إيجارات بعض الشقق في اعزاز تفوق اسطنبول.. لماذا؟


معاناة جديدة يفرضها الواقع المرير في مدينة اعزاز السورية التي تضم نحو 120 ألف نسمة، نصفهم من النازحين إضافة إلى أكثر من 150 ألفاً في المخيمات المحيطة بالمدينة، وذلك بسبب ارتفاع الإيجارات والمواد الأساسية المختلفة.

ويعتبر الحصول على منزل  للإيجار في اعزاز مهمة صعبة وكثيرة التكاليف، حيث تشهد المدينة وبشكل تدريجي ارتفاعاً مستمراً بأسعار إيجار المنازل والمحال التجارية، حيث وصل سعر إيجار الشقة غرفتين إلى 150 دولار، وثلاث غرف وصل إلى 250 دولار، أي ما يعادل 900 ليرة تركية، وهو ضعف إيجار منزل في مدينة اسطنبول التركية، أما المحال التجارية فوصل إيجارها إلى 250 دولار للمحل.

ويأتي هذا الارتفاع الكبير نتيجة تدفق النازحين بشكل كبير من المناطق السورية، واستغلال أصحاب المنازل حاجة النازحين للسكن بعد تقطع السبل بهم والبحث عن ملاذ آمن.

ويقوم على إدارة شؤون المدينة مجلس محلي وبلدية ومحكمة شرعية، يقومون بتقديم بعض الخدمات وسن القوانين لكن هذا الدور غير مؤثر غالباً لأسباب خارجة عن إمكاناتهم.

ويسود استياء كبير من قبل المستأجرين بسبب ظاهرة ارتفاع إيجار الشقق السكنية والمحال التجارية بشكل غير مسبوق. "عبد الوهاب"، مستأجر لشقة ثلاث غرف بـ 250 دولار شهرياً، يقول لـ "اقتصاد": "يعاني النازحون المقيمون في اعزاز من ارتفاع مستمر بإيجار المنازل فكل عقد جديد يتبعه سعر جديد. هذه الأسعار لا تتناسب مع الوضع المعيشي للنازح حيث يُضاف إليها تكاليف الكهرباء والمياه وهي ليست بالرقم السهل أيضاً، فالمعيشة في اعزاز أصبحت تفوق ضعف المعيشة في أي مدينة تركية".

ونتيجة للارتفاع المستمر في أسعار شقق الإيجار وقلة العرض أصبح الحصول على مسكن بمواصفات جيدة  تتناسب مع دخل الفرد المحدود، أمراً صعباً, ما اضطر أغلب الباحثين عن سكن إلى اللجوء لاستئجار شقق غير صالحة للسكن، بحسب وصف "عبد الوهاب".

وتعد مدينة اعزاز من المناطق الآمنة في الشمال السوري، وذلك منذ عدة شهور، بعد تشكيل قوات درع الفرات المدعومة تركياً، والتي تمكنت من طرد تنظيم الدولة من الريف الشمالي والشرقي لحلب، والذي كان يشكل أكبر تهديد للمدينة بعد أن وصل إلى نحو 4 كم منها، في بداية صيف 2016.

ارتفاع أسعار الإيجار سببه قلة العرض واستغلال وتحكم المؤجر

يقول المهندس، أحمد الحسين، عضو لجنة إعادة الاستقرار، عن هذا الموضوع، إن "هناك بعض العوامل التي أدت إلى ارتفاع أسعار إيجار الشقق السكنية في اعزاز، منها النزوح المستمر إليها من المناطق السورية والعراقية ووجود فرص عمل لأصحاب المهن بالإضافة إلى توقف الحركة العمرانية نتيجة الظروف الأمنية مثل القصف من قبل قوات النظام قبل عام وتقدم تنظيم الدولة من المدينة"

و"لجنة إعادة الاستقرار"، تتبع لمجلس محافظة حلب الحرة، ومهمتها تقديم دعم للمناطق المحررة من تنظيم الدولة والنظام بهدف تحقيق الاستقرار.

وأضاف الحسين: "كما عقّد المشكلة قلة الخدمات والمرافق في الأرياف والقرى المجاورة من مدارس ومشافي، وتفاوت الدخل بسبب نشاط المنظمات العاملة في المجال الإغاثي والخدمي، والتي تتواجد في  المدينة، والتي يدفع موظفوها أجوراً مرتفعة. كل تلك الأسباب أدت إلى تجمع الناس في اعزاز".

وعن الحلول لهذه الظاهرة، أشار الحسين: "يجب أن يكون هناك رادع ديني وأخلاقي للمالك وأصحاب العقار لأن حل أزمة ارتفاع إيجار الشقق بيدهم، فضلاً عن أهمية وجود رقابة من الجهات المختصة من مجلس محلي ومحكمة شرعية، على هذه الجهات أن تقوم بمعاقبتهم".

وأضاف قائلاً: "كما يجب تأمين مواصلات لنقل الطلاب والموظفين إلى قراهم والاهتمام بالخدمات في الأرياف المجاورة وتحسين شبكة الطرق بين اعزاز والمدن المجاورة بالإضافة إلى ضرورة نقل مقار المنظمات إلى المدن المجاورة".

وأردف الحسين قائلاً: "كما يجب على المحاكم والمجالس المحلية فرض قوانين تحدد الأجور حسب الموقع والطابق وعدد الغرف وعلى الرغم من ذلك هناك العديد من الحالات التي اضطرت إلى الرضوخ لرغبة المؤجر برفع قيمة الإيجار، خوفاً من الطرد، عند انتهاء فترة العقد، مع قيام المؤجرين بكتابة عقود لا تتجاوز مدة ستة شهور، كي يتمكنوا من فرض رفع آخر لقيمة الإيجار، مع التهديد بالطرد".


حركة عمرانية تشهدها المدينة 

واستطرد الحسين بنفس الصدد: "بعد الاستقرار الأمني في المدينة وزيادة الطلب  تشهد المدينة في الآونة الأخيرة حركة عمرانية في كافة اتجاهاتها، ومن المتوقع أن تساهم في الحد من ارتفاع إيجار العقارات في المدينة وهذا يتطلب وقتاً، كون تشيد الأبنية وجاهزيتها يحتاج إلى وقت".

وبيّن الحسين أن عودة الاستقرار إلى مدينة الباب وبزاعة وقباسين والقرى الأخرى سيساهم أيضاً في تخفيف الضغط السكاني عن مدينة اعزاز وهذا أحد أهم العوامل التي ستساعد على قلة الطلب على إيجار العقارات مستقبلاً.

ترك تعليق

التعليق