لماذا يتحول العلماء إلى خبراء ومستشارين لدى "العالمات" في الوطن العربي؟!


لماذا يتحول العلماء إلى خبراء ومستشارين لدى "العالمات" في الوطن العربي؟!.. قد يبدو السؤال غريباً أو قاسياً لكن الواقع يكشف أكثر من ذلك. ففي حين أشار تقرير لليونسكو بعنوان "التحدي الذي يواجه الجنوب" إلى أن "نسبة العلماء في العالم العربي تبلغ حوالي 78 ألف عالم أي أن نسبتهم إلى مجموع تعداد السكان حوالي 300 في المليون، يقدر تعداد "العوالم" أو "الراقصات" بنصف مليون "عالمة"، أي بمعدل عالمة واحدة لكل 500 عربي.

وبحسب دراسة للباحث أحمد طحان، في كتابه "تجاعيد في وجه الزمن العربي"، تُقدر الدراسات المقارنة دخل "العالِم" العربي بثلاثة آلاف دولار أمريكي شهرياً.

العديد من علماء العالم العربي، وتبعاً لحاجتهم إلى تطوير أوضاعهم المعيشية، تحولوا إلى خبراء ومستشارين وفنيين في دوائر ومؤسسات "العالمات".

ولفت طحان إلى أن بعض الأوساط المطلعة تقدّر متوسط دخل الراقصة النشيطة في العالم العربي بحوالي ثلاثة ملايين دولار سنوياً، وهو ما يعادل ألف ضعف راتب العالم العربي النشيط بكل أبحاثه ومؤلفاته واختراعاته، وهذا يعني أن شركة فنية مقتدرة يملكها أمير مقتدر مالياً تستطيع توظيف كل علماء الوطن العربي بما تشاء من المهن بمستحقات 250 راقصة نشيطة وذات مواهب خاصة.

وأشار الدكتور "فؤاد عبد المطلب"، عميد كلية الآداب في جامعة جرش الأردنية، في حديث لـ"اقتصاد"، إلى أن مسألة المقارنة بين أوضاع العلماء العرب من جهة، وأوضاع الفنانين والفنانات من جهة أخرى، ليست بجديدة، إذ سبق للصحفي المرحوم "عبد الودود تيزيني"، شقيق الدكتور طيب تيزيني، أن كتب ذات مرة في صحيفة العروبة الحمصية، مقارناً رواتب الفنانات والأساتذة الجامعيين، فوجد أن دخل نجلاء فتحي في شهر واحد يعادل رواتب جميع دكاترة جامعة دمشق في سنة كاملة، ويمكن تدوير هذه النظرية لمقارنة عائدات رقاصة مثل فيفي عبدو في حفلة واحدة، والتي تفوق رواتب جميع أساتذة الجامعات السورية قاطبة.

( الدكتور فؤاد عبد المطلب)

 ولهذا الأمر–كما يقول عبد المطلب- مدلولات مخيفة على الصعد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في بلداننا العربية.

 وأعرب محدثنا عن اعتقاده بأن هذا الأمر هو سياسة مدروسة تماماً من قبل الساسة "اللاعرب"-حسب وصفه-. وأردف د. عبد المطلب أن هؤلاء الساسة يحاولون ممارسة التجهيل والعمل على وتر الغرائز وليس الأفكار لأن تحسين أوضاع الباحثين-كما يقول- سيؤدي بالتدريج إلى تحسين الأداء لديهم، وتحسين الأداء سيدفع بالباحثين والمثقفين إلى كشف العورات والعيوب في النظام السياسي القائم وإلى تكوين معارضة أو معارضات قائمة على معطيات تاريخية ثابتة علمياً، وهذا من شأنه-كما يؤكد- تهديد الكيانات القائمة، لذلك هم يشجعون الرقاصات والمهرجين والمجهلين والدجالين من أمثال دريد لحام "غوار الطوشة"، ومن نحا نحوه.

وبدورها، رأت "شهد صالحة"، دكتورة إدارة المعلومات من جامعة شيفيلد الانجليزية- مدرسة المعلومات، ومديرة مؤسسة inspector of education لخدمات التعليم و الترجمة ودعم طلاب الماجستير والدكتوراه- في حديث خاص لـ"اقتصاد"، أن العالم العربي لا يحتاج الى دراسات لتبيان حجم الترهل الأخلاقي والفكري الذي بتنا نعاني منه.

( الدكتورة شهد صالحة)

 وأضافت صالحة أن التجاعيد تظهر من مرور الزمن علينا ونحن نتعلم و نكبر ونفهم، أما ما يبدو الآن من عورات الترهل –كما تقول-فما هو إلا نتيجة التخمة بالشهوانية للسلطة والجنس والجاه من جهة، وانكسار قوائم المجتمعات من علم وفكر وحريات من جهة أخرى.

وأرجعت محدثتنا انحسار دور العلماء و المفكرين والاجتماعيين إلى ارتفاع نسبة الجهل الممنهج والاستبداد السياسي المدعم بمافيات اقتصادية ومشيخات ماسونية، مشيرة إلى أن "انهيار المجتمعات المسلمة وقيمها يتطلب تحريك الشهوات والغرائز الجسدية وتسييدها على حساب العقل والمبدأ، فالأخلاق والالتزام بها والعلم والعمل به (ما بطعمي عيش)، بينما هز الخصر والتعري مهنة شريفة تمارسها (حتى الأمهات)، فالأم (فيفي عبده) الراقصة، هي الأم المثالية، بينما أصوات مثل صوت البروفسور "طه عبد الرحمن"، تدفن في رمال الصحارى العربية.

 ولفتت د. شهد صالحة إلى أن "المال السياسي والاستبداد هما سادة الموقف في البلدان العربية أما العلم والأخلاق فيتراجعان لأن الإنسان سقط الى أدنى مراتب حضارته في جاهلية جديدة أبشع ألف مرة من جاهلية قريش".

وحمّلت محدثتنا مسؤولية سقوط قيمة العلم مقابل الرقص، إلى قنوات العرب الإعلامية ومشاهيرهم، فالإعلام والسياسة والفساد والاستبداد الديني–حسب رأيها- كلها عوامل ساهمت في تعقيد المشهد الإنساني الأخلاقي العربي وجعلت الناس كلها ترقص مضيفة أن "خصر عالمة قد يهز العالم العربي في حين قد لا تهزه كلمات عالم".

ترك تعليق

التعليق