الدروس الخصوصية والمدارس الخاصة، ما تزال سوقها رائجة.. نماذج عن الأسعار في درعا


على الرغم من الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشها سكان سوريا بشكل عام، وأهالي محافظة درعا بشكل خاص، إلا أنه لازال هناك الكثير من الأسر التي  تحرص على تعليم أولادها في مدارس خاصة ولدى أساتذة مختصين، وتوفر لهم كل مستلزمات النهوض بمستواهم التدريسي وتحصيلهم العلمي، ما جعل ذلك يشكل أعباء اقتصادية جديدة، باتت ترهق كاهل الأسر، لاسيما تلك الأسر التي يكون فيها أكثر من طالب في إحدى الشهادتين الثانوية العامة أو التعليم الأساسي.

 الآراء حول هذه الظاهرة القديمة الجديدة مختلفة بين مؤيد ومعارض، إلا  أنه مهما كانت هذه الآراء، تبقى الدروس الخصوصية ظاهرة اجتماعية واقتصادية، تفرض نفسها بقوة، وهي تهدف إلى الربح والمنفعة المادية، بذريعة التحصيل العلمي الأفضل.

وتقول حسناء الحوراني، وهي مدرسة، "أرفض النقاش في مسألة الدروس الخصوصية بغض النظر عن أسبابها وضرورتها"، لافتة إلى أن هذه الدروس تثقل كاهل الأهل وتفوت الفرصة على الكثير من الطلاب بتلقي مستوى تعليمي واحد.

وأشارت إلى أن "ظاهرة الدروس الخصوصية ومنذ ظهورها قبل عدة عقود تعتبر تجارة كأي تجارة، تهدف إلى الربح"، مشيرة إلى أن المدرس لو قدم ما لديه من علوم ومعارف، لما احتاج الطلاب لمثل هذه الدروس، ولما وقع الأهالي والطلاب تحت ضغط الحاجة لمثل هذه الدروس.

وأكد أبو أحمد، موظف سابق 54 عاماً، وهو أب لأربعة أولاد، إنه كان في السابق وفي فترة ما قبل الثورة يعارض الدروس الخصوصية، لأنه يفترض أن تكون الدروس في المدارس كافية للطالب لفهم المنهاج بشكل مقبول، أما الآن وفي ظل الغياب المتكرر والنزوح وتعطل المدارس نتيجة الوضع الأمني لفترات قد تمتد لأسابيع، فإنه يؤيد الدروس الخصوصية لتعويض ما يفقده الطلاب، شرط أن تكون جماعية وبأسعار مقبولة، ينظر فيها إلى الحالة العامة للأهالي ومقدرتهم المادية.

فيما أشارت أم عبد القادر، معلمة، إلى  أن الدروس الخصوصية كانت في السابق نوعاً من أنواع البرستيج والمفاخرة لكثير من الأسر الغنية، سواء كان الطالب بحاجة لها أم لا، وفيها نوع من الغيرة والتقليد الاجتماعي لدى بعض الأسر الغنية، لإظهار إمكانيات الأسر المادية، لافتة إلى أن الكثير من الأسر كانت تدفع مبالغ كبيرة، وتنفق ببذخ على المدرسين والدروس الخصوصية، لكن للأسف أبناؤها لم يحققوا الهدف المنشود، وضاعت تلك الأموال هدراً.

وقالت: "أعرف أسراً أنفقت مبالغ كبيرة على الدروس الخصوصية، لكن أولادها رسبوا لعام وعامين رغم ذلك"، مشيرة إلى أن الدروس الخصوصية ممكنة وضرورية إذا كان الطالب غير قادر على فهم موضوع معين في المنهاج، لكن أن يتحول العام الدراسي كله إلى دروس خصوصية فهذا فوق الإمكانيات.

