شركات الصرافة.. من القطع الأجنبي إلى قطع الأرزاق
- بواسطة فؤاد عبد العزيز - خاص - اقتصاد --
- 10 أيار 2017 --
- 0 تعليقات
بعد أكثر من ثلاثة سنوات من "العز" والسيطرة على سوق العملات الأجنبية في سوريا، عادت شركات الصرافة "لتكش الذباب" كما يقولون في العامية، كناية عن عدم القيام بأي عمل في الفترة الحالية..
قرار كف يد شركات الصرافة عن المتاجرة بالدولار في السوق السورية، كجهات شبه حصرية، كان قد اتخذه حاكم المصرف المركزي الجديد دريد درغام، في صيف العام الماضي، بعد حملة شرسة قادتها وسائل إعلام النظام، اتهمت من خلالها هذه الشركات بأنها السبب وراء تراجع قيمة الليرة السورية إلى أكثر من 600 ليرة أمام الدولار، بالإضافة إلى أنها استنزفت مخزون البلد من القطع الأجنبي عبر جلسات الضخ التي كان يقوم بها المصرف المركزي في عهد حاكمه السابق أديب ميالة، والتي بلغت في مجموعها أكثر من 5 مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات وذلك بحسب ما اعترف به رئيس الحكومة عماد خميس في تصريحات سابقة.
مناسبة إثارة موضوع شركات الصرافة اليوم، والتي يتجاوز عددها الـ 15 شركة في السوق السورية، هو الحالة التي باتت عليها هذه الشركات بعد أن تم منعها من المتاجرة بالدولار، بيعاً وشراء، إلا وفق رقابة صارمة وقيم مالية محددة، غالباً لا يتم الموافقة عليها من قبل المصرف المركزي، وهو الأمر الذي دفع هذه الشركات للعمل بالتحويلات المالية وبالقطع السوري فقط، من الخارج إلى الداخل أو بالعكس، وهو عمل لم تختره بنفسها، وإنما فرضته ظروف العقوبات الاقتصادية على البنوك العاملة على الأراضي السورية، وإلا فإن دريد درغام كان يخطط حتى لسحب هذه الميزة من شركات الصرافة وإعطائها للبنوك، كما فعل مع عملية بيع القطع الأجنبي.
وبحسب معلومات حصلنا عليها من مصادر خاصة، هناك ما يشبه التوجيه من قبل جهات عليا بعدم التطرق لموضوع شركات الصرافة في وسائل الإعلام، كما تم تنبيه تلك الشركات بعدم التوجه للإعلام الخاص وبث شكواها له، تحت طائلة التهديد بالمضايقة وكشف الملفات القديمة.. لذلك فإن المتابع لأي خبر يتم نقله عن هذه الشركات لا بد أن يلاحظ أن جميع من يقدمون معلومات لوسائل الإعلام يطلبون عدم الكشف عن أسمائهم أو صفاتهم، كما لو أنهم يتحدثون في الممنوعات..!!
الأمر الآخر الذي أشار إليه مصدرنا، أن شركات الصرافة، ومنذ أكثر من خمسة أشهر تعمل بخسارة وهذا الأمر بعلم النظام، وهي لا تزال تقتات على ما جمعته من أموال طائلة في الفترة الذهبية من عملها بين العامين 2013 وحتى منتصف العام 2016.. لكنه كشف أن الأمر لن يدوم طويلاً على هذه الحال، لأن أغلب المالكين لهذه الشركات أو المستفيدين منها، هم من "الهوامير" المقربين من النظام وأجهزته المخابراتية، وقد تم إسكاتهم لفترة محددة تحت وعود بالبحث عن فرص جديدة لهم لجمع الأموال، وبحسب مصدرنا ذاته، فإنه هناك اليوم حديث عن إعادة إشراك هذه الشركات بتمويل جزء من رخص الاستيراد وبالذات بالنسبة للمواد الملحة، بحجة عدم مرونة البنوك في تعاملاتها، بالإضافة إلى السماح لهم ببيع الدولار للناس مع تخفيف القيود المفروضة عليهم من ناحية القيم المادية المسموح ببيعها والتي لا تتجاوز في الفترة الحالية الـ 200 دولار ولمرة واحدة في الشهر ووفق شروط صارمة..
من جهة ثانية، كشف متابعون في سوق العملات في داخل سوريا، أن شركات الصرافة لاتزال تمتلك الكثير من عناصر القوة لفرض شروطها على السوق وعلى الحكومة على حد سواء، لكنها لاتزال تنتظر الوعود بإيجاد عمل مناسب لها، وإلا، فإذا استمر "التطنيش" الحكومي حيالها، فهي قادرة بحسب هؤلاء المتابعين، أن تنشر عملاءها في كل مكان، وتبيع وتشتري الدولار على قارعة الطرقات وأمام الأفران وفي أسواق الخضار، وبما يثير بلبلة في سوق الصرف.. وقد شهدت الليرة السورية خلال الأسبوع الماضي ارتفاعاً مهماً أمام الدولار، وهو ما يزعج الحكومة التي لا ترغب بهذا الارتفاع كونها تمول مصروفاتها الداخلية بالليرة السورية..
وقد كشف السيد قصي علي "اسم مستعار"، أحد المالكين لمكاتب تصريف وتحويل الأموال في المناطق المحررة في الجنوب السوري، في تصريح خاص لـ "اقتصاد"، أن شركات الصرافة لديها عملاء ترسلهم إلى كل المناطق ويقومون بعيداً عن أعين النظام بعقد صفقات بيع وشراء دولار، بكميات كبيرة، وذلك بالاستفادة من موقع تلك المناطق والتي يغلب على تعاملات تجارها، الكبار والصغار، العملات الأجنبية وبالذات الدولار واليورو..
وأضاف علي: "نحن نشتري الدولار من عملاء هذه الشركات وبالكميات التي نريد وبأسعار مرتفعة بعض الشيء، بينما المصرف المركزي يشتري من هذه الشركات الدولار بهامش ربح بسيط عن السعر الرسمي".
التعليق