ماذا بقي من قطاع الصناعة في درعا؟
- بواسطة خاص - اقتصاد --
- 13 حزيران 2017 --
- 0 تعليقات
نال القطاع الصناعي في درعا نصيبه من التدمير الذي طال ذلك القطاع في عموم سوريا. ويسلط "اقتصاد" في هذا التقرير، الضوء على ما أصاب ذلك القطاع في جنوب سوريا.
يتحدث المهندس معتز الهاني، 39 عاماً، لـ "اقتصاد"، وهو من المطلعين على واقع درعا الصناعي، عن الأفق الذي كان منتظراً لقطاع الصناعة في المحافظة قبل العام 2011، فيقول: "محافظة درعا كانت من المحافظات السورية الصناعية الواعدة، ومطرحاً مبشراً بمستقبل صناعي زاهر بسبب ما تمتلكه من ميزات استثمارية كفيلة بإنجاح أي مشروع صناعي"، لافتاً إلى أن من أهم الميزات التي تتمتع بها المحافظة، توفر الأراضي المخصصة لإقامة المشاريع الاستثمارية بأسعار مقبولة، إضافة إلى توفر اليد العاملة الرخيصة، وقرب المحافظة من العاصمة دمشق، وتوفر مشاريع البنية التحتية من ماء وكهرباء واتصالات وخدمات أخرى.
وأضاف أن "محافظة درعا تتميز أيضاً بالإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وبتوفر العديد من المواد الأولية التي تدخل في بعض الصناعات التحويلية، إضافة إلى وقوعها على الاوتستراد الدولي دمشق – عمان، وقربها من جمرك نصيب على الحدود السورية- الأردنية. كل ذلك جعل أنظار المستثمرين تتجه إليها".
وبيّن المهندس معتز، أن "محافظة درعا شهدت مراحل إنجاز متقدمة لمشاريع اقتصادية فريدة على مستوى الشرق الأوسط، منها معمل إنتاج الأدوية السرطانية الذي كان في مراحل إنجازه الأخيرة في قرية شعارة على الاوتستراد الدولي".
وأكد أن "الحرب وما جلبته من ويلات على عموم الشعب السوري أوقفت هذا المشروع، كما غيره من مئات المشروعات، نتيجة الأعمال العسكرية التي قامت بها قوات النظام واستهدافها الممنهج لمشاريع البنية التحتية في المحافظة، ما جعل أصحاب الفعاليات الصناعية والاستثمارية، يلجؤون إلى نقل مشاريعهم إلى مواقع أخرى أكثر استقراراً، أو الهجرة خارج البلاد".
من جهته، أكد المهندس طلال العزو، وهو مشرف على أحد معامل الكونسروة في المحافظة، أن الحرب التي تشهدها البلاد تسببت بإغلاق عشرات المعامل القائمة في المحافظة، وأضاعت مئات فرص العمل على الشباب الذين وجدوا أنفسهم على قارعة الطرق بدون أي مداخيل، موضحاً أن عشرات المعامل تعرضت للتخريب والنهب بعد أن توقفت عن العمل وهجرها أصحابها.
وأضاف أنه منذ بداية الثورة يجلس بدون عمل أو دخل مادي وأنه منذ أن ترك عمله في العام 2012، يعيش على مساعدات إخوته المغتربين الذين يرسلون له مبلغاً مالياً يكفي احتياجات أسرته كل شهر.
فيما أكد مهران، 35 عاماً، أنه كان يعمل في أحد معامل إنتاج الشيبس، لكنه وجد نفسه بلا عمل بعد أن أغلق صاحب المعمل معمله، ونقل كل أنشطته الصناعية خارج البلد، مشيراً إلى أنه يعمل الآن مياوماً في الحصاد، وأن ظروفه المادية صعبة جداً، بسبب عدم وجود فرص عمل دائمة.
من جهته، أكد أبو عمران، 60 عاماً، وهو صاحب منشأة حرفية لصناعة البلاط والرخام، أن الأعمال العسكرية وعمليات التدمير الممنهج الذي تعرضت له بلدة عتمان، جعلته "على الحديدة"، مبيناً أنه فقد كل معداته وأدوات عمله نتيجة تخريبها من قبل قوات النظام.
وأشار إلى أن عشرات المنشآت الحرفية في بلدته عتمان، التي كانت البلد الأشهر في المحافظة في مجال إنتاج مواد البناء، توقفت نتيجة حملة قوات النظام عليها، وتدمير ونهب كل ما فيها، لتتحول من بلدة صناعية بامتياز إلى بلدة مدمرة خالية من السكن البشري.
أبو محمد، 50 عاماً، صاحب ورشة دهان ورش حراري، قال: "كان لدي ورشة عمل في المنطقة الصناعية بدرعا، لكنني أغلقتها بسبب الأوضاع الأمنية السيئة"، لافتاً إلى أن المنطقة الصناعية بدرعا أصبحت ساحة للمعارك، بسبب قربها من الفروع الأمنية في المدينة.
ولفت إلى أنه كان يعمل معه بالورشة اثنان من أبنائه وثلاثة عمال آخرين، إلا أنه بعد إغلاق الورشة أصبح الكل بلا عمل، وبلا مصدر رزق.
وأضاف أن "الكثير من أصحاب المهن والورشات الصناعية والعاملين فيها، تعرضوا للمضايقات الأمنية، وللاعتقال على أيدي قوات النظام، بتهمة تصنيع أسلحة وقنابل وغيرها من التهم الجاهزة"، موضحاً أن الكثير منهم مازال يقبع في المعتقلات منذ سنوات، ولا أحد يعرف شيئاً عن مصيرهم.
يشار إلى أن القطاع الصناعي في محافظة درعا كان قد شهد طفرة نوعية قبل الثورة، لكنه عاد وتراجع بشكل ملفت مع توالي سنوات الثورة التي تحولت إلى حرب حقيقية تمتد إلى معظم المناطق السورية.
وتشير آخر المعلومات والإحصائيات المتعلقة بالقطاع الصناعي في المحافظة إلى تراجع أو توقف فعلي في نشاط المشاريع الاستثمارية والحرفية، سواء تلك القائم منها، أو تلك التي مازالت في طور الإنشاء.
وبيّنت آخر الإحصائيات المتوفرة أنه كان في درعا قبل اندلاع الثورة حوالي 600 منشأة صناعية تعمل في مجال الصناعات الغذائية والتحويلية والنسيجية والكيميائية والهندسية وأكثر من 6300 منشأة حرفية ومهنية، ونحو 50 مشروعاً قائماً، وقيد الإنشاء، على قانوني الاستثمار 10 و 8، لم يتبق منها سوى أعداد قليلة في مناطق سيطرة قوات النظام.
كما بينت الإحصائيات أنه كان في المحافظة نحو 35 معمل كونسروة وعشرات معامل الأجبان والألبان والدهانات والبلاستيك ومعاصر الزيتون، لكنه لم يتبق منها سوى أعداد قليلة لا يتجاوز عددها 10 بالمئة مما كان متوفراً أو أقل من ذلك، مشيرة إلى أن خسائر المحافظة في القطاع الصناعي تقدر بالمليارات، هذا عدا عن جيش من العاطلين عن العمل، وجد نفسه في الشوارع، أو مضطراً لقبول أعمال لا تتناسب مع مؤهلاته وإمكانياته.
التعليق