تجارة المواد الإغاثية في إدلب.. تفاصيلها، طريقتها، وخفايا أخرى


لا يتذكر إبراهيم التاريخ الفعلي لبداية تجارة المواد الإغاثية في محافظة إدلب لكنه يقول إنها بدأت منذ توافد المنظمات الإنسانية بالعشرات إلى المنطقة حيث بدأ الأهالي ببيع ما يزيد عن حاجتهم من مواد غذائية وتوابعها. ومع الزمن صار الأمر عبارة عن مهنة رائجة يعمل فيها المئات من أهالي المنطقة.

وأضاف إبراهيم متحدثاً أمام متجره في إحدى بلدات ريف إدلب، "أنا أعمل في هذه المهنة منذ أكثر من سنة إضافة لكوني مقاتل أتبع لأحد فصائل المنطقة. هذه وسيلتي للعيش".


توقفت سيارة قادمة من بلدة أريحا وعرض صاحبها حمولة من العدس الأحمر تقدر بـ 350 كيلوغراماً بسعر أرخص من سعر السوق بقرابة 25 بالمائة. قال "إبراهيم" وهو ينزل الحمولة، "المبدأ الذي تقوم عليه هذه التجارة بسيط للغاية. تأتي المنظمات الإنسانية وتوزع معوناتها للمحتاجين. وهؤلاء بدورهم يبيعونها للتجار وهكذا". وتابع: "أحياناً تتداول السلعة العديد من الأيدي ريثما تصل إلى أحد التجار الكبار في المنطقة".

في الأثناء أتى أحد النازحين من خان الشيح عارضاً سلة أدوات مطبخ للبيع. اشتراها إبراهيم بـ 4500 ليرة مع أن سعرها لو بيعت في متجر عادي يبلغ الضعف. علق إبراهيم قائلاً: "الربح يكون معقولاً. كيلو العدس اشتريته بـ 145 ليرة وسأبيعه بـ 160 ليرة. لو سألت جميع من في السوق ما وجدت مثل هذا السعر أبداً".


غير مخصص للبيع

يبيع الأهالي سائر المواد الغذائية من سكر وبرغل و معكرونة ومعلبات. إضافة لأدوات المطبخ والتدفئة والمنظفات. بالنسبة لكثير من الاحتياجات التي تستخدم في التدفئة يزداد سعرها شتاء وتهبط مع قدوم الصيف.

وعادة ما تقل أسعار هذه البضائع عن سعر البضائع النظامية بضعف أو أكثر. إضافة إلى أنه لا يوجد ضابط للأسعار.


السيد مؤيد شاكر من جمعية "كلنا سوا" العاملة في إدلب، أوضح لـ "اقتصاد" أن التجار يشتكون دائماً من قلة الربح بسبب تجارة المواد الغذائية التي أضحت تنافس البضائع المستوردة من تركيا وتلك القادمة من مناطق النظام.

وأضاف "شاكر" أن كل شيء من هذه المواد قابل للبيع حتى تلك التي كتب عليها "غير مخصص للبيع".

وتابع حول المصير النهائي للمواد الغذائية بعد تداولها بين التجار، "بعضها يباع للناس الذين يحتاجونها ويقبلون عليها لرخص أثمانها. والبعض الآخر يباع للجمعيات والمنظمات الإغاثية لإعادة تكوين سلة غذائية وصحية. ومنها ما يُفرغ ويذهب إلى المنطقة الشرقية التي يسيطر عليها تنظيم الدولة أو إلى أماكن سيطرة النظام".

بحسب "شاكر" ترغب المنظمات في شراء المواد الإغاثية كونها أرخص ثمناً، "بثمن سلة ممكن يعملو 3 سلل وهذا ما يجعلهم يوزعون أكثر".


أصحاب المخيمات

أشار "مؤيد شاكر" إلى أنه يمكن تقسيم بائعي المواد الإغاثية إلى قسمين، "الأول محتاج يبيع ليأخذ ثمنها ليشتري حوائج أخرى لا توزعها المنظمات. والثاني يبيعها لمجرد التجارة وجني المال".

ونعى "شاكر" على قرابة 60 بالمائة ممن يقطنون المخيمات شمالي إدلب كونهم هم السبب الأساسي في هذه التجارة.

ودائماً يتقاضى سكان المخيمات حصصاً شهرية متنوعة. لكن محدثنا ألمح إلى أنه "لا داعي لوجود هؤلاء داخل المخيمات لأن قراهم موجودة ومنازلهم موجودة"، مؤكداً أنهم "اختاروا البقاء الذي يشكل نصف تجارة هذه المواد حيث يبيع معظمهم ما يحصلون عليه من مساعدات"، على حد قوله.


ترك تعليق

التعليق