اتفاق قناة الري في ريف حمص الشمالي.. ما له وما عليه


فقدت مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية خصوبتها في ريف حمص الشمالي بسبب تحكم نظام الأسد وشبيحته ببوابات بحيرة قطينة في الريف الجنوبي الغربي لمدينة حمص التي تغذي قنوات الري المخصصة لريف حمص بشكل عام.


 فمنذ اندلاع الثورة انقطعت مياه الري عن الريف الحمصي بشكل كامل تقريباً، بسبب المعارك التي ألحقت أضراراً كبيرة في القناة الأساسية التي تمر في حي بابا عمرو وأحياء مدينة حمص، لتشق طريقها إلى الريف الشمالي للمدينة. لكن عدم اكتراث النظام لإعادة تأهيلها وإدخالها للخدمة، هدد الأراضي في ريف حمص الشمالي بالتصحر بشكل حقيقي.

ومع دخول عصر "الهدن المحلية" في ريف حمص الشمالي، كان بند فتح قنوات الري من أبرز البنود التي طرحت على طاولة المفاوضات، حيث وقّعت قرية الدار الكبيرة والقرى التابعة لها المحاذية لأوتوستراد حمص - مصياف هدنة مع النظام من أبرز بنودها فتح قناة الري المغلقة من قبل النظام منذ بداية الثورة.


10 ملايين مقابل فتح القناة

لكن مماطلة النظام في تنفيد بند فتح قناة الري دفع مزارعي المنطقة إلى تشكيل هيئة من وجهاء قرية الدار الكبيرة ومفاوضة فرع الأمن العسكري وتم الاتفاق على فتح القناة مقابل مبلغ 10 مليون ليرة سورية في العام الواحد، فتقرر فرض مبلغ قيمته 3 آلاف ليرة سورية على كل دونم مستفيد من مياه القناة لتأمين المبلغ. وتروي القناة ما يقارب 3500 دونم من الأراضي الزراعية لقرى الدار الكبيرة وهبوب الريح والحلموز والجاسمية جوالك.

أبو جاسم، أحد مزارعي قرية الدار الكبيرة، تحدث لـ"اقتصاد": "أملك 30 دونم ودفعت 90 ألف ليرة وقد استلفتها من أحد أقاربي لكن إن تمكنت من ري مزرعتي فسوف أوفي الدين من محصول ثلاثة دونمات على أبعد تقدير".

ولطول فترة انقطاع المياه عن القناة تحول مجراها إلى مكب للقمامة، ولعدم توفر الآليات اللازمة لتنظيف القناة وإدخالها للخدمة، قام النظام بإدخال باكر ليقوم بتعزيل القناة من بوابتها قرب قرية الحصوية إلى قرية هبوب الريح بمسافة تقدر بـ 10 كم تقريباً.


المياه من نهر العاصي

والقناة عبارة عن تحويلة صغيرة لمجرى نهر العاصي الذي يذهب إلى مناطق سيطرة النظام قبل أن يدخل مناطق سيطرة المعارضة مرة أخرى في قرية أم شرشوح، لكن تحول سكان القرى العلوية التي يمر بها النهر إلى العمل الحربي جعلهم غير مكترثين بتحول جزء من مياههم إلى مناطق المعارضة.

ناصر الجاسم، من سكان قرية هبوب الريح، قال لـ"اقتصاد": "وقت فتح القناة علينا، ضعفت المياه على القرى العلوية مثل جبورين وقنية العاصي، لكن هنن بطلو مزارعين وصاروا شبيحة والزراعة صارت اخر همهن لان ما عم تجيب همها مقارنة بالأعمال التشبيحية مثل الخطف والتشليح وتجارة المخدرات".

لكن إعادة فتح القناة خفف من غزارة نهر العاصي الذي يغذي بحيرة الرستن مما أخّر ارتفاع منسوب البحيرة وزاد تكاليف الري على مزارعي ضفاف البحيرة.


تلوث المياه

على الرغم من غزارة مياه القناة إلا أنها ملوثة بشكل كبير مما يجعلها غير صالحة للأعمال الزراعية، لأن مياه الصرف الصحي في مدينة حمص تصب في نهر العاصي، وعدم اكتراث المزارعين لهذا الأمر الخطير يهدد سكان المنطقة بأمراض السرطان والتسمم الغذائي.

الطبيب أبو شاكر من مدينة الرستن، تحدث لـ"اقتصاد": "إن مياه القناة ملوثة بشكل كبير ويجب منع سقاية الخضروات بها خوفاً من تفشي السرطانات والتسمم الغذائي، ومن الممكن سقاية الحبوب فقط من هذه المياه وعلى المزارعين الابتعاد عن المصالح المادية والأخذ بعين الاعتبار سلامة سكان المنطقة".

وفي نفس السياق المهندس الزراعي أبو محمد قال لـ"اقتصاد": "قبل الثورة كانت مديرة الزراعة في حمص تقوم بحراثة كل الخضراوات المخالفة التي يتم سقايتها بمياه ملوثة خوفاً من انتشار الأمراض. يجب على الجهات المعنية التصرف حالاً لأن هذا أمر خطير يعرض حياة آلاف المواطنين الأبرياء للخطر".


تجاوز المزارعون جميع الهيئات الثورية من مجالس محلية ومحاكم شرعية ولم يقحموها في إبرام اتفاق قناة الري مما جعل تلك الهيئات تتبع سياسة النأي بالنفس وعدم التدخل في شؤون المزارعين، لكن هكذا أمر خطير يضع جميع الجهات المعنية أمام استحقاقاتها، خصيصاً أن الأمر يتعلق بصحة ما يقارب 300 ألف مواطن.

لكن من الناحية المادية البحتة، فإن فتح القناة سينعكس انعكاساً إيجابياً على حياة المواطن المحاصر في ريف حمص الشمالي فقد تخلص ربع مزارعي الريف الشمالي من تكاليف الري وأصبحت المياه في متناولهم على مدار 24 ساعة وبالكمية المطلوبة مما سيسهم في خفض أسعار جميع المنتجات الزراعية.


ترك تعليق

التعليق