في الأردن.. فنان سوري يبدع في مجال الضغط على المعادن


يُعد النقش على المعادن gravure sur métal واحداً من الفنون الزخرفية التي نشأت مع تطور الفنون اليدوية والتطبيقية المصنعة من المعادن. ويتمثل هذا الفن باستخدام رسوم يدوية على سطوح معدنية بعد تحويلها إلى نقوش بارزة أو غائرة تترُك إثر معالجتها أثراً واضحاً للبعد الثالث عبر إسقاطات الأضواء والظلال.


والفنان الحرفي السوري "تمام حصرية" هو أحد الفنانين الذين برعوا في هذا المجال الذي تعرّف عليه بالمصادفة أثناء زيارة عابرة له لمعرض أحد الفنانين الحلببين في حلب الذي اختص بالنقش والضغط على المعادن فدُهش للبراعة الفنية فيها ودقة التنفيذ، وعندما عاد إلى حمص جلب شرائح من الألمنيوم وأجرى تجربة بسيطة كانت نتائجها جيدة وبدأ بالبحث في المصادر والكتب عن كيفية معاملة المعادن وبالذات الألمنيوم.


 ويروي حصرية أنه ترك الموضوع وواصل عمله في الرسم والزخرفة على المفروشات التي كانت مصدر رزقه. وفي عام 2004 بعد أن تراجع الإقبال على أعمال الرسم والديكورات، عاد إلى فكرة الضغط على المعادن، وحينها كما يقول لـ" اقتصاد" أجرى أكثر من تجربة كانت ناجحة ولمعت في ذهنه فكرة تنزيل هذه اللوحات على المفروشات والموبيليا والديكورات والسقوف والجدران، ففوجىء بنجاح الفكرة التي لقيت ترحيباً من المحيطين به، وبقي يعمل في هذا المجال إلى أن اندلعت الأحداث في سوريا، ووجد نفسه عاطلاً عن العمل بسبب عدم تمكنه من توفير المواد المطلوبة في عمله وانحسار زبائنه فاضطر-كما يقول- لترك البلاد واللجوء إلى الأردن حيث بقي لمدة طويلة دون عمل أيضاً.


 ومنذ سنة بدأ حصرية بالعمل في المجال الذي طالما أحبه وبخاصة في فكرته الجديدة المبتكرة وهي تعشيق لوحات الضغط على المعادن وتوظيفها في المفروشات وأعمال الديكور.


 ولفت محدثنا إلى أنه اكتسب في الأردن خبرة في تعتيق الألمنيوم وجعله يشبه إلى حد كبير النحاس أو الذهب أو البرونز، ومع الخبرة والمراس بدأت تجربته بالتبلور والنضوج.


دأب حصرية على تزيين المفروشات وقطع الديكور المنزلية بالزخارف والنقوش الغائرة والنافرة النباتية والهندسية وحتى بالصور الآدمية والحيوانية التي تعكس جانباً من حياة الطبيعة بعفويتها وفطريتها، ومنها–كما يقول- مشاهد الطبيعة كالنخيل والسيوف والصحراء والحياة البدوية إضافة إلى الوحدات التزيينية من نباتية ونجمية وهندسية و"الأطباق النجمية".


 وحول طريقة عمله في الضغط على شرائح الألمنيوم أوضح حصرية أنه يقوم بطباعة اللوحة أو الصورة المراد تنفيرها على لوح الألمنيوم بأزميل خشبي أو حديدي أو بلاستيكي أولاً ثم يقوم بتحديد الرسمة كما هي من الخلف ويضغط على ما تم تعليمه حتى يتم إحداث نفر في المكان الذي يرغب بتجسيده، وبعد أن يتم "تنفير" أجزاء اللوحة وتتضح ملامحها يتم ملء الفراغات النافرة من الخلف بالمعجون ويتم لصقها على لوحة خشبية أو أي مادة أخرى حسب المكان المراد استخدامها فيه.


 وأشار حصرية إلى أنه يقوم بعد ذلك بمعالجة اللوحة المنفذة بالألمنيوم بألوان الاكريليك، أما إذا كانت من النحاس فيعالجها بالحمض لافتاً إلى أن أغلب أعماله في الأردن نفّذها على الألمنيوم لصعوبة العمل على النحاس الذي يحتاج لظروف وأدوات خاصة.


ويتطلب فن الضغط على المعادن من الحرفي-كما يقول-مهارة عالية بالخط والرسم الدقيق الذي يتم بأدوات يدوية عبارة عن طاولة ومطارق حديدية متعددة الأحجام ومطارق خشبية ومجموعة من الأزاميل والأقلام الحديدية دون استخدام التقنية المتطورة".


وحول الصعوبات التي تواجهه في عمله أكد الفنان القادم من حمص أنه يعاني في كثير من الأحيان من تأمين الألمنيوم المناسب للعمل من ناحية السماكة والليونة، ولذلك يضطر-كما يؤكد- لتنفيذ أعماله على نوعيات رديئة، ورغم قناعته بأن القطع التي ينجزها لم تعد تجد من يشتريها بسبب ضيق أحوال الناس واهتمامهم بلقمة عيشهم اليومية، إلا أنه دائب العمل عليها لأنها تحولت إلى جزء من كيانه وأسلوب حياته الأجمل-بحسب قوله -.


ترك تعليق

التعليق