شاهد عيان يروي لـ "اقتصاد" قصة اللاجئ السوري الذي أحرق نفسه في اليونان


تناقلت عدد من المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي، يوم أمس، "فيديو" لأحد اللاجئين السوريين في اليونان وهو يهدد من حوله عناصر الشرطة والموظفين بحرق نفسه أمام إحدى مراكز اللجوء في واحدة من الجزر اليونانية، ليقوم بعدها بإضرام النار في نفسه دون إيضاح تفاصيل أكثر عن ملابسات هذا الحادث، والسبب الذي دفعه للقيام بحرق نفسه بعد سكب مادة البنزين على جسمه من (غالون) كان يحمله بيده.

شاهد عيان كان متواجداً في نفس المكان عند حصول الحادثة روى في حديث خاص لـ "اقتصاد" تفاصيل ما حدث والأسباب التي دفعت باللاجئ الشاب إلى حرق نفسه بتلك الطريقة.

وبحسب "أحمد"، وهو لاجئ سوري وصل مع عائلته قبل 15 يوماً إلى جزيرة كيوس اليونانية، فإن هذه ليست المرة الأولى التي يقدم فيها ذلك الشاب الذي يدعى (عامر)، على التهديد بحرق نفسه، فقد سبق وهدد عناصر الشرطة وموظفي دائرة اللجوء في الجزيرة بحرق نفسه مرتين قبل ذلك، ما لم يقوموا بتسوية وضعه ومنحه حق اللجوء في اليونان وإلغاء قرار الرفض الصادر بحقه.

وينحدر "عامر" من مدينة حماه السورية. ووصل جزيرة كيوس قبل سنة وشهر تقريباً.

لكن ما حدث يوم أمس كان مختلفاً، فقد أتى عامر متوتراً وبيده (غالون) من مادة البنزين سكبه على جسمه وبدأ بتهديد عناصر الشرطة وموظفي دائرة اللجوء الذين اعتادوا على زياراته المتكررة لهم، إلى أن قام أحد عناصر الشرطة اليونانية بالالتفاف من وراءه بقصد إمساكه ومنعه من إحراق نفسه، إلا أن عامر الذي كان يمسك بيده (قداحة) أضرم النار بنفسه، وهو ما أصابه بحروق بالغة وخصوصاً في المناطق الحساسة من جسمه ورأسه وهو ما دعا إلى نقله للعاصمة أثينا لتلقي العلاج.


ما دعا عامر الى الشروع بالانتحار من خلال حرق نفسه، ربما قد يدفع غيره للقيام بذلك في ظل انتشار ظاهرة الانتحار بين اللاجئين بسبب تردي أوضاعهم وسوء معاملة السلطات اليونانية لهم ويأسهم من حياتهم على الأراضي اليونانية التي أصبحت معسكرات لاحتجاز اللاجئين.

ووصف أحمد، شاهد العيان الذي تحدث لـ "اقتصاد"، أوضاع اللاجئين السوريين بالأكثر سوءاً على الجزيرة التي تضم آلاف اللاجئين من جنسيات مختلفة. إذ لا خيار أمام السوريين إلا الصبر. فلا هم يرغبون بالعودة إلى تركيا التي قدموا منها ولا يستطيعون العودة الى بلدهم التي هجروا منه. فلا خيار أمامهم سوى الانتظار للحصول على (الخارطية) وهي التصريح الذي يسمح لهم بالسفر للعاصمة أثينا والانتقال إلى مخيمات الأمم المتحدة التي أقيمت على أطرافها أو على الحدود المقدونية.

ويعيش اللاجئون السوريون في جزيرة كيوس ظروفاً صعبة، حيث يسكنون خياماً صغيرة خصصت للشباب أو كرفانات وضع بها أكثر من عائلة، كما تنتشر في مخيمات الجزيرة الأمراض والحشرات والقمل وتتراكم فيها النفايات والأوساخ، ويعاني غالبية اللاجئين من سوء الرعاية الصحية ورداءة الطعام المقدم لهم والذي هو عبارة عن وجبات من المعكرونة، كما أن الحليب المقدم للأطفال هو إما منتهي الصلاحية أو على وشك الانتهاء.


ولا تخلو المخيمات على الجزيرة من المشاكل والمشاحنات اليومية بين اللاجئين والتي تصل إلى حد الاعتداء بالضرب، وخصوصاً بين اللاجئين الذين قدموا من بلدان مختلفة كأفغانستان والباكستان ودول شمال إفريقيا. فيما لا يشكل اللاجئون السوريون أكثر من 10% من مجموع اللاجئين على الجزيرة.

واستطرد أحمد آخذاً نفساً عميقاً، ليتابع حديثه قائلاً: "مع كل تلك المآسي على الجزر اليونانية ما يزال السوريون يحاولون الوصول إليها قادمين من السواحل التركية، فقد وصل قبل أيام ثلاثة (بلمات) تقل عشرات اللاجئين إلى جزيرة كيوس وما يجاورها من الجزر، على أمل منحهم حق اللجوء في اليونان والحصول على الإقامة والمغادرة إلى إحدى الدول الأوروبية عبر مطار أثينا، كآخر فرصة للوصول للحلم الأوروبي الموعود بعد الاتفاق التركي مع الاتحاد الأوروبي على وقف تدفق اللاجئين إلى دول الاتحاد".


ترك تعليق

التعليق