في مناطق من درعا.. الزراعات العلفية تتفوق بجدواها على القمح


تشهد زراعة المحاصيل العلفية في محافظة درعا، ومنذ ثلاثة أعوام، إقبالاً كبيراً من قبل المزارعين، حيث أصبحت هذه الزراعة تنافس الزراعات الاستراتيجية كالقمح، وذلك بسبب جدواها الاقتصادية والأرباح التي تحققها.

وأشار المهندس الزراعي عبد القادر العيسى إلى أن "مساحات شاسعة في مناطق درعا أصبحت تزرع بـ /البيقية/ بشكل رئيسي، بسبب تزايد الطلب عليها من قبل مربي الثروة الحيوانية، وبسبب الأرباح التي تحققها، سواء أكانت بذوراً أم تبناً، حيث يصل ثمن الكغ من تبن البيقية إلى 250 ليرة سورية، و/الحمل - خيشتين/ إلى 9 آلاف ليرة سورية".

وأضاف أن "/البيقية/ هي نباتات حولية تزرع في نهاية شهر (12) وبدايات شهر (1) من كل عام، وتحصد ما بين شهر نيسان وأيار"، موضحاً أن هذه الزراعة كانت معتمدة  في المحافظة منذ سنوات طويلة، لكنها لم تكن تزرع على مساحات كبيرة كما هي عليه الآن.

وعزا التوسع بزراعة البيقية وبعض المحاصيل العلفية الأخرى إلى النقص الكبير بالأعلاف الخاصة بالأغنام والأبقار، التي كان يحصل عليها المربون من مؤسسات النظام قبل الثورة، إضافة إلى نجاح هذه المحاصيل ومواءمتها للظروف المناخية المترافقة مع شح الأمطار وبسبب الأرباح التي تحققها مقارنة مع القمح والشعير.   

وأكد أن"البيقية وتبنها بما تحتويه من مركبات عضوية وعناصر غذائية هامة، تعتبر من أكثر أنواع الأعلاف ملائمة للثروة الحيوانية، وخاصة للأغنام، حيث يمكن تقديمها كعليقة علفية لإدرار الحليب والتسمين في كل الفصول، منوهاً بفوائد البيقية بالنسبة  للتربة، ولخصوبة الأرض من خلال مدها بالمواد العضوية والآزوتية.

وأشار إلى أن "زراعة البيقية هي زراعة بعلية، ولا تحتاج إلى كميات كبيرة من الأمطار"، موضحاً أن هذه الزراعة  كانت تتركز في مناطق الاستقرار الأقل هطولا للأمطار في المحافظة، لاسيما في ريف درعا الشرقي، لكنها وبسبب الظروف المناخية، وشح الأمطار خلال السنوات القليلة الماضية، أصبحت تزرع  في كثير من مناطق ريف المحافظة، بما فيها تلك التي المناطق التي تشهد كميات جيدة من الهطل المطري.

وأضاف أن "حصاد البيقية والمحاصيل العلفية، يتم فقط بالطرق اليدوية، وباستخدام المنجل و/الحاشوشة/، الأمر الذي أمَن عشرات فرص العمل الموسمية للعديد من الشباب العاطل عن العمل"، لافتاً إلى أن مواقع زراعة هذا المحصول تشهد انتشاراً واسعاً  لورشات الحصاد والتجميع والدراس.

وقال أبو ربيع، 55 عاماً، وهو مزارع، إنه يزرع البيقية وبعض المحاصيل العلفية الأخرى للعام الثاني على التوالي، مشيراً إلى أنه حقق العام الماضي أرباحاً سنوية فاقت الأرباح التي تحققها محاصيل القمح والشعير، وذلك بسبب ازدياد الطلب على المحاصيل العلفية من مربي الثروة الحيوانية، التي بدأت تشهد هي الأخرى نمواً ملحوظاً نتيجة توجه المواطنين إلى تربية الأبقار والأغنام والماعز، واعتبارها مصادر رزق أساسية، بسبب عدم وجود أعمال أخرى يمكن ممارستها في ظل الظروف الحالية.

ولفت إلى أن "المحصول هذا العام ليس بسوية العام الماضي، بسبب زراعته متزامناً مع المربعانية وتعرضه لموجة من الصقيع، الأمر الذي تسبب بتراجع الإنتاج كماً ونوعاً"، لافتاً إلى أن الدونم يحتاج إلى نحو 15كغ من بذار البيقية، أما إنتاج الدونم فيتراوح  ما بين 150 و200 كغ إضافة إلى كميات كبيرة من التبن، إن توفرت الظروف المناسبة، وأقل من ذلك في بعض الأحيان.

وأشار إلى أن "التبن هو المنتج المربح في زراعة البيقية، حيث يصل الكغ منه إلى 250 ليرة سورية، فيما يباع الكيلو غرام من بذور البيقية بـ 200 ليرة سورية"، مؤكداً أن الدونم يربح نحو 20 ألف ليرة سورية على الأقل، إذا كان الموسم جيداً كما في العام الماضي.  

ويقول عمر القاسم، 27 عاماً، وهو من ريف درعا الغربي، "نحن مجموعة من الشباب، ليس لدينا عمل أو مهنة محددة نمارسها، بسبب عدم وجود أعمال وشغل، لكننا شكلنا ورشة للحصاد والأعمال الزراعية هذا الموسم، وكانت باكورة عملنا قبل فترة في تحويش البازلاء، والآن نعمل بحصاد البيقية"، لافتاً إلى أن الورشة تتقاضي خمسة آلاف ليرة سورية أجرة حصاد كل دونم.

وأضاف أن "العمل يبدأ منذ الخامسة صباحاً ويستمر حتى العاشرة، حيث يكون النبات رطباً"، مشيراً إلى أن حصاد البيقية يحتاج إلى جهود كبيرة باستخدام المنجل، بسبب تشابك النبات وانغراسه العميق في التربة.

وقال إن "العامل الجيد يحصد يومياً نصف دونم"، لافتاً إلى أنه ومجموعته المكونة من 12 شخصاً، يحصدون يومياً ما بين خمسة دونمات وستة دونمات، وتوزع الأجور بينهم بالتساوي.

من جهته أكد معاذ العوض، 30 عاماً، وهو عسكري منشق، أن الأعمال الموسمية الزراعية حسنت من وضعه المعيشي بعد انحسار الكثير من المهن وجبهات العمل، بالتزامن مع الأحداث الجارية، مشيراً إلى أن العمل في القطاع الزراعي الذي أصبح يعتمد على الطرق اليدوية في عمليات الفلاحة والحصاد، أسهم إلى حد ما في توفير  فرص عمل للشباب الباحث عن أي عمل يقيه العوز والفاقه.

وقال إنه لم يعد هناك أمام الشباب أي خيارات، فالظروف المعيشية قاسية، والكل يبحث عن عمل، وبات الشاب يقبل بأي عمل يؤمن له دخلاً مهما كان ضئيلاً، لافتاً إلى أنه يعمل بجد خلال مواسم الحصاد منذ ثلاث سنوات، واستطاع من إنتاجه أن يؤمن احتياجات أسرته الضرورية، وشراء لوحة شمسية وإكسسوارات إنارة منزلية، وكميات من الوقود لعمليات الطهي والتدفئة.

وأضاف أن العامل الجيد الراغب بالعمل، يستطيع أن يحصّل كل موسم ما بين 100 ألف و150 ألف ليرة سورية من خلال العمل في الحصاد والدراسة والتشعيب، وهذا المبلغ على قلته يبقى أفضل من لا شيء، حسب وصفه.

ترك تعليق

التعليق