لماذا تراجعت زراعة البندورة في محافظة درعا؟
- بواسطة خاص - اقتصاد --
- 13 نيسان 2017 --
- 0 تعليقات
شهدت زراعة البندورة في محافظة درعا خلال السنوات القليلة الماضية تراجعاً ملحوظاً، وذلك بالتزامن مع تطور الأعمال العسكرية التي شملت معظم مناطق المحافظة، الأمر الذي أدى إلى توقف المزارعين عن زراعة المحاصيل الزراعية، بما فيها زراعة البندورة، التي كانت محافظة درعا تتبوأ المركز الأول في زراعتها بين المحافظات السورية.
ويشير المهندس الزراعي نادر المسعود، إلى أن "أسباب تراجع زراعة البندورة في المحافظة، تعود إلى عدم توفر المصادر المائية الكافية لهذه الزراعة، نتيجة قلة الهطل المطري خلال السنوات الماضية، وقلة مخازين السدود التي لم تكن كافية لإرواء المشاريع الزراعية".
وأضاف أن من "أهم أسباب تراجع هذه الزراعة هو الوضع الأمني وتداعياته، وما نجم عنه من نزوح ولجوء إلى مناطق آمنة، يضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار المواد الأولية والأسمدة وعدم توفر أسواق تصريف للإنتاج، والتي تزامنت مع عمليات الحصار الخانق التي فرضت على المناطق المحررة، ما فوت على المزارعين الاستفادة من موارد رزق ثابتة، وألغى فرص عمل لمئات الأسر".
وقال إن "محافظة درعا كانت قبل الثورة تحتل المركز الأول بين المحافظات السورية من حيث كمية الإنتاج والأنواع المزروعة من البندورة، وكان يصل متوسط إنتاجها إلى أكثر من 300 ألف طن سنوياً، تصل قيمتها إلى أكثر من مليار ليرة سورية، وتؤمن 44 بالمئة من احتياجات سوريا من هذه المادة، إضافة إلى أنه كان يعمل فيها أكثر من 150 ألف مواطن"، لافتاً إلى أن قسماً كبيراً من إنتاج هذه المادة كان يصدر إلى الأردن والأسواق الخليجية.
وأضاف أن "إغلاق المعابر الحدودية مع الأردن وعدم وجود أسواق تصريف خارجية، أسهما إلى حد كبير في توقف هذه الزراعة التي كانت تشكل المصدر الاقتصادي للكثير من أسر المحافظة وأسر بعض المحافظات السورية التي كانت تأتي إلى درعا للعمل في زراعة البندورة وقطفها"، مشيراً إلى أن هذه الزراعة تراجعت بشكل كبير وتحولت محافظة درعا من محافظة منتجة إلى محافظة لا تكاد تكفي احتياجاتها من البندورة العصيرية والمستخدمة في المائدة للأسباب السابقة.
وأكد أن زراعة البندورة في المحافظة كانت تنتشر على الخصوص في مناطق طفس ونوى وانخل والريف الغربي والشمالي، لكن هذه المناطق لازالت تشهد معارك وتتعرض للقصف من قبل قوات النظام بشكل يومي، لافتاً إلى أن الدونم في هذه المناطق كان ينتج أكثر من عشرة أطنان خلال الموسم بسبب خصوبة الأرض وخبرة الفلاح واستخدامه التقنيات الزراعية الحديثة، لكنه الآن لا ينتج شيئاً، كما قال.
من جهته، أكد محمود العوض، 38 عاماً، وهو أحد مزارعي البندورة في المحافظة، أن ظروف الحرب أجبرته على التوقف عن زراعة البندورة التي قال إنه كان يعتمدها كزراعة أساسية منذ أكثر من عشرين سنة، لافتاً إلى أن الخسائر المتتالية نتيجة الحصار وتقييد حركة التنقل بين المناطق، ألحقت به خسائر مادية كبيرة جداً لم يعد معها قادراً على البدء من جديد.
وأضاف أنه في العام الماضي استأجر أرضاً وزرع نحو 30 دونماً بالبندورة، وعند نضوج المادة بدأت في المنطقة معارك شديدة، لم يستطع بسببها قطف المحصول، واضطر إلى تركه على حاله، مشيراً إلى أن محصوله تحول إلى طعام للأغنام.
فيما أكد عبد القادر الأحمد، 45 عاماً، و هو مزارع، أن زراعة البندورة في أقصى الريف الغربي توقفت بشكل شبه كامل بسبب الأحداث والمعارك التي تشهدها منطقة حوض اليرموك، مبيناً أن منطقة الحوض كانت من السلال الزراعية المهمة في المحافظة، وكانت تنتج الكثير من الخضروات الباكورية بسبب طبيعة أرضها الخصبة، ونجاح هذه الزراعات في الأودية.
وأشار إلى أن الفلاحين خلال العام الماضي وما قبله، تكبدوا خسائر مادية كبيرة لعدم قدرتهم على تسويق إنتاجهم في الأوقات المناسبة، مبيناً أن الكثير من الأسر العاملة في زراعة البندورة في هذه المنطقة هجرت أراضيها إلى مناطق أكثر أمناً لممارسة هذه الزراعة التي تعتبر مصدر دخلها الأساسي والوحيد منذ عشرات السنين.
وقال أبو سامر، 55 عاماً، وهو مزارع بندورة، إن "زراعة البندورة عادة ما تبدأ في النصف الثاني من شهر نيسان وتؤتي ثمارها في شهر تموز، لكن مساحات شاسعة لم تزرع هذا العام لعدم توفر الأمان والمياه وارتفاع أسعار المواد الأولية"، موضحاً أن الموسم لم يعد مضموناً، وأن الفلاحين لم يعد لديهم القدرة على المغامرة بإمكانياتهم المادية بعد سلسلة الخسائر التي تكبدوها خلال المواسم السابقة نتيجة الظروف التي تعيشها البلاد.
وقال بحسرة شديدة: "في الأعوام السابقة كنت تجد في مثل هذه الأوقات من السنة حركة دؤوبة ونشاطاً كبيراً للفلاحين، وكانت تنتشر الخيم في الأراضي الزراعية، وتتحرك الأسواق والمطاعم، لكن مع استمرار الحرب توقفت الحركة، وتراجع النشاط ولم تعد ترى تلك المظاهر للأسف".
من جهته، أكد المهندس "أحمد"، وهو من العاملين السابقين في مديرية الزراعة، أن المساحات التي كانت تزرع بالبندورة للعروتين الرئيسية والتكثيفية انخفضت من 3500 هكتار في أعوام ما قبل الثورة إلى أقل من 1000 هكتار في سنوات الثورة وهي في تراجع مستمر مع استمرار سنوات الثورة.
ولفت إلى أنه "كان يعمل في هذه الزراعة نحو 30 بالمئة من العاملين في القطاع الزراعي، وأنها كانت تشكل 20 بالمائة من الناتج المحلي الزراعي في المحافظة"، مشيراً إلى توقف معظم معامل الكونسروة عن عملها نتيجة الظروف التي تعيشها البلاد، حيث لم يبق من أصل نحو 30 معملاً في المحافظة كانت تؤمن نحو 600 فرصة عمل ثابتة ومئات فرص العمل الموسمية، سوى عدد قليل جداً".
التعليق