بلا كهرباء.. كيف يموّن أهالي إدلب خضرواتهم؟


جرت عادة السوريين أن يكون هناك وقت من السنة هو وقت (المونة)؛ فلقد اعتادوا أن يشمل طعامهم كل أنواع الخضار شتاءً وصيفاً.

ومن الواجب أن يحتفظوا بأنواع من الطعام بمختلف الأشكال والطرق، لتكون ذخيرة يستعينون بها في أيام الشتاء التي تقل فيه الكثير من الخضراوت الطازجة.

ولم تمنع سوء الظروف وانعدام الكهرباء في المناطق المحررة الأهالي من الحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم. تقول "ابتسام"، سيدة في الأربعين من عمرها تقيم بريف إدلب، لـ "اقتصاد": "لا أستطيع أن أرى موسم الفول والبازلاء ولا أقوم بتخزينها. لقد اعتدت على هذا منذ زمن".

وتتابع السيدة حديثها شارحة الطريقة التي كانت تتبع في التخزين: "نقوم بسلق الفول أو البازلاء على حد سواء، وبعد تصفيتها من الماء جيداً توضع بأكياس بلاستيكية ونحكم إغلاقها وتوضع في الثلاجة".

أما اليوم ومع انعدام هذه الوسائل لعدم توفر الكهرباء لجأت السيدة "ابتسام" كغيرها من ربات البيوت إلى طريقة الأجداد في إدخار الطعام "التيبيس"، وهي نشر حبات الفول أو أي نوع من الخضار تحت أشعة الشمس حتى يجف تماماً، "بهذه الطريقة نحفظ الخضار. ولكن لا نستطيع استخدامها بجميع الطبخات كم لو خزنت بالثلاجة"، توضح "ابتسام".

وتكلف هذه الطريقة جهداً ووقتاً أكبر، "بعد فلقها ننزع قشرتها الداخلية ونقسم الحبة لنصفين حتى تجف بسرعة وتحافظ على نفسها"، تقول "ابتسام".

مردفة: "هذا بالنسبة للفول. أما البازلاء فيكفي نزعها من قشرتها الخارجة لليبيس".

وتستخدم هذه الطريقة لتخزين مختلف أنواع الخضار الصيفية كالحمص والفاصولياء والبازلاء، وكذلك الكوسا والباذنجان واليقطين، إضافة إلى تيبيس البامية والملوخية.

رفض المونة.. ولكن

"عمر"، 23 عاماً، تخلى عن عادة الأجداد وهو يرفض اقتراحات زوجته لتخزين أي نوع من الخضار، فهو يرى أن تخزينها ليس أمراً جيداً ومكلفاً أيضاً.

يقول عمر: "إذا جففنا الفول فإنه يصغر حجمه إلى النصف أو أقل ويفقد لونه ورائحته الزكية".

ويتابع: "لم أعد أرى حاجة لاستخدام هذه الطرق فالخضار باتت متواجدة على مدار العام عن طريق الاستيراد الخارجي؛ ولم تعد مقتصرة على محاصيلنا".

ولكن "عمر" لم يستطع الوقوف أمام رغبات زوجته وإصرار أهله؛ واضطر أخيراً لتموين بعض الخضروات.

موضحاً السبب مبتسماً: "تكلمت معي والدتي ووبختني؛ وأصرت على المونة. فهي موروث قديم لا بد منه".

طرق أخرى

فكرت "دعاء" بأن توجد طريقة تحفظ البازلاء طرية قليلاً لتطبخ مع الرز فهي أكلتها المفضلة، تقول: "قمت بجمع حبات البازلاء وسلقها؛ وثم قمت بتصفيتها من الماء جيداً ووضعها تحت أشعة الشمس حتى جفت تماماً".

وعن طريقة الطبخ تحكي "دعاء" لـ "اقتصاد": "إذا أردت طبخها أنقعها بالماء الساخن قليلاً فتعود طرية وأستطيع طبخها كما أريد".

وفي نهاية المطاف، لم تستطع المعلبات وطرق التخزين الحديثة والزراعة في البيوت البلاستيكية؛ أن تثني الأمهات السوريات للابتعاد عن عادة الأجداد؛ وربما هذا هو السر الذي يضفي على المائدة السورية طعماً خاصاً ونكهة مختلفة.


ترك تعليق

التعليق