ريف درعا الغربي.. برادات النقل الخارجي تحل مشكلة المياه المثلجة


للعام السابع على التوالي، يحرم نظام الأسد معظم المناطق المحررة في درعا من التيار الكهربائي وخدمات الإنارة والتبريد وتخزين المواد التموينية نتيجة الحصار الذي يفرضه على هذه المناطق، الأمر الذي دفع الكثير من المواطنين إلى الاعتماد على بدائل للطاقة لحل هذه المعضلة، ولاسيما خلال شهر رمضان الفضيل، الذي يحتاج فيه المواطن إلى الماء البارد والعصائر المثلجة، ليطفئ بها عطشه بعد فترة صيام طويلة.

ويقول أبو عبده الرفيدي، 58 عاماً، عسكري متقاعد، وهو أحد سكان تل شهاب، "يأتي رمضان هذا العام والجو حار، كما أن ساعات الصيام طويلة، تمتد لأكثر من 17 ساعة وبالتالي فإن الصائم يحتاج إلى الماء البارد والعصائر التي بات يفتقدها في المناطق المحررة بسبب عدم وجود تيار كهربائي منتظم يستطيع تشغيل البرادات والثلاجات لساعات طويلة".

وأضاف أن "نظام الأسد وفي إطار حصاره على المواطنين، ومواصلة التضييق عليهم، يلجأ إلى حرمان القرى والبلدات المحررة من التيار الكهربائي، حيث توجد مناطق في الريف الغربي من درعا لم تر الكهرباء منذ عدة سنوات"، مشيراً إلى أن تلك القرى تعيش في ظلام دامس، تتوقف معه الحركة والنشاط بعد غياب الشمس بساعات قليلة.

ويشير المهندس طلال سالم إلى أن "بدائل الطاقة موجودة كاللوحات الشمسية والمولدات الصغيرة، لكنها لا تستطيع تشغيل أدوات كهربائية ثقيلة كالبرادات والغسالات، وهي تؤمن الإنارة وتشغيل بعض الأدوات المنزلية وشحن الأجهزة وتشغيل بعض الأدوات الأخرى التي لا تحتاج إلى استطاعات عالية".

وأضاف أن "تشغيل البرادات والغسالات والمعدات الكهربائية الثقيلة يحتاج إلى إمكانات مادية كبيرة تتجاوز الـ 500 ألف ليرة سورية للوحات الشمسية وتجهيزاتها، إضافة إلى أنها تحتاج إلى أدوات كهربائية خاصة تعمل باستطاعة كهربائية أقل، ما يعني إلغاء كل الأدوات الكهربائية المنزلية المتواجدة لدى سكان المناطق المحررة، وشراء الأدوات البديلة التي تعمل باستطاعة كهربائية أقل، وهو الأمر الذي يعجز عنه غالبية الناس، لعدم توفر الإمكانات المادية".

وقال إن "المولدات الصغيرة ذات تكلفة عالية، وتشغيل البرادات من خلالها يكلف الفرد مبالغ كبيرة يعجز عنها"، مبيناً أن كثيراً من القرى والبلدات حلت مشاكل تأمين الطاقة عبر ما يعرف بتجارة الأمبيرات والاشتراك بخدمات الطاقة الكهربائية من خلال هذه الخدمة التي أمنها بعض المستثمرين وبعض المنظمات، مقابل دفع أجر شهري لقاء هذه الخدمة.

من جهته أكد أبو عمار اليوسف، 32 عاماً، وهو تاجر، أن "تأمين الثلج في الكثير من مناطق درعا المحررة كان من أهم المشكلات التي يعانيها الناس خلال شهر رمضان، لكنه بات ممكناً بعد ظهور بعض المعامل التي بدأت تنتج بالإضافة للثلج بعض أنواع البوظة، لاسيما في المناطق التي شهدت حالة من الاستقرار الأمني، مثل انخل والحارة ونوى وتسيل"، لافتاً إلى أن هذه المعامل تقوم بتوزيع إنتاجها إلى القرى والبلدات المحررة لتصبح  تجارة رابحة ومصدر دخل لعشرات الأسر، بدءاً من المنتج وصولاً إلى المستهلك. 

وأضاف أن "مناطق درعا المحررة ورغم عدم وجود التيار الكهربائي تذخر بالعديد من محلات بيع الثلج والبوظة والمثلجات، لكن أسعارها عالية جداً"، لافتاً إلى أن الكغ من البوظة يباع بنحو 1500 ليرة سورية، ويتراوح سعر طاسة البوظة ما بين 100 و 250 إلى 350  ليرة سورية، كما ويبلغ سعر قطعة /الاسكا/  بـ 50 ليرة سورية، فيما يباع الماء المثلج بحسب الوزن بحوالي خمسين ليرة للكغ.

ويشير سليم العبد الله، 46 عاماً، وهو موظف، إلى أن أسعار الماء المثلج كانت في أول يوم برمضان غالية وأن سعر الكغ كان يباع بنحو 150  ليرة سورية لكن دخول بعض برادات النقل الخارجي على خط هذه الصناعة والتنافس فيما بينها، أسهم في تخفيض سعره إلى أقل من  النصف تقريباً.

ولفت إلى أن "برادات النقل الخارجي المختصة بنقل المواد الغذائية عبر الدول، والتي تعود ملكيتها لبعض أهالي المنطقة، والمتوقفة عن العمل والسفر  لسبب أو لآخر، بدأت تُشاهد في مناطق الريف الغربي وهي تبيع المياه المثلجة وبأسعار منافسة".

ويقول عمير الصياد، 34 عاماً، وهو صاحب أحد البرادات، "كان هذا البراد يعمل على الخط الخارجي، ولكن بسبب ملاحقتي أمنياً لوجود اسمي بين المطلوبين، توقفت عن السفر والتنقل على الخطوط الخارجية". 

وأضاف: "بدل عطالتي، وبهدف تأمين مصاريف شهر رمضان، بدأت بإنتاج الماء المثلج بالبراد، لتأمين احتياجات الناس للماء البارد"، مشيراً إلى أنه يقوم بتعبئة حوالي ألف كيس نايلون بالماء، ويضعها في البراد حتى تتجمد ومن ثم يبيع الكيس حسب حجمه ما بين 100 و 300 ليرة سورية."
وأشار إلى أنه يبيع كميات جيدة يومياً من أكياس المياه المجمدة، من خلال تنقله بين بعض البلدات والقرى الآمنة، ويجني من وراء ذلك أرباحاً معقولة.

من جهته، أكد ضياء القدور، مزارع، أن برادات النقل الخارجي حلت إلى حد كبير مشكلة توفير المياه المثلجة، مشيرا إلى أنه يشتري يومياً نحو كيسين من الماء المثلج بمئتي ليرة سورية، ويضعها في /ترمس/ خاص يحافظ على برودتها، وهي تكفي أسرته المكونة من ستة أشخاص للشرب والعصير طيلة الليل.

ترك تعليق

التعليق