خوفاً من النظام وحرائقه.. حصاد القمح يبدأ قبل أوانه في درعا


ما أن جفت سنابل القمح والشعير واكتسبت لونها الذهبي، حتى سارع الفلاحون في ريف درعا إلى حصادها، وذلك خوفاً من أن تتعرض كما كل عام للاحتراق بصورة متعمدة، بفعل النظام، أو أن تصل إليها قذيفة أو شرارة فتودي بتعب عام كامل.

ويشير الناشط أبو محمد الحوراني إلى أن "موعد الحصاد لم يحن بعد، لكن الفلاحين تعودوا، ومنذ أكثر من ست سنوات، حصاد محاصيلهم مبكراً، بعد أن تعرض قسم كبير من الحقول إلى حرائق متعمدة، لاسيما في المناطق القريبة من مراكز وقطعات قوات النظام"، موضحاً أن قوات النظام أحرقت خلال هذا الموسم مساحات كبيرة مزروعة بالمحاصيل في أطراف خربة غزالة وعلما والغارية الغربية في ريف درعا الشرقي، وفي منطقة الشياح في ريف درعا الجنوبي، وفي عدة مناطق أخرى تجاوزت مساحتها الـ 5  آلاف دونم، وذلك بحجة اختباء المقاتلين فيها وأنها تحجب الرؤية، وتعيق مراقبة مناطق تحرك الثوار.

وأكد أن "حجج النظام ومبرراته كاذبة، وهذه الممارسات تأتي في صلب سياسة النظام الممنهجة والهادفة إلى الانتقام من المناطق المحررة، والتضييق على الفلاحين، والعمل على إفقارهم بشتى الأساليب والوسائل، وذلك لإلصاق المسؤولية عن ذلك بالجيش الحر، ودب الخلاف بينه وبين الحاضنة الشعبية".

من جهته، أكد المهندس نزيه قداح، معاون وزير الزراعة في الحكومة السورية المؤقتة، أن "إنتاج محصول القمح في محافظة درعا لم يكن بالمستوى المتوقع، نتيجة ما تعرض له من ظروف مناخية ناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة خلال شهر نيسان وعدم هطول الأمطار خلال هذا الشهر الذي يكون فيه نبات القمح بالطور اللبني، ويكون  بحاجة للأمطار، ما تسبب بسفحه"، كما قال. 

وأضاف أن "المؤسسات المختصة في محافظة درعا الحرة والتي تشمل مجلس محافظة درعا ومؤسسة الحبوب ووحدة تنسيق الدعم، اتخذت جميع الإجراءات اللازمة لموسم تسويق القمح"، مشيراً إلى أن هذه الجهات وضعت خطة تسويقية منافسة لأسعار مؤسسات النظام، وحددت سعر شراء الطن من القمح بأكثر من 275 دولار أمريكي، فيما حددت مؤسسة إكثار البذار شراء الطن بـ 300 دولار أمريكي من المتعاقدين معها".

وبيّن أن "المؤسسات الآنفة الذكر، ستقوم بتوزيع أكياس الخيش على المزارعين مجاناً، كدعم آخر في سبيل تحفيزهم على تسليم محاصيلهم لمؤسسات درعا الحرة"، موضحاً أنه سيتم افتتاح ثلاثة مراكز في المناطق المحررة لتسويق المحاصيل.

وحول المساحات المزروعة في المحافظة، بيّن القداح أن المساحات تقارب الـ 300 ألف دونم، وأن الإنتاج المتوقع نحو 35 ألف طن.

ودعا القداح المزارعين في المحافظة إلى "توريد محاصيلهم إلى المؤسسات الثورية"، لافتاً إلى أن القمح أمانة في أعناق الجميع، لأنه سلاح النظام الذي استخدمه لحصار أهلنا في الغوطة، وحرمهم من رغيف الخبز.

 وقال "إن هذه الأراضي زرعت بفضل دماء الشهداء التي روتها وهي تحررها من قبضة الطغاة، فلا يصح أن نقوي النظام بقمحنا  علينا".

وأضاف أن "المؤسسات الثورية تقوم بتأمين البذار المحسن كل عام بسعر مدعوم، وتقدم أكياس الخيش مجاناً، كما تقدم مادة الطحين الممتازة بسعر مدعوم بنسبة دعم تتجاوز الـ 30 بالمئة"، مبيناً أن المؤسسات الثورية اشترت القمح خلال العام الماضي بـ 245 دولار للطن الواحد، وأنفقت عليه 90 دولار تكاليف تخزين وتعقيم ونقل وطحن، ثم باعته بسعر 225 دولار للطن الواحد، بخسارة قاربت الـ 110 دولارات على كل طن وذلك خدمة للمواطنين".

وناشد قداح الفلاحين بأن يكونوا عوناً للمؤسسات الثورية في تأمين مادة الطحين المدعوم، لا عوناً للنظام "الذي يحاصرنا ويقتلنا"، حسب قوله.

ويقول أبو عبادة،  48 عاماً، وهو فلاح، "سارعت إلى جمع  محصولي قبل بداية شهر رمضان، لأني لا أملك السيولة المادية في شهر رمضان الذي يحتاج إلى مبالغ كبيرة للإنفاق على الطعام والشراب"، لافتاً إلى أنه زرع نحو 15 دونماً بالشعير، ويسعى إلى بيع المحصول مبكراً قبل أن تلتهمه حرائق غير متوقعة".

وبيٌن  أن "الحصادات لم تتحرك على نطاق واسع بعد في المناطق الغربية، والناس بدأت تجمع محاصيلها بالاعتماد على الحصاد اليدوي"، مشيراً إلى أن أجرة حصاد الدونم المزروع بالقمح والشعير يبلغ  خمسة آلاف  ليرة سورية.

وأضاف أن "هناك ورشات للحصاد اليدوي, بدأت تظهر في ريف درعا، قوامها من الشباب العاطل عن العمل"، مشيراً  إلى أن الحقول الزراعية تشهد يومياً مئات العمال المياومين من الشباب، الذين وجدوا في أعمال الحصاد مصادر رزق موسمية، تؤمن لهم ولأسرهم مبالغ معقولة تساعدهم في الإنفاق على احتياجاتهم الضرورية.

ويشير سامر، 22 عاماً، وهو طالب علم اجتماع من ريف درعا الغربي،  إلى أنه بدأ العمل في الحصاد خلال الموسم الحالي، في ورشة تتألف من نحو 15 شاباً معظمهم من الطلاب الجامعيين والموظفين السابقين، مؤكداً أنه مضطر لقبول أي عمل يساعده في سد نفقاته الدراسية ومصاريفه الشخصية، سيما وأن أسرته لم تعد قادرة على تقديم أي مساعدات له في الظروف الحالية.

ولفت إلى أن "الورشة تقوم بضمانة الحقول الزراعية وحصاد المحاصيل حيث تتقاضى نحو 5 آلاف ليرة سورية عن كل دونم"، مبيناً أن الورشة تنجز كل يوم حصاد نحو عشرة دونمات تقريباً، وتتجاوز يومية الحصاد أكثر من ثلاثة آلاف ليرة سورية.

من جهته قال فؤاد، 28 عاماً، وهو موظف سابق،  إن عمل الورشة كان قبل رمضان يبدأ في الثالثة صباحاً، وينتهي مع ارتفاع حرارة الشمس في العاشرة تقريباً، لكن الأمر تغير خلال شهر رمضان، حيث يخرجون للعمل بعد منتصف الليل، ويستمرون إلى السابعة صباحاً، وذلك للحفاظ على صيامهم.

ترك تعليق

التعليق