الهروب إلى إدلب.. ثلاث قصص حول الفرار من الخدمة في صفوف قوات النظام


لم يعد الخوف من قذائف الهاون أو الاعتقال التعسفي كل ما يخشاه الشاب السوري في هذه الأيام، إذ أن كابوساً آخر ألقى بظلاله على حياة الشباب السوري، بعد أن شددت سلطات النظام قبضتها، ووضعت العديد من الخطط الأمنية ضد الشاب السوري المقيم في مناطق سيطرتها، لإجباره على الالتحاق بـقوات النظام، سواء بصفة الاحتياط أو الخدمة الإلزامية (خدمة العسكرية)، وكل ذلك بهدف زجهم بالصوف الأولى في المناطق الملتهبة.

وهكذا سيطر الخوف على حياة الشباب وخصوصاً بعدما تم اعتقال الكثير منهم في مناطق سيطرة النظام بتهمة الخدمة الإلزامية، فبات الحل الوحيد حيال هذا الخوف مغادرة تلك المناطق، خصوصاً أن عملية تعميم أسماء الشباب على الحواجز العسكرية والأمنية المنتشرة بكثافة، جعل عبور هذه الحواجز، مخاطرة كبيرة بحق حريتهم.

محمد، شاب من ريف منطقة تل منين بريف دمشق، تحدث لنا قائلاً: "لم يكن يوم الثلاثاء في الرابع عشر من شهر آب من السنة الماضية يوماً كباقي الأيام فهو اليوم الأقسى في حياتي، تلقيت فيه برقية من الأمن الجنائي طلب مني فيها الالتحاق بالخدمة العسكرية فوراً عن طريق مراجعة شعبة التجنيد علماً أني مازلت على مقاعد الدراسة فقد كنت في ذلك الوقت في السنة الأولى من فرع الهندسة المعمارية، وأنا الذكر الوحيد في أسرتي".

ويكمل محمد قائلاً: "لم يبق أمامي سوى الخروج من منزلي الواقع في منطقة جبلية قرب منطقة (تل منين) بريف دمشق، هرباً إلى الريف الإدلبي الذي يخضع لفصائل المعارضة، وكان همي الوحيد الوصول بأمان وكل ما تمنيته هو الخروج بأمان. لا أريد أن أموت مثل الجراد على جبهات القتال المنسية".

ويكمل محمد حديثه: "نسقت أموري وأوراقي مع شخص هناك، هو سائق لأحد الحافلات المتجهة إلى إدلب. كنت أدفع المال للعناصر المتواجدة على الحواجز المنتشرة على الطريق من منطقتي وصولاً إلى إدلب".

أما أحمد وهو إدلبي الأصل، مقيم في منطقة معربة بريف دمشق، قال: "إن الخوف الأكبر يكمن في حملات الاعتقال التي باتت برنامجاً يومياً للمحلات التجارية والأسواق ليكون مصير الشباب بعدها ما بين المعتقل أو الزج في أتون المعارك".

فكان أحمد من بين هؤلاء المعتقلين. تم اعتقاله من محله القريب من مزرعته قرب البحوث العلمية (محل لتصليح السيارات مكنيك)، الذي طالما حلم بتوسيعه.

وأما عن طريقة معاملته داخل المعتقل فيضيف شارحا: "كنت أتعرض للتعذيب كل يوم من الصباح وحتى المساء، وذلك بحجة أنهم يقومون بإعدادي وتدريبي لخدمة العلم. بقيت معتقلاً خمسة عشر يوماً، ليتم بعدها إرسالي إلى مكان محدد لرؤية أهلي قبل اصطحابي إلى مكان خدمتي. وبحيلة صغيرة استطعت الهروب".

ويكمل أحمد: "بلغت تكلفة وصولي إلى ريف إدلب بعد فراري من الاعتقال، ما يقارب 150 ألف ليرة سورية، كرشاوي لعناصر الشبيحة والأمن المتواجدين على الحواجز".

أما عمار، وهو شاب من مدينة حماة يقول: "بعد وصول بلاغ من مختار الحي الذي أقطنه لي باستدعائي للخدمة في قوات الاحتياط، بدأ الخوف يقلقني على نفسي، وعلى زوجتي وأطفالي الثلاثة".

وأكمل عمار: "بدأت أرى في ذهابي إلى الخدمة الاحتياطية بمثابة رحلة إلى الجحيم، واضطررت لبيع حلي زوجتي لكي أهرب من ملاحقة مخابرات الأسد، ووصلت لإدلب بعد شراء عناصر حواجز الأسد القائمة في الطريق، بمبلغ حوالي 600 دولار أمريكي".

ما زال كابوس الخدمة العسكرية يطارد الشبان في سوريا، وأحلام الكثيرين منهم في الاستقرار وتأسيس أسرة وإيجاد فرصة عمل، بدأت تتلاشى. وبين التخفي والهروب من منطقة إلى أخرى، يتوقف الزمن.

ترك تعليق

التعليق