بعد أن أحيا مهنة التاجر الجوال.. سمعة بضائع "أبو النور" تصل إلى الضفة الغربية


مهن كثيرة غابت عن السوق مع تطور الحياة اقتصادياً وتقنياً, ومنها مهنة التاجر الجوال التي كان لها دور كبير في أسواق سوريا خاصة لمن هم لا يستطيعون تحمل تكاليف افتتاح محل ونفقاته. لكن مع ظروف اللجوء قرر كثير من السوريين أن يعودوا لهذه المهنة.


حول هذا الموضوع حاور "اقتصاد" التاجر الجوال أبو النور الذي روى لـ "اقتصاد" قصته، فقد كان يملك مشغلاً صغيراً في دمشق ينتج فيه ما يعرف بـ "الكلابية السورية المطرزة"، لكن اضطرته الظروف للانتقال إلى الأردن، وفور وصوله نزل إلى الأسواق ليدرسها ويطلع على طبيعتها، فعرف أنه ليس بمقدوره مادياً افتتاح محل فلجأ إلى فكرة التاجر الجوال ووجدها الحل الأنسب لوضعه.


يتابع أبو النور أن هذه المهنة متعبة جداً نفسياً وجسدياً ولكن هي الخيار الوحيد. وما شجعه على العمل هو حلول شهر رمضان المبارك، فأخذ يعمل على تصميم "الكلابية الفلاحية" التي لها سوق جيد في الأردن حيث يقوم باختيار الموديلات ثم يطرزها آلياً في أحد المصانع ثم يحين دور تجميع القماش وخياطته من قبل زوجته في المنزل، ثم يكون الحمل الأكبر عليه، حيث يأخذ نماذج من البضاعه حاملاً إياها على ظهره ويتوجه بها إلى الأسواق في نهار رمضان يعرضها على التجار.


يوضح أبو النور لـ "اقتصاد" أن لرمضان مع هذه المهنة ذكريات جميلة جداً، فمنذ سنة عندما بدأ العمل في هذا الشهر المبارك كان يمر على التجار يعرض البضائع ويستريح عند كل بائع قليلاً فيتجاذبان أطراف الحديث حول ما يريده التاجر حتى ينسى تعبه، ثم ينتقل إلى التاجر الآخر حتى ينقضي اليوم ويحل أذان المغرب، يفطر في بيته، ثم تبدأ عملية إنجاز ما تم توصيته عليه من بضاعة بعد صلاة التراويح، ويستمر بالعمل هو وزوجته حتى طلوع الفجر.


يشير أبو النور أنه من رمضان الفائت إلى رمضان الحالي تغيرت أوضاعه وتحسنت كثيراً فهو يتفاءل بهذا الشهر الكريم فقد أصبح لديه زبائن يطلبون ما يحتاجون على الهاتف، لكن ما زالت أجواء رمضان مرتبطة بالعمل فهو في بداية الشهر يمر على زبائنه يبارك لهم بقدوم رمضان ومن ثم يعود مساء لمتابعة عمله المعتاد في تحضير وخياطة الألبسة مع زوجته.


يضيف أبو النور أنه بفضل الله واختياره المناسب لتصاميم التطريز والألوان على منتجاته وتميزها أصبح لديه زبائن في الضفة الغربية أعجبهم إنتاجه، وتوسعت أعماله وصارت قطعته التي ينتجها مطلوبة في السوق فاستطاع عمل ماركة له دون أن يكون له محل خاص.


وقد نوه أبو النور بأن هذه المهنة تحتاج إلى صبر وجهد كبيرين وخاصة في البدايات فليس من السهل أن تذهب تلف الأسواق وتعرض بضاعتك فهناك من يردك خائباً وهناك من يشتري منك بداية كي يخفف هذا الحمل الذي تحمله على ظهرك من بضائع، ولكن فيما بعد تحصد نتيجة جهدك، إضافة إلى الإرهاق البدني الذي تنساه عندما تبيع ما تحمل، لكن في سبيل العيش الكريم كل شيء هين.


يختم أبو النور حديثه لـ "اقتصاد" بأن الإنسان مهما ضاقت به السبل عليه أن لا يعجز وأن يجد طريقة يحصِّلُ فيها عيشاً كريماً وخاصة في ظروف اللجوء التي يعيشها السوريين مردداً حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكف اللَّه بها وجهه خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه).


ترك تعليق

التعليق