الطالب محمد ناصر، وهو من طلاب الشهادة الثانوية الفرع العلمي، أكد أن مستواه العلمي جيد واستيعابه للدروس بشكل عام في أحسن أحواله، لكنه يعاني من ضعف في مادة الفيزياء، بسبب عدم وجود معلم لهذه المادة منذ بداية العام، الأمر الذي دفعه لتلقي دروس خصوصية في هذه المادة مع مجموعة من الطلاب لدى مدرس في قرية أخرى، لافتاً إلى أنه يدفع نحو 500 ليرة سورية لكل جلسة مدتها ساعة ونصف.

وقال: "أوافق على الدروس الخصوصية إذا كانت هناك حاجة ضرورية، أما غير ذلك فأعتبرها مصاريف ليست في محلها".

فيما قالت الطالبة، سهي المحمد، أنها مضطرة لبعض الدروس الخصوصية في مادة الرياضيات واللغة الفرنسية،لأنها تجد صعوبة كبيرة في فهم بعض الدروس، مؤكدة أن الدروس ضرورية أحياناً، "ولكن ليس أن تتحول كل دراستنا إلى دروس خصوصية، لأن في ذلك إرهاق لإمكانيات الأسرة وخاصة في هذه الظروف". 

من جهته أكد محمد القاسم وهو مدرس رياضيات، أن الدروس الخصوصية واقع مستمر، رغم التعليمات الصادرة للحد من هذه الظاهرة من قبل أجهزة النظام، لافتاً إلى أن الدروس الخصوصية حسّنت من واقع الكثير من مدرسي الاختصاص، وأوجدت للكثير منهم فرص عمل بعد أن تم فصلهم من مدارس النظام وملاحقتهم أمنياً. 

ولفت إلى أن الظروف الاقتصادية صعبة جداً على معظم الناس، لكن هناك بعض الأسر المقتدرة التي مازالت أمورها بخير رغم الحرب، لاسيما تلك الأسر التي تتلقى مساعدات كبيرة من أبنائها خارج البلاد، مشيراً إلى أنه رغم قساوة الظروف المادية، فإنه ما تزال المدارس والمعاهد الخاصة والدروس الخصوصية موجودة في الكثير من مناطق درعا سواء المحررة، أو الواقعة تحت سلطة قوات النظام، وينفق الأهالي عليها مبالغ كبيرة.

وأضاف أن أجور الدروس الخصوصية في محافظة درعا متفاوتة بين منطقة وأخرى، وتخضع لعدة اعتبارات منها حالة الأسر المادية، وشهرة المدرس ومدى كفاءته، مشيراً إلى أن أجرة الدرس في المناطق المحررة بالنسبة لشهادة التعليم الأساسي ما بين 500 و 750 ليرة سورية، أما أجرة الجلسة لطالب الشهادة الثانوية الفرع العلمي فتتراوح ما بين 1000 و 1500 ليرة سورية في بعض مناطق أقصى ريف درعا الغربي، فيما ترتفع في مناطق أخرى إلى ما بين 1500 و 2000 ليرة سورية في مناطق نوى، أما في درعا المدينة فتصل إلى ما بين 2000 ليرة سورية وحتى 2500 ليرة سورية.

وأكد أن أقساط المدارس الخاصة في مناطق المحافظة تتفاوت من منطقة إلى أخرى، وهي تبدأ من 35 ألف ليرة سورية في بعض المدارس للفرع الأدبي و 40 ألف للفرع العلمي، وترتفع الأقساط في بعضها من 45 ألف إلى 60 ألف ليرة سورية، شرط أن يكون في الشعبة الواحدة 30 طالباً وما فوق، أما إذا كان عدد الطلاب أقل فإن القسط يرتفع قليلاً.

ولفت إلى أن طالب الشهادة الثانوية العلمية يكلف أهله ما بين 100 و 150 ألف ليرة سورية كحد أعلى، فيما يكلف طالب التعليم الأساسي أهله ما بين 50 إلى 75 ألف ليرة سورية سنوياً نفقات إضافية على الدروس الخصوصية.

ترك تعليق

التعليق