ماذا تبقى من أسطول سيارات شحن "الرستن"؟، وأين وكيف يعمل اليوم؟


قبل العام 2011، دفعت الأرباح المعقولة التي كانت تدرها سيارات الشحن أكثر من 30% من سكان مدينة الرستن إلى شراء السيارات وإنشاء شركات للنقل. ففي مدينة الرستن لوحدها تجاوز عدد شركات النقل 6 شركات وتجاوز عدد السيارات الـ  3000 سيارة لتحتل المرتبة الثانية في عدد السيارات بعد محافظة حلب، مما أجبر المحافظة في حمص على إنشاء كراج خاص بسيارات الشحن تجاوزت مساحته الـ  20 كم مربع في مدخل المدينة.

ومع اندلاع الثورة وحصار المدينة لعدة مرات عمدت قوات النظام إلى تدمير هذا الأسطول من سيارات الشحن، واعتقال السائقين، ومصادرة السيارات، مما جعل العمل عليها أمراً في غاية الصعوبة والخطورة.

مخاطرة كبيرة

وفضّل أصحاب سيارات الشحن في الرستن أن تتآكل سياراتهم تحت أشعة الشمس على أن تقوم قوات النظام بمصادرتها واعتقال سائقيها.


أبو سامر، يملك 3 سيارات شحن، قال لـ"اقتصاد": "من الجنون اطلاق سيارة للعمل في هكذا وضع. اليوم ثمن السيارة لا يقل عن 15000 دولار أميركي، ويستطيع أي فرع أو أي شبيح مصادرتها إلى غير رجعة. فأنا أفضل أن يأكلها الصدأ على أن تُصادر وتضيع".

وبعد 6 سنين من الحرب وعدم توفر فرص العمل البديلة لسائقي سيارات الشحن، دفع ذلك بعضهم إلى بيع سياراتهم بالقطعة، فاليوم يبيع إحدى الدواليب، وفي يوم آخر يبيع إحدى المحاور.

 أبو ثائر، سائق من مدينة تلبيسة، قال لـ"اقتصاد": "لقد بعت سيارتي قطعاً دون أن أشعر. فأنا بلا عمل منذ 5 سنوات. أبيع قطعة من السيارة، وأطعم أطفالي".
 

الصعوبات الأمنية

بعد انتشار الحواجز على جميع الطرقات وفرضهم ضرائب عبور على السائقين عمد التجار إلى استحداث "الترفيق"، وهو عبارة عن ثلاث سيارات تابعة لأحد أفرع الأمن مقابل مبلغ يدفعه التاجر إلى رئيس الفرع، تقوم بمرافقة القافلة لتقطع حواجز النظام بأمان حتى تصل وجهتها.

لكن المشكلة تكمن في طريق العودة فبعد أن تتم سيارات الترفيق مهمتها تترك القافلة عرضة للحواجز والشبيحة.

 أبو خليل، أحد السائقين تحدث لـ"اقتصاد": "بعد أن يتركنا الترفيق تقوم حواجز النظام بأخذنا إلى السخرة فيصعد أحد عساكر الحاجز مع السائق ويذهبون إلى إحدى الثكنات العسكرية ويحملون السيارة بالقذائف والمعدات العسكرية ويجبر السائق على نقلها إلى إحدى الجبهات، وكل ذلك بلا أجر، ناهيك عن خطورة استهداف السيارة من قوات المعارضة".

وقد أمّن مكتب الأمم المتحدة في دمشق وفروع الهلال الأحمر في المحافظات السورية فرصاً لا بأس بها لسائقي سيارات الشحن لنقل مواد الإغاثة إلى مراكز التوزيع.


حلول بديلة

وقد عمد كثير من سائقي الريف الشمالي للتوجه إلى مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في الشمال السوري وإلى مناطق سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" خصيصاً، لما وجدوه من فرص عمل مغرية، تحديداً، بعد دخول التنظيم إلى العراق وإلغاء الحدود بين سوريا والعراق.

 "أبو مروان"، سائق من مدينة الرستن، قال لـ"اقتصاد": "بعد أن خرجت من المعتقل لم يعد أمامي فرص للعمل إلا في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. ولا وجود للعمل المُغري إلا في مناطق سيطرة تنظيم الدولة، رغم خطورة العمل بسبب استهداف طائرات التحالف لنا، إلا أن الأجور مغرية جداً، فمن الممكن أن تجمع ثمن سيارة شحن خلال أقل من سنة".

وتقول إحصائيات أن الريف الشمالي لحمص قد خسر أكثر من 147 سيارة شحن منها 36 دمرها النظام خلال السنوات الست الماضية، ومنها دمرها طيران التحالف في مناطق سيطرة تنظيم الدولة، وأخرى صادرتها قوى الأمن والشبيحة.

ترك تعليق

التعليق