بصمات تنظيم "الدولة" السلبية على اقتصاد الريف الشمالي والشرقي لحلب.. ما تزال قائمة


لم تكن التأثيرات السلبية نتيجة سيطرة تنظيم الدولة على الريف الشمالي والشرقي لحلب لمدة ثلاث سنوات مقتصرة على الجانب العسكري والسياسي بل تعدته إلى جوانب أخرى لا تقل أهمية عن الجوانب المذكورة خصوصاً، الجانب الاقتصادي والاجتماعي.

 كان للزراعة النصيب الأكبر من هذا التأثر خلال فترة سيطرة التنظيم نتيجة زراعة الألغام وحفر الخنادق ورفع السواتر الترابية  وامتداد خطوط الجبهات في أخصب الأراضي الزراعية وخصوصاً سهول اعزاز، حيث استمر ذلك لأكثر من موسم زراعي.

وتلت الزراعة من حيث التأثر السلبي، كل من التجارة والصناعة، نتيجة عدم اهتمام التنظيم بهما بسبب اتباعه سياسة التركيز على الجانب العسكري  بالإضافة إلى الحرب المستمرة التي كان يشنها تجاه فصائل الجيش الحر وسيطرته على القرى بشكل متدرج وتحويلها إلى مناطق عسكرية خالية من سكانها كما قام بإغلاق المدارس وتوقف الحركة العمرانية والاتصالات.

التأثر الاقتصادي مازال مستمراً على الرغم من دحر التنظيم من هذه المناطق من قبل قوات درع الفرات قبل ستة شهور، نتيجة قيامه بتفكيك الأفران ومحركات المياه ومعدات المشافي وأخذها إلى مناطق سيطرته. كما أن تأثيرات المخلفات العسكرية مازال باقياً.

"علي تامر"، رئيس المجلس المحلي لبلدة صوران المحررة من التنظيم، وفي حديثه لـ "اقتصاد"، يقول: "لقد تسبب التنظيم بمشاكل كبيرة طالت كافة الجوانب الاقتصادية والمعيشية للمواطن، فعلى الصعيد الزراعي قام التنظيم بسرقة جميع المحركات من الأراضي الزراعية وقام بزرع الألغام، الأمر الذي منعهم من استثمارها إلى يومنا هذا بالإضافة إلى قيامه بحفر خنادق ورفع سواتر ترابية دفع المزارعين مبالغ كبيرة من أجل إعادة تسويتها وردمها".

وبيّن " تامر" أن فترة حكم التنظيم وحتى بعده تركت أثراً سلبياً كبيراً، فصوران مثال على ذلك، تعاني الكثير من المصاعب بعد قيام التنظيم بسرقة معدات الفرن الاحتياطي وسرقة محركات مياه الشرب ومحركات الصرف الصحي. وقامت لجنة دعم الاستقرار التابعة لمجلس محافظة حلب الحرة بتقديم مولدة ومشروع إزالة معالم التنظيم ولكن حجم الدعم ضعيف جداً، لا يتناسب مع حجم الأضرار التي خلفها التنظيم.

وأضاف "تامر": "كما قام التنظيم بتسخير البنى التحتية لصالح حربه مثل شبكة الطرق والصرف الصحي من خلال حفر الأنفاق واستخدام الطرق الفرعية والرئيسية لمرور سيارات الشحن مما تسبب بتعطيل شبكة الصرف الصحي وتدمير الطرق وهي بحكم المتوقفة. ويوجد تلوث بحي من أحياء صوران ضمن مياه الشرب".

وتابع "تام": "الأضرار لا تعد ولا تحصى بحق سكان القرى والبلدات التي سيطر عليها التنظيم من سرقة منازل المدنيين والمحلات التجارية وارتفاع الأسعار وتهدم بعض المدراس والمباني العامة والخاصة نتيجة التفخيخ والقصف وتسخيرها لصالح معاركه بالإضافة إلى انتشار الخوف والهلع المستمر بسبب الظلم الذي مارسه التنظيم".

ومن جانبه، قال منذر السلال، رئيس لجنة إعادة الاستقرار في مجلس محافظة حلب الحرة، إن التنظيم قام بسرقة كل ما يمكن الاعتماد عليه في تأمين حاجات الناس. قام بتفكيك الأفران وسرقة جميع الآليات والجرارات والمولدات الكهربائية والمعدات الطبية ولم يُبقي شيئاً في المناطق المحررة. مضيفاً: "إن الأذى الذي ألحقه التنظيم لم يقتصر على الجوانب المادية بل تعداه إلى النواحي النفسية والاجتماعية. لقد عمد التنظيم إلى طمس وتشويه القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية. ويجب علينا جميعا العمل بجد لمحاربة هذه المشكلة. ونحن نرى أن تأمين الحياة الكريمة هي خطوة أولى في هذا الطريق. ويتمثل هذا في إقامة مشاريع وتأمين فرص عمل للمواطنين ويرافقه عمل جدي يخص الأيتام والمهجرين وأهالي الشهداء".

وأشار السلال: "تعمل اللجنة بتعاون وثيق مع المجالس المحلية الموجودة، والهدف الأساسي من عملنا هو تقوية المجالس المحلية كمؤسسة. ونحن نسلم المعدات والآليات فقط للمجالس. اللجنة ليست منظمة اغاثية تقوم بتوزيع حصص غذائية بل جزء من مؤسسة مجلس المحافظة. وتحاول تأمين الأسباب التي تجعل المواطن لا يعتمد على السلة الإغاثية ونحاول محي الآثار السلبية التي تركها التنظيم. ونحن متفائلون في هذا المجال خصوصاً مع اقتراب جني أول محصول زراعي بعد عدة سنوات  من غياب الزراعة".

تقوم اللجنة بمحاولة تخديم المنطقة وتأمين الماء والخبز والنظافة، كونها تمثل الشروط الأساسية للحياة، وكذلك إعادة إطلاق العملية التعليمية التي كانت متوقفة طوال فترة سيطرة التنظيم. يقول السلال: "فنحن نقدم الأفران ومعدات ضخ المياه وآليات النظافة والأثاث المدرسي في كامل المنطقة المحررة".

ترك تعليق

التعليق