رفضوا أن يخرجوا من بيوتهم.. 70 أسرة ذاقت مرّ الحصار غربي مخيم اليرموك


مع بداية العام الحالي أدت ظروف فصائلية إلى اندلاع اقتتال بين فتح الشام والجيش الحر ضد تنظيم الدولة في مخيم اليرموك جنوبي العاصمة دمشق. المعركة انتهت بحصار فرضه التنظيم على قرابة 200 إلى 300 عنصر من فتح الشام في منطقة غربي المخيم. لكن المفاجأة كانت في بداية مأساة جديدة لـ 70 أسرة من أبناء المنطقة معظمهم من الفلسطينيين ونازحي الجولان المحتل لم تأخذ حقها إعلامياً إلا عبر تغطيات صحفية خاطفة.

وفي الأيام القليلة الماضية تم اتفاق بين هيئة تحرير الشام مع إيران عرف باتفاق المدن الأربع الذي يشمل خروج مقاتلي الزبداني ومضايا إلى الشمال مقابل إخلاء قريتي الفوعة وكفريا الشيعيتين. وأشار الاتفاق في أحد بنوده إلى مغادرة مقاتلي الهيئة العالقين غربي المخيم إلى الشمال السوري ما يثير احتمالاً كبيراً بحل الأزمة.

منذ اللحظة الأولى لفرض تنظيم الدوله حصاراً مطبقاً عليهم، رفض سكان حارة عين الغزال والريجة وشارع حيفا، مغادرة بيوتهم الأصلية على الرغم من القسوة المفرطة التي شرع التنظيم في ممارستها تجاه السكان في محاولة للسيطرة على المنطقة تماماً.

وعلى الرغم من طلب التنظيم عبر مكبرات الصوت مغادرة المنطقة إلا أن الأهالي رفضوا هذا الأمر رفضاً قاطعاً، ما حدا بالتنظيم لمحاصرة المنطقة بمن فيها من السكان ومقاتلي فتح الشام.


كيف يعيش المحاصرون؟

"أبو عمر"، ناشط من بيت سحم، تحدث لـ "اقتصاد" عن بعض التفاصيل التي تجري في منطقة لا تتجاوز مساحتها 2 كم مربع. "أعرف بعض العائلات المحاصرة غربي المخيم. الوضع المعيشي صعب جداً. المنطقة محاصرة من قبل تنظيم الدولة والنظام. فتح الشام هي المسيطرة عسكرياً على المنطقة".

يتابع أبو عمر متحدثاً عن الوضع المعيشي السيء للغاية: "المحروقات، المياه، الكهرباء.. غير موجودة إطلاقاً. الحصار صعب على الأهالي".

أما "عمر القصير"، الناشط من مخيم اليرموك، فقال لـ "اقتصاد"، يروي شيئاً من المتاعب التي يعيشها السكان، "لا يوجد دواء رغم وجود مسنين ومرضى بحاجة لعلاج دوري. أدوية ضغط الدم والسكري مفقودة. توجد نسوة حوامل ومرضعات وقد تأذين كثيراً بسبب الحصار".

يسهب عمر في حديثه قائلاً: "الطعام يقتصر على الزرع البسيط على الأسطح وأمام البيوت. لا وجود للمحروقات نهائياً. الوضع الطبي يزداد سوءاً بوجود جرحى ومرضى. معظم العائلات سترحل فيما لو تم خروج فتح الشام بعد أن ذاقوا الأمرين من تنظيم الدولة والنظام".


نسبة المرضى تشكل 60%

تنشط "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية" في رصد وتوثيق الأوضاع الميدانية والمعيشية فيما يخص الفلسطينيين القاطنين في مخيمات عديدة في سوريا.

وقدمت المجموعة لـ "اقتصاد" معلوماتها الطبية حول المحاصرين غربي مخيم اليرموك، حيث قالت: "يضطر المحاصرون في منطقة الريجة لشرب الماء الراكد في الآبار الموجودة بالمنطقة، ما أدى إلى انتشار بعض الأمراض كالتهاب المعدة والأمعاء والحمى التيفية وانتشار الأمراض الجلدية".

وأفادت المجموعة أن نسبة المرضى داخل المنطقة تشكل 60%، في حين يعتبر الأطفال الأكثر تضرراً من الحصار، حيث يعانون من آلام في البطن وحمى قد تصل إلى 40 درجة.


حل مؤقت

في الفترة الأخيرة بات تنظيم الدولة يسمح بخروج المحاصرين خارج المنطقة لتناول وجبة واحدة يومياً.

يقول أبو عمر إن الأسر يسمح لها بمغادرة المخيم من العاشرة صباحاً إلى الثالثة عصراً في اتجاه بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم التي تخضع لسيطرة الجيش الحر.

وأكد أبو عمر عدم سماح التنظيم بإدخال أي طعام أو مواد إنسانية إلى المنطقة المحاصرة خلال عودة المدنيين. وقال: "تمكنت من معرفة هذه المعلومات من شخص محاصر في تلك المنطقة يزورنا كل فترة في نفس التوقيت".

ولا يفرض تنظيم الدولة أي قيود على المغادرين تجبرهم على العودة إلى جو الحصار. مع ذلك يعود معظم الأهالي إلى المنطقة غير مبالين بالحصار المفروض.

يسجل "أبو عمر" حديثاً سمعه من صاحبه الذي يرفض مغادرة المنطقة نهائياً، "إنها بيوتنا.. لا يمكن أن نخرج منها".

سيناريو محتمل

في زحمة البنود التي شملها اتفاق المدن الأربع الذي وقعته هيئة تحرير الشام مع إيران في الآونة الأخيرة، قلة من الناس لمّحت إلى البند الذي يتحدث عن إخراج عشرات من مقاتلي الهيئة من منطقة غربي مخيم اليرموك.

وبحسب الاتفاق، من المحتمل أن يغادر عناصر الهيئة منطقة المخيم بالتزامن مع خروج مقاتلي الزبداني ومضايا. وسيؤدي خروج المقاتلين إلى فك الحصار عن سكان المنطقة العالقين بين طرفي النزاع إذ لا جدوى من الحصار طالما أن فتح الشام لن يعود لها وجود في المنطقة.

من المحتمل جداً في حال نُفذ هذا الاتفاق.. أن يشكل الحل الأمثل لعشرات المحاصرين في المنطقة الذين آثروا البقاء في بيوتهم على الرغم من جحيم الحصار.

ترك تعليق

التعليق