التضامن.. من وحي ذكريات "أكل القطط"


من المستحل لحذيفة نسيان الذكريات القاسية التي عاشها في حي التضامن بدمشق منذ بدء الحملة العسكرية على الحي في 2012 وحتى اللحظة الراهنة التي تقتسم فيها قوى تتبع للنظام وللمعارضة ولتنظيم الدولة، حصصاً متفاوتة من الحي المغيب إعلامياً.

تمر الذكريات في رأس الناشط "حذيفة"، كشريط السينما، "كان جامع علي بن أبي طالب الواقع في منطقة سليخة بالحي هو أول مسجد تخرج منه المظاهرات التي طالبت بإسقاط النظام في 2011"، يتحدث "حذيفة" رافداً كلامه بصورة تظهر مسجداً مدمراً وحوله ركام هائل من جميع الاتجاهات، "هذا ما تبقى من المسجد ومن منطقة سليخة التي دمرت بالكامل في 2012 نتيجة تلغيم الأبنية وتفجيرها من قبل قوات النظام".


العام الثاني من الثورة شهد تحرير حي التضامن من قوات النظام. في المقابل رد الأخير بحملة عسكرية أحكمت الطوق حول الحي ما أدى إلى وقوع مئات المدنيين والمقاتلين تحت الحصار. ومع أن معظم الأحياء التي تقع جنوبي دمشق هادنت النظام إلا أن التضامن بقي صامداً على الرغم من القصف والحصار الذي لا يطاق.

على امتداد شارع دعبول بمنطقة سليخة لا يمكن أن ترى بناء واحداً قائماً. الشارع يعتبر الخط الفاصل بين منطقة سيطرة النظام والجزء الذي يسيطر عليه الثوار وتنظيم الدولة من حي التضامن.

وقال "حذيفة" الذي صوّر الدمار الكبير في هذه المنطقة، "لا أحد يستطيع الاقتراب نحو الشارع بسبب قنصه من قبل قوات النظام المتواجدة في شارع نسرين والمناطق المحيطة".


ذكريات أليمة جداً

نهاية 2012 كان بداية معاناة طويلة لا ينساها من شهدها من أبناء حي التضامن. يقول "حذيفة" إن الحصار أدى لندرة الغذاء والدواء وجميع وسائل الحياة، ويردف قائلاً: "هنالك مشهد لا يغيب عن مخيلتي على الإطلاق.. كنت في تلك الفترة أعمل على توثيق انتهاكات النظام في ظل القصف والحصار والجوع. في إحدى المرات اضطررنا لتناول لحم القطط. كان صديقي يذبح إحدى القطط وأنا أصوره لكنه لم يتمالك نفسه من البكاء مردداً هذه الكلمات: (يارب اشهد أنو عم ناكل قطط وكل العالم وحتى المسلمين مو حاسين فينا على بعد 200 متر منا عالم عايشة طبيعي ونحنا لأنه قلنا حرية مابدنا النظام مابدنا ظلم الكل عم يتفرج علينا)".

وتابع حذيفة: "بكى صديقي. وأنا لم أتمكن من استكمال التصوير مع أني معروف بالجرأة بين نشطاء الحي وبكيت".

بالنسبة لحذيفة وللعشرات من أبناء حي التضامن هذا مشهد لا ينسى، "حتى اللحظة لا أستطيع نسيان كيف ذبح صديقي القطة وطبخها.. مشكلتي أنني لا أنسى الأشياء سريعاً"، يردد حذيفة بينما يحاول إخفاء شعوره المرير نحو اللحظات القاسية التي عاشها محاصراً في حي لم يهادن ولم يفاوض النظام سوى مرة واحدة حيث بادل 15 معتقلاً من ثوار الحي بجثة متعفنة لنظام بشار الأسد.


ترك تعليق

التعليق