ينخرطون في مهن الرجال.. "اقتصاد" يرصد ثلاث قصص لعمالة الأطفال في سوريا


أجبرتهم الظروف القاسية على التوقف عن اللعب فتخلوا عن طفولتهم سعياً وراء ما يبقيهم على قيد الحياة، مارسوا أعمال الكبار بأجساد صغيرة، داهمت الحياة القاسية طفولتهم المدللة حتى أصبحوا أطفال شقاء وحرمان، وتحت ظروف عائلية وأسرية صعبة تركوا المدارس وانطلقوا نحو ورش الرخام والمحاجر وتصليح السيارات والجرارات.

هناك لم يجد الأطفال من يرحم طفولتهم أو يشفق عليهم ولابد للأطفال أن يدفعوا الكثير من حريتهم وكرامتهم مقابل ما يقيهم برد الشتاء وحرارة الصيف.

فمع دخول الثورة السورية عامها السادس على التوالي ازدادت ظاهرة عمالة الأطفال وتشغيلهم وفي الكثير من المجالات وخاصة أن الكثير منهم فقدوا ذويهم أو تشردوا، بيد أن هذه الأعمال لا تتناسب مع أعمارهم إلا أن يجدون أنفسهم مجبرين على العمل وأحياناً لساعات طويلة لا يصبر عليها إلا الرجال كالحدادة وتصليح السيارات وغيرها الكثير.

محمد، ابن الـ 13 ربيعاً، هو أحد الأطفال الذين يعملون ولساعات طويلة في تصليح الدراجات النارية بعد أن توفي والده في إحدى الغارات الجوية على قريته حاس، الواقعة بريف إدلب الجنوبي، يخبر "اقتصاد": "استشهد والدي تاركاً أربع أخوة بنات، وأنا الأخ الأكبر والمعيل الوحيد لهن، تركت دراستي بعد أن كنت في المرتبة الأولى في صفي".

وأضاف محمد: "أنا أخرج من المنزل في كل صباح باكراً إلى المكان الذي أعمل فيه، هناك أقوم بتصليح المواتير (الدراجات النارية) مثل تغير الدواليب وإضافة القطع بعد فكها، صحيح أنني أحصل على مبلغ يسير يومياً ولكنه أفضل لي من انتظار شفقة أحد بحقي وحق أخواتي".


من جهته، يوسف ابن الـ 14 ربيعاً، يروي قصته لـ "اقتصاد": "بعد اعتقال مخابرات الأسد لوالدي منذ 3 سنوات بدأت العمل لإعالة عائلتي، آتي كل صباح إلى مدينة كفرنبل للعمل في محل لتصليح الجرارات ووسائل النقل الكبيرة والمولدات الكهربائية، لأعود في وقت متأخر إلى منزلي في القرية المجاورة وقد غطا زيت السيارات ملامح وجهي البريء، كما تقول لي والدتي".


وأضاف يوسف: "أول ما بدأت بالعمل كنت أذهب إلى المدرسة صباحاً وأعمل في المساء ولكن لم يعد هذا يجدي فأصبحت أعمل طوال النهار فمصروف المنزل كبير وكل شيء في غلاء مستمر بالإضافة إلى أن المدرسة لا تدقق على الدوام فتركت المدرسة".

أما حال أحمد ذي الـ 15ربيعاً، فيختلف قليلاً عن حال محمد ويوسف، ولكنه يصب في بوتقة واحدة، فأحمد، والده موجود معه ومع أسرته ويعمل في إعمار المنازل، ولكن ارتفاع الأسعار وتدني مستوى المعيشة أجبرت أحمد على الذهاب مع أبيه للعمل في هذا المجال المرهق.


يقول أحمد: "نحن كثيرون في المنزل فلدي أربع أخوة بنات وخمس أخوة صبيان، لهذا اضطريت إلى ترك المدرسة لمساعدة أبي في مصروف المنزل، أذهب معه أينما ذهب وأقوم بمناولته الاسمنت والحجارة وكل ما يحتاج إليه أثناء البناء".

وأضاف أحمد: "صحيح أن المدرسة كانت هي الأفضل لي والعمل شاق جداً، لكن العمل بات المتطلب الأكثر حاجةً لي كي نستطيع العيش في هذه الظروف التي حرمتنا كل شيء".

ظروف قاسية أفقدت الأطفال في سوريا معاني الفرح وطغى واقع الحرب عليهم، فبالكاد حديث يدور بين من هم مازالوا يلعبون إلا وفيه مفردات الحرب والخوف، فمنهم من يصنع من الخشب "بارودة"، ومنهم من يصنع "رشاش" بهدف التسلية.

ترك تعليق

التعليق