء هذا الموسم سيتكبد المزارعون خسائر كبيرة مما يجعلهم يعزفون عن زراعة القمح في المواسم القادمة، ويتجهون لزراعات محاصيل أخرى على حساب هذا المحصول الاستراتيجي".

المدير العام لمؤسسة الحبوب في الحكومة السورية المؤقتة، المهندس عرفان داد يخي، أوضح لـ "اقتصاد" قائلاً: "بدأ موسم حصاد القمح منذ يومين والتقديرات تشير إلى ارتفاع إنتاج الهكتار لهذا الموسم حيث وصل إلى 2.5 طن للبعل و5 طن للهكتار المروي".

أما بالنسبة لتقدير كمية الإنتاج في منطقة درع الفرات، بيّن داد يخي: "لا يمكن حصر الكمية بشكل دقيق لعدم وجود دراسة عن هذا الموضوع باعتبار هذه المنطقة محررة حديثاً من تنظيم الدولة. ولكن بشكل تقريبي قد يصل الإنتاج إلى نحو 75 ألف طن في منطقة درع الفرات".

وعن تسويق الإنتاج، أشار داد يخي: "لا يوجد لدى المؤسسة العامة للحبوب إمكانيات لشراء كامل الموسم بسبب عدم وجود سيولة نقدية كافية لشراء كامل الموسم، وذلك لعدم وجود جهة داعمة من أي دولة، حيث سيتم شراء نحو 15% منه، وقد قمنا بتحديد السعر على النحو التالي: الصنف الطري بـ 265 دولار للطن، والقاسي 270 دولار للطن".

 وفي متناول حديثه، حذّر داد يخي من قيام بعض ضعفاء النفوس من التجار بتهريب القمح إلى مناطق قوات "سوريا الديمقراطية" ومناطق النظام، مشيراً إلى أن على الجهات المعنية الاهتمام بهذا الموضوع ومحاسبة كل من يحاول الإقدام على هذا العمل باعتبار القمح مصدر قوت لأبناء هذه المنطقة.

 كما نوه داد يخي إلى خطورة تصدير القمح إلى خارج الأراضي السورية لأن القمح يدخل في مجال الأمن الغذائي للبلد وهو السلاح "الذي ربما يستخدم في سلب قرارنا، ونتمتى من المعنين في المنطقة عدم السماح بتصديره إلى الخارج"، حسب وصفه.

ومن جانبه، قال فواز هلال، مدير مركز حلب لمشروع القمح في وحدة تنسيق الدعم acu: "تم التعاقد مع المزارعين لزراعة 1000 هكتار في الريف الشمالي لحلب وفق عقود إكثار بالتعاون بين وحدة تنسيق الدعم ومؤسسة إكثار البذار الحرة حيث سيتم استلام 1.7 طن من كل هكتار متعاقد عليه مع المزارعين بسعر 270 دولار للطن من النوع القاسي و265 دولار للطن من النوع الطري".

وبيّن هلال: "لا يوجد لدينا خطط حالياً لرفع كميات شراء القمح غير عقود الإكثار لذلك ينبغي مطالبة المنظمات العاملة والتي تقدم الطحين في الريف الشمالي بشرائه بمن فيهم المنظمات التركية".


تمتد منطقة درع الفرات على مساحة وقدرها 200000 هكتار، من هذه المساحة يوجد تقريباً 50000 هكتار مزروعة بمحصول القمح.  ومن المتوقع لهذه المساحة أن تنتج كمية من القمح تقدر بـ 125000 طن بنوعيه القاسي والطري.

وفي تصريح خاص لـ "اقتصاد"، قال المدير العام للمؤسسة العامة لإكثار البذار، معن ناصر: "عملت المؤسسة العامة لإكثار البذار خلال السنة على عدة محاور لدعم زراعة القمح، منها إبرام عقود إكثارية مع 227 مزارع بمساحة وقدرها 1005 هكتار.
هذه العقود موزعة على مناطق ممتدة بين عزاز وأخترين والراعي وصوران ومارع".

وبيّن ناصر: "عملت المؤسسة، وفق العقود، على زراعة 13 صنفاً محلياً. ويقوم العقد على تقديم المؤسسة مستلزمات الإنتاج بقيمة 500 دولار للهكتار الواحد على أن تستلم بذار القمح في نهاية الموسم بهذا المبلغ".

ومن المحاور التي عملت عليها مؤسسة إكثار البذار، حسب مديرها العام، حملة مكافحة الفأر، حيث قامت المؤسسة بتوزيع مبيد القوارض (كليرات، فوسفيد الزنك). وبلغت كمية المبيد الموزعة 500 كغ مبيد كليرات، و275 مبيد فوسفيد الزنك، وبلغت المساحة المكافحة تقريباً 11000هكتار.

كما أنشأت المؤسسة العامة لإكثار البذار محطة لاستعادة المراحل العليا لأصناف القمح المحلية، حيث تم زراعة 17 صنفاً محلياً ضمن قطع مساحتها 1.5 دونم. وقامت المؤسسة بتنقية هذه الأصناف قبل زراعتها. وبعد الزراعة، عند تمايز الأصناف، عملت لها تنقية أخرى أيضاً.

وختم معن ناصر: "حالياً تقوم المؤسسة العامة لإكثار البذار باستلام بذار القمح من المزارعين المتعاقدين. ومن المتوقع استلام 1500 طن من البذار من المزارعين بهدف غربلته وتوزيعه للمزارعين في الموسم القادم. ولا توجد عوائق لعملية التسليم".

ترك تعليق

التعليق