طرطوس.. الاقتصاد "مؤنث" وسط ندرة الرجال
- بواسطة طارق حاج بكري – خاص - اقتصاد --
- 24 آذار 2017 --
- 0 تعليقات
تزداد أوضاع النساء في محافظة طرطوس سوءاً مع التناقص المستمر في أعداد الرجال والشباب بالمحافظة، مما اضطر عدداً كبيراً من النساء إلى العمل بمهن كانت حكراً على الرجال سواء في العمل الحر أو في وظائف الدولة.
خيم على الطرقات
أصبح من الطبيعي أن تشاهد على الطرقات العامة خيمة من قصب أو بلاستيك على شكل استراحة صغيرة، يتم بيع الشاي والقهوة فيها وبعض المواد الاستهلاكية الخفيفة مما يحتاجه المسافرون، مثل البسكويت وأكياس البطاطا والمياه المعلبة، أو بيع فطائر المحمرة والزعتر، ويقوم على الخدمة فيها فتيات ونساء من مختلف الأعمار.
رصد الناشط الإعلامي "مصطفى البانياسي" عدداً كبيراً من هذه الخيم وخصوصاً على الطريق الدولي بين مدينتي طرطوس واللاذقية.
أكد البانياسي لـ "اقتصاد"أن الحاجة تدفع النساء للتناوب على العمل ضمن هذه الاستراحات لفترات طويلة من الصباح وحتى ساعة متأخرة من الليل.
وأضاف "يوجد عدد من هذه الاستراحات يتواصل العمل فيها بدون انقطاع مع اضطرار العاملات إلى المبيت ضمن الخيم".
العمل من أجل لقمة العيش
هذا واضطرت نساء إلى العمل في أعمال غير لائقة كجمع القطع البلاستيكية والكرتون والقطع المعدنية من الشوارع والأحياء، وحتى من الحاويات من أجل تأمين لقمة العيش لأسرها التي فقدت معيلها "إما بسبب الهجرة هرباً من الالتحاق بقوات نظام الأسد أو هرباً من الملاحقات الأمنية أو نتيجة الموت في جبهات القتال"، وعدم صرف تعويضات ورواتب الوفاة لهم على قلتها وعدم كفايتها على كل حال لتأمين حياة كريمة.
كما اضطرت معظم النساء في القرى والجبال إلى التوجه للعمل بالرعي وأعمال الزراعة الشاقة، من حراثة الأراضي وجني المحاصيل وتسويقها وحتى قيادة الجرارات الزراعية.
في حين تحملت النساء أعباء تربية الحيوانات الأليفة من الطيور للاستغناء عن اللحوم الجاهزة والبيض، وحتى لبيع الفائض من الإنتاج تخفيفاً للأعباء المادية نتيجة ارتفاع الأسعار وعدم تناسب الدخل مع الحاجات الاستهلاكية، بالإضافة إلى تربية الأبقار والماشية.
العمل لحفظ الكرامة
شكت زوجة المعتقل أبو خالد من مدينة بانياس لمصطفى البانياسي معاناتها بعد اعتقال زوجها واضطرارها للعمل في البيت البلاستيكي الذي تملكه الأسرة والقيام بكل الأعباء والأعمال المجهدة التي كانت من اختصاص زوجها.
وأضافت "الحمد لله أنا أعمل في أرضي وبالقرب من منزلي ولن أحتاج أحد ويساعدني والد زوجي بتسويق الإنتاج من الخيار والبندورة والكوسا وأنا راضية عما أقوم به من عمل حفظاً لكرامتي وكرامة أبنائي وزوجي المعتقل".
الوظائف للنساء الأكثر حظاً
بينما وجدت النساء الأكثر حظاً وجمالاً أو قريبات المسؤولين فرصاً للعمل في دوائر الدولة، نتيجة إرسال الموظفين من الذكور إلى الجبهات للالتحاق بقوات الأسد المنتشرة في مناطق سيطرته.
وأكد البانياسي لـ "اقتصاد" أن نسبة النساء في دوائر الدولة في محافظة طرطوس تتجاوز الـ 80% من مجموع العاملين. بينما لا تجد في الدوائر الرسمية ذكوراً إلا من كبار السن أو المعفيين من الخدمة العسكرية بسبب المرض أو العاهة.
وتشمل الأعمال الوظيفية التي تمارسها النساء تلك الأعمال التي كانت مخصصة للرجال، مثل العمل في الورشات الميكانيكية وقراءة عدادات الكهرباء والماء والعمل في ورشات الصيانة وتنظيف الحدائق.
وعلى الرغم من أن هذه الأعمال لا تليق بالمرأة إلا أن طلبات التوظيف عليها في ازدياد لأنها لا تحتاج إلى شهادات علمية بينما صاحبات الشهادات، "إن أردن العمل بشهاداتهن"، لا تجدن شاغراً إلا من كانت ذات حظ عظيم.
التعليق