كرتونة "الأونروا".. رمز استمرار حياة اللاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق، باتت من الماضي


تعيش اللاجئة الفلسطينية "أم أحمد" وأطفالها الأيتام في بلدة "يلدا" أوضاعاً سيئة للغاية بعد انقطاع مساعدات وكالة الغوث "الاونروا" منذ تسعة أشهر، حيث تروي أم أحمد لـ "اقتصاد" تفاصيل معاناتها، "منذ تسعة أشهر أعيش أنا وأطفالي الأربعة حياة تقشف ونكتفي بالأساسيات الضرورية فقط. كنت أعتمد بشكل كامل على كرتونة الاونروا والتي تحتوي مواد غذائية، حبوب وسكر وحليب مجفف وزيت، نستهلك قسم منها وأبيع قسم آخر لتأمين القليل من المال، أما الآن فأوضاعنا سيئة للغاية وهي من تتجه للأسوأ. لا أدري إلى متى يمكنني الصمود وتحمل هذا الواقع فلا مورد مالي ولا مساعدات غذائية، وأنا أشتري من السوق، فهذا صعب للغاية فلا مال لدي أصلاً والأسعار مرتفعة، كيلو السكر يبلغ سعره 425 ليرة سوري، والرز الوسط 300 ليرة سوري، مصروف العائلة اليومي في ظل هذا التقشف يبلغ قرابة 1000 ليرة سوري، وهي ثمن ربطة خبز وبعض الخضار ومياه للشرب".

  هذا حال "أم أحمد"، وهو حال يشابه أحوال باقي الأسر الفلسطينية في جنوب دمشق.

 تعتبر كرتونة الاونروا شريان الحياة للاجئين الفلسطينيين المحاصرين في جنوب العاصمة. فالكرتونة تحولت رمزاً لاستمرار الحياة في المخيم، خاصة بعد وفاة قرابة 187 لاجئاً فلسطينياً، بسبب الحصار الخانق الذي فرضه النظام على مخيم اليرموك والأحياء الجنوبية المجاورة في حملة أطلق عليها آنذاك "جوع حتى الركوع".
 
وكانت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين "اونروا"، أوقفت إدخال قوافل المساعدات الغذائية للاجئين الفلسطينيين المحاصرون في جنوب العاصمة دمشق في حزيران 2016 لأسباب مجهولة الأمر الذي أدى لتدهور الأوضاع المعيشية للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق خاصة مع انعدام فرص العمل وانعدام الدخل لمعظم العائلات الفلسطينية في المنطقة  والمقدر عددهم 13000 نسمة، يقطنون في مخيم اليرموك وبلدات يلدا وببيلا ويعتمدون في معيشتهم على ما تقدمه وكالة الاونروا من معونات غذائية ومالية.

من جانبهم، يشتكي فلسطينيو جنوب دمشق من إهمال وكالة الغوث لهم والتي من المفترض أن ترعى شؤون اللاجئين الفلسطينيين وبخاصة القاطنين منهم في مناطق محاصرة. ولا يقتصر الأمر على المساعدات الغذائية بل الصحية والتعليمية، فيما أفاد المكتب الإعلامي للهيئة الأهلية الفلسطينية، وهي الجهة الممثلة للحالة المدنية الفلسطينية في جنوب دمشق، لـ "اقتصاد" بأن "انقطاع السلة الغذائية منذ أكثر من تسعة أشهر وانقطاع الخبز عن أهالي المخيم منذ شهرين أدى لتدهور الوضع المعاشي للاجئين الفلسطينيين. أيضاً توقف الحملات الطبية أدى لانتشار الأوبئة والأمراض داخل المخيم لانعدام اللقاحات الخاصة بالأطفال وقلة دخول الأدوية الخاصة بمرضى القلب والضغط والسكري".

وأضاف المكتب الإعلامي للهيئة الأهلية الفلسطينية في إفادته لـ "اقتصاد": "لدينا في إحصائياتنا 190 من كبار السن وما يقارب من 650 طفلاً رضيعاً وهم بحاجة للقاحات وحليب الأطفال والرعاية الصحية وقد توفي ثلاثة أطفال رضع في الأيام الماضية نتيجة انعدام الرعاية الطبية وعدم السماح للاجئين الفلسطينيين بالخروج من جنوب دمشق".

الشيخ أحمد الناصري من أهالي مخيم اليرموك، يقول لـ "اقتصاد": "لا أدري هل هو تقصير متعمد، وأن الاونروا باتت جزءاً من مشاريع الضغط على اللاجئين الفلسطينيين لتهجيرهم وإفراغ مخيماتهم. لا يوجد أي سبب مقنع لتوقف الوكالة عن إدخال المساعدات. لقد قدمت الفصائل العسكرية ضمانات بحماية القوافل وتأمين فريق الاونروا لكن ها نحن ندخل الشهر التاسع والاونروا تهمل أكثر من 13000 فلسطيني في جنوب دمشق وتقطع عنهم المعونات الغذائية والطبية حتى لقاحات الأطفال. أحمّل الاونروا المسؤولية الكاملة عن تردي الوضع الإنساني لأبناء الشعب الفلسطيني في جنوب دمشق".

وفي محاولة للفت الأنظار لمعاناتهم نظّم عدد من اللاجئين الفلسطينيين في بلدة يلدا اعتصام الغضب الأول ووجهوا نداء استغاثة إلى الاونروا والأمم المتحدة مطالبين بإدخال المساعدات الإنسانية لهم والسماح بإخراج المرضى من المنطقة لتلقي العلاج والرعاية الصحية لإنقاذهم من معاناتهم التي تزداد يوماً بعد يوم.

ترك تعليق

التعليق