في مجسمات فنية بديعة.. قصور وفلل من أعواد البوظة


ابتكر اللاجىء السوري "أبو غسان النجار" طريقة جديدة لبناء المنازل الريفية والقصور على طريقته من أعواد البوظة من خلال تجميع هذه الأعواد عديمة القيمة التي تُلقى في المهملات ولصقها بمواد لاصقة بطريقة متقنة تنم عن الإبداع لتمضية وقته والإستفادة المادية من خلال بيعها لتلبية بعض متطلبات حياته اليومية حيث يعيش لاجئاً في مدينة المفرق الأردنية.


بدأ الستيني القادم من مدينة حمص عمله في سوريا كحداد افرنجي وكان يعمل في شركات حكومية بتصميم الأبواب والشبابيك حسب المخططات الهندسية، وكان لديه –كما يروي لـ"اقتصاد"- اهتمام بالمجسمات وألعاب الأطفال كالسيارات والطائرات والأسرّة والعربات المختلفة الأشكال من مادة الحديد التي كانت تضفي البهجة والفرح على نفوس الأطفال من حوله حينها.


 وبعد أن لجأ النجار إلى الأردن وجد نفسه بلا عمل لأنه كان مصاباً إثر سقوط لوح رخامي على ظهره فاتجه لممارسة هواية صنع مجسمات من أعواد البوظة، وبدأ بإغراء الأطفال لكي يجمعوا له الأعواد التي تُلقى على الأرض، وبدأ بتنفيذ مجسماته من البيوت الريفية والفلل والمساجد في ركن صغير من منزله وبأدوات بسيطة لا تتعدى المشرط والمثقب والكماشة ومادة الغراء.


وحول مراحل عمله أوضح أبو غسان أنه يبدأ بالقاعدة التي تكون عادة عبارة عن لوح خشبي ويتم أخذ قياساته وتثقيبه من الأطراف الأربعة ثم ينزّل عيدان دائرية الشكل في الثقوب لتكون بمثابة قواعد للمنزل أو المجسّم ويقوم بإلصاق العيدان إلى جانب بعضها البعض بشكل عمودي لتبدو كعملية تركيب حائط على عمدان اسمنتية، ويتم تحديد مكان الشباك أو الباب بمقاسات هندسية دقيقة.


 ويهتم النجار-كما يقول- بتفاصيل المنتجات كافة من المنازل كالأبواب والشبابيك وأشكال الزينة والأدراج الموجودة خارج المنازل والفسحة النباتية الموجودة حولها بالإضافة إلى الإضاءة التي تضفي على المجسمات أبعاداً جمالية أخاذة، مشيراً إلى أنه اكتسب هذه الهواية من مهنة الحدادة التي تعتمد على الفن والذوق والتطويع والزخرفة النباتية والهندسية.


 ولا يغيب التراث عن منتجات أبو غسان من حيث التصميم، فهو يهتم بالمنازل التراثية كالأكواخ كما يهتم بالمنازل والفلل الفخمة، ويمكن لأي شخص يخطر بباله تصميم ما، أن يعطي الفكرة للنجار الذي يجسدها على الفور بمنزل جميل.


ويصر أبو غسان القادم من مدينة حمص على استثمار وقته وخاصة أيام الشتاء في صناعة مجسماته التي تحولت مع الوقت إلى مصدر رزق له ولعائلته، مشيراً إلى أنه باع أحد المجسمات بـ"50 ديناراً" بما يعادل الـ 35 دولاراً ويطمح أن يكون لديه مشغل خاص بمنتجاته التي يكتظ بها المنزل الصغير الذي يستأجره.

ويستغرق تصميم مجسم ما حوالي 6 أيام –كما يقول محدثنا- مضيفاً أن ذلك مرتبط بتوفر المواد وبنفس الوقت انتظار الغراء حتى يجف لأن أغلب أنواع اللواصق هنا سيئة-كما يقول- فيضطر للبحث عن غراء هندي أو مادة البلابوند.


 وكشف أبو غسان أنه يفضّل تنفيذ المجسمات الصغيرة لأنها سهلة التسويق ورخيصة الثمن ولا تستغرق جهداً أو وقتاً طويلاً في إنجازها، وبعض أعماله-كما يؤكد-تُقتنى لتُعرض في معارض الفنون أو المعارض العلمية وبعضها يوضع كقطع من الديكور المنزلي.

 ومما شجعه على استخدام أعواد البوظة كمادة في تصميم مجسماته هو وفرتها وبخاصة في فصل الصيف، وسهولة التعامل معها في القص واللصق.


 ولفت محدثنا إلى أنه رغب بالعمل على هذه المجسمات لأنها لا تحمل معنى التجسيم المنهي عنه دينياً لذلك يكتفي بتجسيد معالم مادية من صنع الإنسان، مشيراً إلى أنه يعتزم تصميم مجسمات لبعض المعالم الأثرية في سوريا ومنها جامع خالد بن الوليد في حمص وكذلك نواعير حماة والمسجد الأقصى والحرم المكي.


ترك تعليق

التعليق